مسرّة لـ”أساس”: مار مخايل برنامج لشيطنة الحريري..

مدة القراءة 5 د

“هو رجل الاستقلال الثاني”، بهذه الجملة يُعرِّف المرجع الدستوري الدكتور أنطوان مسرّة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

لا ينظر الدكتور مسرّة إلى تاريخ 14 شباط كذكرى لاغتيال الرئيس الشهيد، بل يراه موعداً لاستحقاق وطني كبير قائلاً في حديث لـ”أساس”: “هي ذكرى استقلال لبنان الثاني عن النظام السوري. في المستقبل من الضروريّ أن نحتفل بهذا اليوم كرمز لاستعادة السيادة الوطنية. ما حصل بعد اغتيال الحريري كان ثورة عارمة من كلّ الأعمار والمناطق والانتماءات واللاانتماءات، فقد كانت راهبات ورهبان يصلّون على الضريح. هذه ظاهرة في علم النفس بالغة الأهميّة، حيث شعر كلّ اللبنانيين أنّ لبنان كبير بدوره العربي والعالمي ورسالته، لكنّه صغير في لعبة الأمم”.

ويكمل: “تعلّمنا من هذه التظاهرة الضخمة عام 2005 التي لم يحرّكها أيّ حزب، أن نكون في حالة توبة قومية، لكي لا نعيد تجارب الاستقواء فيما بيننا وإجراء تحالفات مشبوهة لا مع العدوّ ولا مع أيّ من الأشقّاء في الخارج”. ويكمل: “يوم اغتيال الحريري هذا هو درس في السيادة الوطنية التي هي اليوم منتهكة في لبنان”.

في لبنان اليوم يوجد دولة رسمية ودولة ثانية. ولو كان يوجد عند اللبناني ثقافة الدولة لما انتقد المصارف والسوبرماركات والصيدليّات ومحطّات المحروقات، فهكذا تسير الأمور طبيعياً في حالة “اللادولة”، وكلّ واحد يتدبّر أمره”

المفكّر السياسي مسّرة يضيف: “رفيق الحريري هو رجل الدولة الذي أحبّ لبنان، ورجل الإنجازات، وأبرزها إنجاز إعادة إعمار وسط بيروت، وما حصل بعد الرئيس الحريري هو الفساد من دون إنجازات. رفيق الحريري هو الرجل الذي استقطب الكفاءات الوطنية في سبيل الحكم”.

هل يستحقّ اللبنانيّون رفيق الحريري؟

يرى مسرّة أنّ هناك من سعى إلى تسخيف الحكم الصادر عن المحكمة الدولية مستكملاً الاغتيال: “بعد القرار الضخم للمحكمة الدولية الذي هو بالغ الوضوح حول المسؤول عن الاغتيال حصل تسخيف لِما ورد في الحكم تغطية لاحتلال آخر أكثر خطورة من الاحتلال السابق، وعلاوة على خرق السيادة كان هناك سعي إلى تغيير هويّة لبنان من خلال تحالف مار مخايل في 6 شباط 2006 مع جيش – حزب، يرتبط سلاحه وتمويله بمحور غير عربي، خلافاً لمقدّمة الدستور التي تقول إنّ لبنان عربيّ الهويّة والانتماء”.

يتساءل الدكتور مسرّة: هل يستحقّ اللبنانيون رفيق الحريري، ويجيب قائلاً: “هنا أدخل في قضايا لا علاقة مباشرة لها بإدارة الحكم بل بذهنية الكثير من اللبنانيين. هذه الذهنية تشكّل خطراً كبيراً على الدولة اللبنانية وعلى سيادة لبنان. رفيق الحريري ليس الوحيد الذي عانى من سلوك لبنانيين اعتمدوا المسايرة والمساومة والتحالفات المشبوهة على حساب السيادة ورسالة لبنان. من بعض الذين عانوا من السلوكيّات اللبنانية كان الرئيس فؤاد شهاب. ورفيق الحريري من سلالة الكبار والآباء المؤسّسين لرسالة لبنان أمثال ميشال شيحا ورياض الصلح وبشارة الخوري ومحمد مهدي شمس الدين. نعيش اليوم المساومة والتموضع على مسافة واحدة من الجميع في مسألة سيادة لبنان ومواصفات الدولة المسمّاة مُلكيّة. وها هو لبنان اليوم في حالة لادولة”.

يشرح مسرّة معدّداً “4 وظائف ملكيّة للدولة عالميّاً:

1- احتكار القوّة المنظّمة، أي جيش واحد لا جيشان.

