أصابتني القشعريرة (يعني بالبيروتي: تششششش بدني) وشاشت نفسي، حينما سمعت تصريح رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي يعلن بعد لقائه الرئيس الإيراني “بوب رئيسي” في الولايات المتحدة أنّ لبنان “لم يرَ سوى الخير من إيران”.
ميقاتي، الماهر في تجميل الأمور والمتمرّس في “طلس” الحُمرة والبودرة، تفوّق على نفسه في هذا التصريح، بعدما أطلق “فيلاً” من مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك من عيار “أرض – جو”.
يجيد أبو ماهر لعبة تدوير الزوايا. لكن هذه المرّة ذابت الزوايا من كثرة الحفّ والتجليخ، فعجز كلامه عن التعبير، فضرب الهريان ورق “الزمبادج” من شدّة التدوير.
ميقاتي، الماهر في تجميل الأمور والمتمرّس في “طلس” الحُمرة والبودرة، تفوّق على نفسه في هذا التصريح، بعدما أطلق “فيلاً” من مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك من عيار “أرض – جو”
عن أيّ خيرٍ إيرانيّ يحدّثنا دولة الرئيس؟ ألهذا الحدّ بات نظرنا نحن اللبنانيّين شحيحاً؟ هل نعاني من الـAstigmat أم أصابنا داء الخرف وظهرت علينا عوارض الزهايمر ، فما عدنا نستذكر كلّ هذا الخير المقبل من طهران؟
لعلّنا بلا ضمير، نشكو من قلّة الناموس…. بلا وفا (حلو الوفا) وناكرون للجميل!
هل حاول الرئيس نجيب ميقاتي سؤال أحدٍ من اللبنانيين عن ذاك الخير المقبل من إيران؟ ماذا عن عائلة الرئيس رفيق الحريري، لعلّهم أخبر منّا بذاك الخير؟ فليسأل صديقه الرئيس سعد الحريري عن ذاك الخير.
فليسأل أبناء العميد وسام الحسن، وذوي الوزير محمد شطح.
هل تواصل أبو ماهر مع شقيقة لقمان سليم وزوجته ووالدته ليسألهم ما رأيهم بالخير الإيراني؟ اللائحة تطول وتطول… ولا ضيم من السؤال، خصوصاً أنّ زيادة الخير خير.
لماذا لم يستعِن ميقاتي بـ”صديق” على طريقة وزير إعلامه السابق في الحكومة جورج قرداحي؟ فهو أدرى بمعاني ومسمّيات الخير وبمعنى الوفا… إلاّ إذا كان الحاج أبو ماهر يعتبر صواريخ “حزب الله” وموازنة من “المال الطاهر” خيراً، فذاك بحث آخر.
لماذا لم يستعِن ميقاتي بـ”صديق” على طريقة وزير إعلامه السابق في الحكومة جورج قرداحي؟ فهو أدرى بمعاني ومسمّيات الخير وبمعنى الوفا
أفهم محاولات الرئيس ميقاتي تعزيز علاقات لبنان المندثرة مع الخارج، لكن بهذه الطريقة؟ ولماذا يصرّ دولته على استخدام مصطلحات ركيكة إلى هذا الحدّ، مصطلحات من صنف: “لم نرَ إلّا الخير” أو “بدنا نتحمّل بعض” أو “حنان الأمّ” (لمن يذكر) تذكّرني بـ”أمّ زكور” تبع حيّ الطمليس؟!
يا أبا ماهر، الأمر سهل، فلتتمرّس على مصطلحات أكثر دبلوماسية، تليق بمقال الرؤساء وتفي بالغرض نفسه، فلا تجلب لنا ولك الصداع وآلام الشقيقة (بخلاف الشقيقة سوريا طبعاً).
ممّ تشكو مصطلحات كتلك التي تقول: “نتطلّع إلى علاقات مميّزة مع إيران”، أو “ندعو الإخوة في طهران إلى مبادلتنا الاحترام”… يا أخي “غوغلها”، فمحرّك البحث Google يزخر بتلك التعابير، والنقل في زمن تكنولوجيا المعلومات ليس حراماً. استخدم الـCopy/paste يرحمنا ويرحمكم الله!
أمّا فضيحة العلم اللبناني الذي غاب عن لقائك مع الرئيس الإيراني، فتلك سالفة أخرى. هل يُعقل أنّ مبنى “طويلاً عريضاً” يضمّ مكاتب دول وكيانات العالم كلّه، يخلو من علمٍ لبنانيّ؟ ما هذه الهرطقة يا Man؟!
والأجمل من هذا كلّه، كان تبرير وزارة الخارجية التي تحجّجت بالإجراءات الأمنيّة التي واكبت وصول الرئيس الأميركي (ابن بيضون) وحالت دون وصول العلم إلى مكان الاجتماع برئيسي، مستخفّةً بأمر خطير وحمّال أوجه من هذا النوع.
إقرأ أيضاً: يوم حدّثنا نوّاب التغيير عن الـ”ليسترين”…
بعد ذلك جاء تصريح الرئيس الإيراني لينسف اللقاء برمّته، إذ قال إنّ “لبنان أثبت أنّ المقاومة فقط (ركّز على “فقط” يا رعاك الله) هي القادرة على لجم عدوان الكيان الصهيوني ونزعته الوحشيّة”… وكأنّه كان يقول لك مواربة: إنّ “حزب الله” هو لبنانك يا أبا ماهر.
كان هذا الكلام لرئيسي بينما أنت يا أبا ماهر كنت منتشياً، غارقاً في التعبير عن ارتياحك للّقاء، فزففت إلينا خبرَ عزمك (من “العزم”) على زيارة طهران قريباً!
إيه… عساكم من عوّاده.
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب