وصف دبلوماسيون غربيون في بيروت إطلاق الصواريخ من الجنوب نحو المستوطنات الإسرائيلية قبل عشرة أيام بأنّه أخطر حادث أمني وعسكري حصل منذ حرب تموز في عام 2006 وصدور القرار 1701.
واعتبر هؤلاء الدبلوماسيون، في أحاديث لـ”أساس”، أنّ ما جرى شكّل تطوّراً خطيراً نظراً إلى العدد الكبير من الصواريخ التي أُطلقت وإصابة إحدى المستوطنات الإسرائيلية وسقوط عدد من الجرحى في صفوف الإسرائيليين، وأنّه لو أدّى إطلاق الصواريخ إلى سقوط قتلى إسرائيليين كان يمكن أن تحصل تطوّرات خطيرة في لبنان والمنطقة.
في خلاصة التقويم الدبلوماسي الغربي لما جرى أنّ إطلاق الصواريخ كان رسالة واضحة ومحدّدة حقّقت أهدافها، وأنّ الهدوء الحالي في الجنوب ليس نهائياً، والأوضاع مفتوحة على كلّ الاحتمالات ربطاً بالتطوّرات في فلسطين والمنطقة، وأنّ على اللبنانيين تحصين الوضع الداخلي والإسراع بالانتخابات الرئاسية كي يكونوا قادرين على مواجهة التطوّرات المقبلة وإلّا فقد يدفع لبنان أثماناً كبيرة للصراعات في المنطقة.
هزالة الردّ الإسرائيلي
بالنسبة إليهم من الواضح أنّ ما جرى شكّل رسالة صريحة من الجهات التي أطلقت الصواريخ بغضّ النظر عمّن تكون، وأنّ كلّ الجهات المعنيّة بالأوضاع في الجنوب، من قوات طوارئ دولية وأطراف إقليمية ودولية، تحرّكت من أجل منع تطوّر الأوضاع نحو صدام كبير بين لبنان وإسرائيل.
وصف دبلوماسيون غربيون في بيروت إطلاق الصواريخ من الجنوب نحو المستوطنات الإسرائيلية قبل عشرة أيام بأنّه أخطر حادث أمني وعسكري حصل منذ حرب تموز في عام 2006 وصدور القرار 1701
يلفت هؤلاء الدبلوماسيون الغربيون إلى أنّ العنصر المهمّ في ما حصل كان الردّ الإسرائيلي العسكري، سواء على صعيد التوقيت أو الحجم أو الاتّهامات التي أطلقتها إسرائيل ضدّ حركة حماس. فالإسرائيليون تأخّروا في الردّ المباشر على لبنان لمدّة 24 ساعة تقريباً، وذلك لدراسة الأوضاع والمخاطر المتوقّعة، وكان الردّ محدوداً وموضعياً لتجنّب الانزلاق نحو مواجهة كبيرة. أمّا توجيه الاتّهام إلى حركة حماس وعدم اتّهام الحزب فقد تكون له دلالات عديدة، ومنها الرغبة في تجنّب المواجهة مع الحزب حالياً لأسباب عدّة.
وأبدى الدبلوماسيون اهتماماً كبيراً بمعرفة حقيقة ما جرى في الجنوب، وطبيعة العلاقات بين الحزب وحركة حماس وبقيّة المجموعات الفلسطينية المقاتلة، والمدى الذي وصلت إليه مستويات التنسيق والتعاون بين هذه الأطراف، وتأثير ذلك على الأوضاع في لبنان وفلسطين في المرحلة المقبلة. وأعربوا عن اهتمامهم بتصريحات قادة الحزب بأنّ المنطقة ستشتعل في حال تعرّض المسجد الأقصى لهجوم أو تمّ استهداف لبنان من قبل الجيش الإسرائيلي.
إسرائيل هي السبب
إلى ذلك أكّدوا أنّ الأوضاع داخل فلسطين المحتلّة وفي القدس والمسجد الأقصى والعمليات العسكرية والأمنيّة التي نفّذها الجيش الإسرائيلي في سوريا قد تكون السبب الأساسي وراء التصعيد الذي حصل في الجنوب. هم يدعون إلى العمل لضبط الأوضاع والضغط على الحكومة الإسرائيلية كي لا تنزلق الأمور نحو مواجهات كبرى في المنطقة لا أحد يدرك حجمها ومجالاتها.
وهم يعبّرون عن الارتياح لقرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو منع دخول المستوطنين المسجد الأقصى خلال شهر رمضان باعتبار أنّه سيجنّب المنطقة تصعيداً كبيراً. لكن من غير الواضح مدى بقاء الأوضاع هادئة في ظلّ التهديدات التي أطلقها نتانياهو بالردّ على الجهات التي تقف وراء إطلاق الصواريخ ومنع تحوّل لبنان إلى مركز لحركة حماس.
إقرأ أيضاً: الحزب وإيران يستعدّان… لمواجهة شاملة؟
من جهة أخرى، طرح الدبلوماسيون الغربيون الكثير من الأسئلة عن الاتفاق الإيراني – السعودي وتأثيره على لبنان والمنطقة، وخصوصاً الانتخابات الرئاسية ودور الحزب والآفاق المتوقّعة في المرحلة المقبلة ودور سوريا. لكنّهم أكّدوا في الوقت نفسه أهمية الاتفاق وتأثيراته المستقبلية على المنطقة، معتبرين أنّ الأولوية الآن ليست للملفّ اللبناني بل لملفّ اليمن والعلاقات الثنائية.
لمتابعة الكاتب على تويتر: kassirKassem@