سلطة الكورونا تخطّط لتخريب الثورة

مدة القراءة 5 د


حاول مجهولون فجر أمس السبت، إحراق خيم الثوّار في منطقة جلّ الديب. وبحسب المعلومات التي حصل عليها موقع “أساس” من شادي جبلوط، وهو أحد المتظاهرين الناشطين في المنطقة، فإنّ شخصاً مجهولاً، وخلال محاولته إشعال الخيم ليلاً، تفاجأ بأحد الأشخاص يبيت فيها. ما أحبط المخطط وساهم في الحدّ من الأضرار المادية.

لا يستبعد جبلوط فرضية “استهداف” الثورة، لا سيما وأنّ إحراق الخيم تزامن مع استدعاءات متكرّرة لناشطين، في وقت يخشى اللبنانيون التجمّع بسبب الخوف من انتشار فيروس الكورونا.

إقرأ أيضاً: طرابلس: من يحاول “إعدام” ساحة النور؟

أحداث جلّ الديب جاءت بعد يوم دموي عاشته عروس الثورة، طرابلس، إذ شهدت الساحة جريمة قتل. فقد أقدم الشاب ط. ص. على طعن الشاب أحمد شعبان بسكين في صدره ووركه، بسبب خلاف على “بسطة”. الجريمة تلاها إشكال ثاني تخلّله إطلاق نار من أسلحة حربية.

أحداث طرابلس أعادت إلى الواجهة من جديد النقاش حول فتح ساحة النور، فيما حمّل متظاهرون المسؤولية لما أسموه بـ”الأجهزة الأمنية”.

إبراهيم حيدر، وهو أحد المتظاهرين الناشطين، روى لـ”أساس” واقع الساحة، قائلاً: “منذ فترة أصبحت الساحة ملاذاً لكلّ الزعران. وهذا ما دفع الجميع إلى الانفضاض عنها. فهناك شبه تسهيل أمني لتعاطي المخدّرات وغضّ أنظار أمنية عن التحرّش”.

يتابع ابراهيم كلامه: “منذ أكثر من شهر ونحن نطالب الأجهزة الأمنية بأخذ دورها، فالساحة هي للناس وليست للمخدرات، ولكن لم نلقَ تواجباً ما أدّى إلى تفاقم الزعرانات، وتحوّلت المسألة إلى صراع نفوذ، تحت مبدأ “بيّي أقوى من بيّك”، بين تابعين لأجهزة أمنية مختلفة ومتصارعة أحياناً”.

ابراهيم وغيره من الناشطين، ابتعدوا أمتاراً عن الساحة، واستوطنوا الخيم التي باتت هي وجهة الثورة، فهم لا يريدون – بحسب ابن المدينة – التواجد مع أفراد لديهم أجندات.

لا يتردّد ابراهيم في تحميل “أجهزة أمنية مسؤولية ما يحصل وما يتمّ التحضير له منذ أكثر من أسبوعين، إذ كان هناك نيّة لتشويه صورة هذه الساحة وتحويلها إلى ساحة مخدّرات، غير أنّ النتائج ذهبت أبعد مما توقعوا فكانت دموية”.

“نحن نتعرّض لحصار من قبل السلطة عبر الأجهزة الأمنية”، يقول ابراهيم، متحدّثاً عن مداهمة القوى الأمنية منذ مدّة لمجموعة في الساحة كانوا يتعاطون المخدرات، وتوقيفهم، ليتم بعد ساعات قليلة الإفراج عنهم وإتاحة عودتهم إلى الساحة من جديد، وكأنّ شيئاً لم يكن.

الصراع حول فتح ساحة النور حالياً هو صراع بين 8 آذار و14 آذار، على ما يقول الناشط، فالأولى تريد فتح هذه الساحة المغلقة منذ 17 تشرين الأوّل، والثانية تريد الإبقاء عليها مغلقة.

