بعلبك-الهرمل: عشرة – صفر؟!

مدة القراءة 6 د

تقدّم دائرة بعلبك-الهرمل نموذجاً فاقعاً حول إدارة الظهر السياسية لمشروع “التغيير” بعدما قرّر الثنائي الشيعي خوض المعركة بالنواب الشيعة الستّة أنفسهم الفائزين عام 2018، برئاسة حسين الحاج حسن نائب البقاع الشمالي منذ 1996، أي منذ 26 عاماً.

مع ذلك، وعلى الرغم من تململ الشارع الشيعي من نوعيّة الترشيحات، يسعى ثنائي أمل-حزب الله بالتحالف مع التيار الوطني الحر و”القومي” إلى تجاوز حصّته من المقاعد عام 2018 حين تمكّن من الفوز بثمانية من أصل عشرة مقاعد، في مقابل حصول تيار المستقبل والقوات على مقعدين.

تشير كلّ المعطيات الانتخابية إلى أنّ ثمّة معركة كبيرة ستحصل على المقعد الماروني الذي يشغله نائب القوات أنطوان حبشي منذ أربع سنوات بعدما استفاد من أصوات تيار المستقبل والحليف على اللائحة النائب السابق يحيى شمص الذي تُقدّر قوّته التجييرية بستة آلاف صوت. وفي حال الخسارة ينتقل المقعد الماروني إلى المرشّح عميد حدشيتي الذي جرى التوافق عليه بين باسيل وحزب الله.

يرى مراقبون أنّ دائرة بعلبك-الهرمل الوحيدة في لبنان التي قد يخرج منها الثنائي الشيعي، بالتحالف مع التيار البرتقالي

يتوقّف الأمر بشكل كبير على نسب التصويت لدى الشيعة والسُنّة والمسيحيين مع صعوبة استنساخ تجربة 2018 حين بلغ عدد المقترعين 190,268 بنسبة 63 في المئة لدى الشيعة، و41 في المئة لدى السُنّة، و61 في المئة لدى الموارنة، و48 في المئة لدى الكاثوليك.

يومذاك ضَمِن تحالف القوات والمستقبل فوز نائب القوات أنطوان حبشي عن المقعد الماروني (14,858 صوتاً تفضيليّاً)، وبكر الحجيري (5,994 صوتاً تفضيلياً) عن المقعد السُنّي الثاني.

 في المقابل اكتسحت لائحة أمل-حزب الله المقاعد الشيعية الستّة مع تسجيل النائب جميل السيد الرقم “التفضيلي” الأعلى (33,223 صوتاً تفضيلياً)، وحلول نائب حزب الله حسين الحاج حسن في آخر لائحة الفائزين (15,662 صوتاً تفضيلياً)، إضافة إلى مقعد سُنّي (الوليد سكرية) والمقعد الكاثوليكي (ألبير منصور). وقد نالت اللائحة 140,747 صوتاً، فيما نالت لائحة القوات-المستقبل 35,607 أصوات.

يقول الخبير الانتخابي والباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين لـ”أساس”: “يتوقّف الأمر على النسبة التي ستحصل عليها القوات من المقترعين السُنّة. فالحاصل يصل إلى 18 ألفاً، والقوات لديها 15 ألف صوت، فهي بحاجة إلى نحو ثلاثة آلاف صوت، وبقاء المقعد الماروني ضمن حصّتها يتطلّب دعماً سنّيّاً. أمّا المقعد السُنّي الثاني فالأرجح أن يكون من حصّة لائحة الثنائي الشيعي”.

 

عرسال تحسم.. أو تخسر؟

تتركّز الأنظار على نسبة التصويت في عرسال حيث الخزان السُنّي. وهي لم تتجاوز في الانتخابات الماضية عتبة 40% مُسهِّلةً حصول لائحة أمل حزب الله على أحد المقعدين السنّيّين، لأنّ العكس كان سيتيح اقتناص لائحة المستقبل-القوات أحد المقاعد الشيعية أو المقعد السنّيّ الثاني.

