لم يعد يؤثّر بي كلّ ما يمرّ من مشاهد قاسية وعنيفة على التلفاز أو على مواقع التواصل الاجتماعي. أمرّ على أعظم خبر مرور الكرام. آخر تلك الأخبار المؤثّرة (بالنسبة للعوامّ) كان خبر الحضانة والحاضنة المتوحّشة، التي أشبعت الأطفال ضرباً ولكعاً وتزقيماً (الإطعام بالقوّة).
ما عدت أتأثّر، ليس لقساوة قلبي أو لحقدي على الأطفال، لا سمح الله. وإنّما لسبب آخر بسيط، فما نشاهده عبر الشاشات “على مُصغّر”، هو نفسه موجود “على مُكبّر”. نحن اللبنانيين كلّنا نعيش في “حضانة كبيرة”. “حضانة منطقة الجدَيدة” على صورة بلد بات بحاجة إلى ختمه بـ”الشمع الأحمر”.
نحن أيضاً نجد من يلكعنا بضربة من هنا أو يدقّنا خازوقاً من هناك. نجد من يلكمنا أو يكمّ أفواهنا لنتوقّف لهنيهة عن الصراخ.
نجد من يشتمنا أيضاً، فإن لم يسبّنا “شوفير” تاكسي “مستعجل” في الصباح، فربّما “أزعر” من هنا أو “فتوّة” من هناك على قارعة الطريق يظنّ نفسه إلهاً يسير في الأرض مرحاً، أو ربّما موكب “مُفيّم” لمسؤول في الدولة معه مرافقون مفتولو العضلات رواتبهم حفنة من الليرات اللبنانية.
نحن اللبنانيين كلّنا نعيش في “حضانة كبيرة”. “حضانة منطقة الجدَيدة” على صورة بلد بات بحاجة إلى ختمه بـ”الشمع الأحمر”
ربّما المهانة تأتي من حكومة تستلّ “تحميلة” وتُدخلها في دُبُرنا على شكل قرار أو رفع تعرفة أو ضريبة، لخفض “حرارة الغضب”.
بدل التحميلة يستخدمون مرّات الحقنة، كتلك التي كانوا يهدّدون بها الصغار لضبط “الشيطنة”، على طريقة “بعملّك إبرة”…. “وِلا ها”، أو “حقنة شرجيّة” خارجية، فرنسية تحديداً، كتلك الحقنة التي حقنت بها السفيرة الفرنسية المدعوّين إلى قصر الصنوبر في عيد بلادها الوطني، بعقار التوبيخ والنهر، بعد تطهير “القفا” بمطهّرات من صنف نبيذ أبيض وأحمر، وقليل من المعجّنات “السواريه”، على وقع الموسيقى الكلاسيكية المفعمة بعبق الصنوبر.
إقرأ أيضاً: آن غريّو: أنا خالي هوّ يلّي بِأكّلهُم!
أمّا “خازوق” النازحين السوريين، الذي دقّه البرلمان الأوروبي في أسفلنا، قبل أيام، فهو الآخر لا يشكو من شيء… ألم يقُلها نزار قباني قبل عقود؟ خازوقٌ دُقَّ بأسـفلِنا… خازوقٌ دُقَّ ولن يُخلع!
فعلاً، لبنان حضانة كبيرة بخوازيق كثيرة!
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب
لمتابعة الكاتب على تويتر: abo_zouheir@