السلطة دمّرت إمكانية أي رعاية للمرضى ولا بدّ بالتالي من التضامن

للضغط على الساحات فصول عدّة، لا تبدأ من تسييج ساحة رياض الصلح بالباطون والأسلاك والمسامير، ولا تنتهي بإحراق الخيم في صوفر وجل الديب. فهل تسعى السلطة إلى ضرب الساحات وإقفالها تحت ظلال الخوف من “الكورونا”.

“السلطة تستغل أيّ فرصة كي تصفي حساباتها مع الثورة”، بهذه العبارة يبدأ الناشط والكاتب ماهر أبو شقرا حديثه لـ”أساس”، مضيفاً: “اليوم رأينا التواجد الشعبي قد ضعف بعد تشكيل الحكومة لأنّ الناس تميل بطبيعة الحال لإعطاء الحكومة الجديدة بعض الوقت، ورأينا أنّ الوباء قد قلّل من كثافة التحركات. والسلطة تستغلّ هذه الفرصة لإحباط الناس وتصفية الحسابات إما عبر التهديدات أو من خلال الاعتقالات أو إحراق الخيم والترهيب”.

الثورة لم تنتهِ بحسب ماهر، الذي هو من مؤسّسي مجموعة “لحقّي”، فـ”العمل مستمرّ والناس هي التي تصنع الحدث الشعبي، أما المجموعات السياسية والمنظمات فهي تعطي الوجهة السياسية وتقدّم الخطاب السياسي، والعمل بهذا الاتجاه ما زال مستمراً منذ استقالة حكومة الحريري وحتى اليوم”.

أولوية الجهد الآن بحسب ماهر، هي لـ”مواجهة خطر “كورونا”، ومنع امتداد  الفيروس، فالسلطة دمّرت إمكانية أي رعاية للمرضى ولا بدّ بالتالي من التضامن”. ويختم: “العمل الشعبي سيتصاعد بعد كابوس كورونا. فالناس باتت تملك الكثير من المعطيات حول أداء هذه السلطة وهي قادرة على أن تتّخذ موقفاً واضحاً منها”.

في المقابل، فإنّ الناشط وضّاح الصادق، وهو أحد مؤسّسي مجموعة “أنا خطّ أحمر”، يضع إحراق الخيم في جل الديب في إطار الخلاف الفردي، مستبعداً أن يكون هناك مخطّط موّجه ضد الخيم”.

هم لن يمنعوا الناس ولا إصرارهم، ولا دافعهم النابع إن عن قناعة أو عن حاجة، وهذه الحاجة ستتزايد في الأيام المقبلة

“هذا واحد من أسخف الأشياء التي تمارسها السلطة في هذا الظرف”، بهذه العبارة يعلّق المحامي والناشط السياسي في مجموعة “المرصد الشعبي لمكافحة الفساد”، واصف الحركة. ويقول في حديث لـ”أساس” أنّ “محاولة إحراق الخيم في جلّ الديب وما سبقها من إحراق الخيم في صوفر، سخافة لن تؤثّر، لا هي ولا الاستدعاءات القضائية. فالموجة الكبيرة للثورة آتية بعد انتهاء الخوف من الكورونا. وهذه الورقة التي تغطّي عوراتهم ستسقط، وما يتوقعونه سيحدث عكسه تماماً”.

وبحسب الحركة فإنّ السلطة تمسك بورقتها الأخيرة، إلا أنّ “هذه الورقة لن تنفع، فهم لن يمنعوا الناس ولا إصرارهم، ولا دافعهم النابع إن عن قناعة أو عن حاجة، وهذه الحاجة ستتزايد في الأيام المقبلة وبالتالي فإنّ الدافع سيكون أقوى، ما سيؤدّي إلى زيادة وتصاعد الضغط الشعبي بعد انتهاء الأزمة الصحية”.

ويعتبر المحامي الناشط أنّ “ثورة الوعي هي المطلوبة وهذا ما نعمل عليه، والتواصل بين مجموعات الساحات يتم بشكل دائم ومتواصل، والمناطق تعمل على التنظيم وهناك شيء كبير كنا نحضّر له على صعيد المناطق جميعها، إلا أنّ أزمة الكورونا أدّت إلى تأجيله”.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…