تحدّث حسن نصر الله عمّا سمّاه “أكاذيب”، وذلك تعليقاً على خسارة حزب الله للأكثريّة البرلمانية. حسناً لنستعرض هذه “الأكاذيب”، ونرَ مَن الذي يكذب أصلاً!
يقول نصر الله إنّ ما حصل في الانتخابات “انتصار كبير جدّاً، ويجب أن نفتخر بهذا الانتصار ونعتزّ به، وخصوصاً عندما نرى ظروف المعركة والمال الذي أُنفق في هذه المعركة”، وهذا غير صحيح فحزب الله خسر أغلبيّته، ووصل المستقلّون للبرلمان.
وليس هذا فحسب، بل لم نسمع أحداً في لبنان فاخر بأموال من الخارج كما فاخر نصر الله نفسه بما سمّاه “المال الطاهر” القادم من إيران، وفي تصريح له بالصوت والصورة، بل إنّ سعد الحريري اعتزل المشهد بسبب عدم توافر الأموال، كما يُقال.
نصر الله الذي يتحدّث عن “أفضل انتخابات ممكنة”، وأنّ الإيراني لم يتدخّل فيها، غارقٌ في التخطيط لتطبيق خطة تعطيل الحياة السياسية في لبنان، على غرار ما يحدث في العراق، وبالطبع من نفس الكاتالوغ الإيراني
وعن الحريري يقول نصر الله إنّ عدم مشاركته في الانتخابات “تحتاج إلى مقاربة هادئة وموضوعيّة ومسؤولة يُبنى عليها”، وهذا غير صحيح أيضاً، فلا نصر الله حريص على الحريري، ولا ما كان يُفترض أنّه يمثّله، بل هو حريص على الغطاء الذي منحه إيّاه الحريري في خطأ سياسيّ اتّضحت عواقبه الآن.
ويقول نصر الله: “للمقاومة وحلفائها وأصدقائها حضور قويّ في المجلس النيابي، ونحن أمام مجلس نيابي متكوِّن من كتل نيابية ومستقلّين، ولا يوجد فريق سياسي اليوم في البلد لديه الأكثرية النيابية”. وهذا غير صحيح أيضاً، والصحيح، والأهمّ، أنّ حزب الله خسر أغلبيّته في برلمان يدخله للمرّة الأولى “مستقلّون” مشروعهم هو رفض مشروع نصر الله وحلفائه.
ومن الأكاذيب قول نصر الله إنّه “منذ البداية كانت إرادتنا الحقيقية والجدّيّة إجراء الانتخابات، والنقاش كان تأمين أفضل انتخابات ممكنة”، مضيفاً: “لو بدنا نعطّل الانتخابات كنّا عطّلناها”. وهذا غير صحيح أيضاً. حزب الله عطّل دولة بكاملها، وحاصر السراي الحكومي، وقام بالاغتيالات، ونائبه في البرلمان يهدّد بحرب أهليّة؟
ثمّ تحدّث نصر الله، ويبدو أنّ هذا هو هدفه الأساس، قائلاً: “آن للكذّاب أن يخجل، وكذبة إجراء الانتخابات في ظلّ وجود السلاح أن تنتهي، وكذبة الاحتلال الإيراني، هل رأى أحد السفير الإيراني أو أيّ موظف إيراني، بينما السفيرة الأميركية تزور مراكز اقتراع، والسفير السعودي كان الأنشط انتخابياً يجول من بلد إلى بلد ويسحب مرشّحين ويدفع الأموال”.
وهنا كذبة الأكاذيب. أوّلاً، سلاح حزب الله الإيراني حقيقة وإنكارها مدعاة للضحك. ثانياً، يتحرّك السفراء الغربيون في وضح النهار كمراقبين. وبالنسبة للسفير السعودي فهو على مسافة واحدة من الجميع، ويتحرّك في وضح النهار. ومواقفه معلنة حتى على تويتر، بينما الإيراني، وأيّاً كانت صفته، يتحرّك سرّاً، ومن سرداب إلى آخر، وكلّ تحرّكاته عبارة عن نشاط تهريب.
وأهمّ قصّة أنّ من دخلوا البرلمان مستقلّون، وفاجأوا لبنان قبل الجميع، فما علاقة أيّ سفير بذلك؟ القصة وما فيها أنّ خطاب نصرالله كان خطاباً مرتبكاً، وكعادته عندما يُفاجأ بنتائج غير متوقّعة.
إقرأ أيضاً: نصر الله.. سلاح الحزب مقابل سلاح الجيش؟
الأكيد، الآن، أنّ نصر الله الذي يتحدّث عن “أفضل انتخابات ممكنة”، وأنّ الإيراني لم يتدخّل فيها، غارقٌ في التخطيط لتطبيق خطة تعطيل الحياة السياسية في لبنان، على غرار ما يحدث في العراق، وبالطبع من نفس الكاتالوغ الإيراني.