2- احتكار العلاقات الدبلوماسية، أي دبلوماسية واحدة لا دبلوماسيّتان.

3- فرض جباية الضرائب.

4- إدارة السياسات العامّة.

في لبنان اليوم يوجد دولة رسمية ودولة ثانية. ولو كان يوجد عند اللبناني ثقافة الدولة لما انتقد المصارف والسوبرماركات والصيدليّات ومحطّات المحروقات، فهكذا تسير الأمور طبيعياً في حالة “اللادولة”، وكلّ واحد يتدبّر أمره”.

مسرّة لـ”أساس”: كلّ عمل قاموا به بعد تحالف مار مخايل كان بهدف شيطنة كلّ عهد رفيق الحريري تحت شعار الإصلاح والتغيير ومقاومة الفساد تمهيداً لفساد من دون إنجازات، فكانت النتيجة الكارثة الكبرى التي وصلنا إليها

هل نستعيد الدولة؟

يشير الدكتور مسرّة إلى أنّ “الدولة نشأت تاريخياً في سبيل فعّالية القانون، وبالتالي يكون السؤال: هل نستعيد اليوم الدولة ومفهوم الدولة وحكم الإنجاز وليس التعطيل و”ما خلّوني”؟”. ويتابع: “في ذكرى اغتيال الرئيس الحريري علينا أن نستعيد روحية الثورة التي تبعت اغتياله في كلّ المناطق. لبنان كبير بدوره ورسالته العربية والعالمية، لكنّه صغير في لعبة الأمم. لذلك نستحقّ رفيق الحريري وعلينا عدم اغتياله مرّة ثانية”.

يؤكّد مسرّة استحالة إلغاء رفيق الحريري: “توجد لدى الاحتلال إرادة لإلغاء رفيق الحريري وإلغاء تراث لبنان وهويّة لبنان، لكن تواجه ذلك مقاومة فعليّة. هنا يجب أن نفهم بشكل نهائي قول الإمام موسى الصدر في القاهرة سنة 1978: “السلام في لبنان هو أفضل وجوه الحرب تجاه إسرائيل”. لأنّ معركتنا مع الصهيونية فيها جانب دفاعي عسكري، لكنّ الجانب الأهمّ والأعمق هو الجانب الثقافي. دمّرنا لبنان على أساس مقاومة العدوّ، وأنجزنا كلّ مبتغيات العدوّ في تخريب لبنان في زمن تواجه فيه الصهيونية أزمة، وتحديداً في إسرائيل حيث تقابلها تعدّدية نسيجها الاجتماعي”.

إقرأ أيضاً: رفيق الحريري: مشاهد غير منشورة

ويختم حديثه لـ”أساس”: “أشبعونا كلاماً عن السياسة الدفاعية في جانبها العسكري فقط مع تخريب كلّ مكوّنات النسيج الاجتماعي اللبناني الذي هو ثمرة قرون من الإنجازات. هناك خطة مبرمجة بعد تحالف مار مخايل لشيطنة تراث رفيق الحريري. كلّ عمل قاموا به بعد تحالف مار مخايل كان بهدف شيطنة كلّ عهد رفيق الحريري تحت شعار الإصلاح والتغيير ومقاومة الفساد تمهيداً لفساد من دون إنجازات، فكانت النتيجة الكارثة الكبرى التي وصلنا إليها”.

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

ذكرى رجل أم ذكرى بلد؟

فجأة تنتبه أنّك تكتب عن رفيق الحريري بصيغة الحاضر. ثمّ تفكّر أنّ الأمر لم يحصل سهواً، وأنّ الكتابة عن رفيق الحريري هي عملية معاندة بين…

اغتيال رفيق الحريري: زلزال المنطقة المستمرّ

تمرّ الذكرى الـ18 لاغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005، ليتبيّن مع مرور الوقت أمران: – أوّلهما أنّ تفجير موكب رفيق الحريري ورفاقه،…

لم يكن شاعراً.. لكن صنع مستقبلاً من العاطفة

في سنوات غياب رفيق الحريري عن المشهد السياسي اللبناني، لم يختف أثر لمسته الإيجابية في الحياة اللبنانية. فظل حاضراً رمزاً لاستقلال لبنان وإرادته الحرة وتفوقه…

جميل مردم بك.. ودوره في اغتيال الحريري

هل في حياة الرئيس رفيق الحريري محطّة أدّت إلى اغتياله في 14 شباط 2005؟ أجاب المفكّر كريم مروّة على هذا السؤال، ليس من موقع قراءته…