إذا كانت روسيا الآن هي أكثر دولة تتعرّض للعقوبات الدولية، ومن قرابة 30 دولة، فإنّ النظامين الإيراني والسوري هما أكثر نظامين يتعرّضان للضربات الإسرائيلية، منذ عام 2017.
أوّل من أمس، الخميس، استهدفت ضربات جويّة إسرائيلية محيط دمشق، واستهدفت بطّاريّات دفاع جوّي إيرانية وصلت حديثاً، وشحنة طائرات مسيَّرة إيرانية متطوّرة، ومنظومة رادار.
الأسبوع الماضي كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، نقلاً عن عسكريين إسرائيليين، أنّ إسرائيل استهدفت إيران والنظام الأسدي وميليشيات حزب الله في سوريا بأكثر من 400 ضربة جويّة منذ عام 2017.
إذا كانت روسيا الآن هي أكثر دولة تتعرّض للعقوبات الدولية، ومن قرابة 30 دولة، فإنّ النظامين الإيراني والسوري هما أكثر نظامين يتعرّضان للضربات الإسرائيلية، منذ عام 2017
ليست هذه الضربات والاغتيالات للعسكريين الإيرانيين ورجال حزب الله في سوريا معزولةً عن الضربات الإسرائيلية في الداخل الإيراني من اغتيالات وعمليات تخريب للمشروع النووي الإيراني.
وكان ذلك نتاج اختراق إسرائيلي استخباراتي للداخل الإيراني أدّى إلى اغتيال محسن فخري زاده، العالم النووي الإيراني الذي سجّلت محادثاته الخاصة طوال سنين قبل اغتياله، وإلى سرقة قرابة نصف طن من الوثائق النووية السرّيّة الإيرانية وتهريبها إلى الخارج.
وبلغ الأمر حدّ قول وزير المخابرات السابق وكبير مستشاري الرئيس روحاني، علي يونس، إنّ “نفوذ الموساد في أجزاء كثيرة من البلاد كبير لدرجة أنّ كلّ عضو في القيادة الإيرانية يجب أن يشعر بالقلق على حياته وسلامته”، بحسب موقع “بي بي سي”.
وعليه، ما هي العقيدة العسكرية للحرس الثوري؟ وعن أيّ كرامة تتحدّث ميليشيات إيران بالمنطقة، من الأفغانية إلى العراقية، وحتى ميليشيا حزب الله التي تحدّث زعيمها حسن نصر الله منذ بداية العام إلى الآن بما يوازي الضربات الإسرائيلية في سوريا وغيرها؟
والنقطة الأخرى هنا أنّ لهذه الضربات الإسرائيلية لإيران وميليشياتها مؤشّرات سياسية مهمّة، بعيداً عن التحليل العسكري. وأهمّ هذه المؤشّرات السياسية تقول لنا إنّ إيران وميليشياتها، والنظام الأسدي، لا يحظون بغطاء شرعي، لا بالمنطقة، ولا في دولهم. إذ لا نرى ولا نسمع أيّ احتجاجات إيرانية داخلية على استهداف الإسرائيليين لعلماء نوويّين إيرانيين، ولا احتجاجات في سوريا على استهداف إسرائيل المستمرّ لدمشق ومحيطها وأكثر، ولا احتجاجات في لبنان دعماً لحزب الله.
حدثت أكثر من 400 غارة إسرائيلية جويّة، عدا عن العمليات الاستخباراتية، من دون احتجاجات رسمية من المسؤولين الإيرانيين، ولا النظام الأسدي، ووسط صمت مطبق لحسن نصرالله الذي تحدّث عن كلّ شيء إلّا استهداف واختراق إسرائيل لحزبه!
يعني كلّ ذلك أنّ إيران والنظام الأسدي، وحزب الله، يعون أنّهم بلا غطاء في مجتمعاتهم، وبلا غطاء عربي وإسلامي، ولذلك يتلقّون الصفعة تلو الأخرى، من دون أيّ ردٍّ لحفظ ماء الوجه، وذلك تجنّباً لحرب مفتوحة.
إقرأ أيضاً: خامنئي أذكى من بوتين؟
الحقيقة أنّ هذه الضربات الإسرائيلية المستمرّة لإيران، وأعوانها بالمنطقة، قد تقود إلى تلك الحرب المفتوحة في أيّ لحظة، نتيجة أيّ تقدير خاطئ، لكنّ الأهمّ في كلّ ذلك هو أنّ هذا الاستهداف الإسرائيلي المستمرّ لإيران وأعوانها يقول لنا إنّ طهران وعملاءها بلا غطاء حقيقي في المنطقة.
حدث بعد آخر سيكون من شأنه إظهار ذلك وتأكيده.