تشير كلّ المعطيات الانتخابية إلى أنّ ثمّة معركة كبيرة ستحصل على المقعد الماروني الذي يشغله نائب القوات أنطوان حبشي منذ أربع سنوات

اليوم مع اعتكاف تيار المستقبل عن خوض الانتخابات، وتشتّت الصوت السنّيّ، وضعف تأثير بهاء الحريري وفؤاد السنيورة في الدائرة، وانقسام المعارضة على أربع لوائح في الدائرة، وهي “ائتلاف التغيير” و”مستقلّون ضدّ الفساد”، ولائحة “العشائر والعائلات للإنماء” ولائحة “قادرين”، ورفض يحيى شمص التحالف مع القوات مجدّداً من دون “مظلّة” المستقبل، كلّها أسباب تصبّ في مصلحة لائحة الثنائي الشيعي في ظلّ “حالة طوارئ” شيعية لرفع نسبة الاقتراع، خصوصاً لدى العشائر والعائلات التي لا تدور في فلك حزب الله.

يرى مراقبون أنّ دائرة بعلبك-الهرمل الوحيدة في لبنان التي قد يخرج منها الثنائي الشيعي، بالتحالف مع التيار البرتقالي، بفوز نظيف عشرة- صفر. وكان التيّار قد قام عام 2018 بتأليف لائحته الخاصّة، حاجِباً نحو خمسة آلاف صوت من درب لائحة أمل-حزب الله، حارماً إيّاها من الحاصل التاسع.

لذلك فالغلّة في دائرة البقاع الثالثة قد تكون استثنائية. هنا تحديداً، حيث “الإمرة” للصوت الشيعي، يحاول جبران باسيل الفوز بنائبين مسيحيَّين بعدما رشّح “العوني” سامر التوم عن المقعد الكاثوليكي مكان ألبير منصور، وتبنّى ترشيح عميد حدشيتي عن المقعد الماروني، وهو ما يعوّض عليه الخسارة في دوائر أخرى. وقد جاء ترشيح التوم في الدائرة في مقابل تنازل باسيل عن ترشيح ربيع عوّاد عن المقعد الشيعي في جبيل من أجل مرشّح الحزب رائد برّو.

 

الصوت الشيعي للمقعد السنّي

لكنّ ذلك لن يحجب واقع أنّ فوز التوم وحدشيتي، إذا فازا، سيكون بالصوت الشيعي، لأنّ البلوك المسيحي في بعلبك-الهرمل “قواتيّ” بامتياز، خصوصاً في دير الأحمر والقاع.

هنا أيضاً الملعب الأسهل الذي قد يتصيّد فيه الثنائي الشيعي مقعداً سنّيّاً من حصة تيار المستقبل من خلال ترشيحه كلّاً من ينال صلح (بعلبك) وملحم الحجيري (عرسال).

عمليّاً، يؤدّي ترشيح الثنائي الشيعي لملحم الحجيري إلى انقسام أصوات العراسلة في مقابل ترشيح القوات لزيدان الحجيري من دون وجود غطاء سنّيّ من تيار المستقبل.

هذه نقطة لمصلحة “لائحة الممانعة” تحاول تعزيزها من خلال الضغط المنظّم على العشائر والعائلات لعدم تسرّب أصواتها إلى لائحة القوات أو لوائح المعارضة بعدما تدخّلت لـ “قمع” بعض الترشيحات التي تأخذ من درب لائحة الثنائي.

ومع انكفاء يحيى شمص عن الترشّح قادت مفاوضات القوات إلى التعاون مع الشيخ عباس الجوهري الذي كانت له الكلمة الفصل في اختيار المرشّحين الشيعة على اللائحة، وهم رفعت المصري، هيمن مشيك، رامز قمهز، حسين رعد، ورشيد عيسى. فيما ترشّح عن المقعدين السنّيَّين صالح الشل وزيدان الحجيري، وإيلي البيطار مرشّح القوات عن المقعد الكاثوليكي في مقابل مرشّح التيار سامر التوم، وكلاهما من بلدة القاع حيث لائحة أمل-حزب الله في الانتخابات الماضية 400 صوت من أصل 3,200 ناخب.

إقرأ أيضاً: الانتخابات “تفسّخ” الأحزاب والتغييريين.. في كلّ مكان

معركة القوات الصعبة و”تخطيط” حزب الله لوضع اليد على المقعدين السنّيَّين في دائرة البقاع الثالثة يفتحان الباب أمام التساؤل عن احتمال “انتعاش” الدور السعودي لمنع حزب الله من قشّ المقاعد العشرة مع ما يعنيه ذلك من خسارة مدوّية للمحور الخصم للحزب.

مواضيع ذات صلة

بين لاريجاني وليزا: الحرب مكَمْلة!

دخلت المرحلة الثانية من التوغّل البرّي جنوباً، التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، شريكة أساسية في حياكة معالم تسوية وقف إطلاق النار التي لم تنضج بعد. “تكثيفٌ”…

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…