انفجر الخلاف بين حزب الله وبشّار الأسد حول الانتخابات النيابية في لبنان. وما كان لينتبه إليه أحد لولا تبادل تسريب الأخبار بين الأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي في لبنان علي حجازي وبين النائب اللواء جميل السيّد. وبحسب ما تناثر هنا وهناك، فقد أبلغ السفير السوري علي عبد الكريم قيادة الحزب أنّ سوريا تريد حجازي، لكنّ الحزب أخذ السيّد على لائحة بعلبك – الهرمل. وبدا أنّ لقاءً “دام ثلاث ساعات” مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، هو المكافأة المعنوية لحجازي، مع صورة “كبيرة” بين حجازي ونصر الله.
هكذاحسم حزب الله مقعد بعلبك – الهرمل الشيعي، وحسم جانباً من النقاش في العلاقة بين سوريا وحزب الله. فبينما يتحدّث البعض عن مساعٍ سوريّة لتوحيد بعض اللوائح الحليفة لها، يُشاع كلامٌ عن قرار اتّخذته القيادة السورية بالنأي بالنفس عن التسميات الانتخابية والبقاء متفرّجة بانتظار تبلور المشهد السياسي لمجلس النواب المقبل، تاركةً لحزب الله حرّية اختيار مرشّحيه لأنّ الأهمّ هو ما سيحدث في المرحلة المقبلة وليس ما يجري حاليّاً.
يقول مقرّبون من حزب الله إنّه سيحصل على أغلبية في مجلس النواب المقبل، ستضمّ شيعة ومسيحيين وسُنّة ودروزاً
مَن يعرف كواليس العلاقة بين حزب الله ودمشق يدرك لماذا أُعطي لقاء حجازي – نصر الله هذه الأهميّة. فحجازي محسوبٌ على دمشق، وقد أُقصي عن الترشّح للانتخابات، حاله في ذلك حال غالبية المرشّحين المحسوبين على دمشق والمنتمين إلى محور حزب الله في لبنان.
يقول مقرّبون من خطّ الحزب – دمشق إنّ الاختلاف بينهما لم يعد مستتراً. وعليه يحاول حزب الله تركيب لوائحه بمرشّحين أقرب إليه منهم إلى دمشق. غير أنّ ما يعمل عليه الحزب لن يتحقّق كما يريده.
يضيف هؤلاء أنّ القيادة السورية انكفأت عن التدخّل لمصلحة مرشّحين محسوبين عليها في فريق الثامن من آذار لإدراكها أنّ الحسابات والتفاهمات الإقليمية المقبلة على المنطقة ستكون أقوى من كلّ شيء. فعشيّة زيارة الرئيس بشار الأسد إلى دواة الإمارات العربية المتحدة، وعشيّة التقارب السعودي – السوري المرتقب في المنطقة، سيتغيّر حال الساحة السياسة في لبنان.
تصدّع الأكثرية باكراً
بينما يقول مقرّبون من حزب الله إنّه سيحصل على أغلبية في مجلس النواب المقبل، ستضمّ شيعة ومسيحيين وسُنّة ودروزاً، تشير المصادر المطّلعة إلى أنّ تركيبة هذا الفريق السياسي ستتعرّض لتصدّعات عند تبلور الاتفاق الإقليمي المقبل وانعكاسه مباشرة على لبنان.
فالسُنّة من حلفاء حزب الله هم أقرب إلى دمشق، وتحديداً سُنّة البقاع والشمال، وأبرزهم آل كرامي. وحلفاء حزب الله من الدروز هم أقرب إلى دمشق متى عادت إلى واجهة المشهد السياسي في المنطقة، ولا سيّما وئام وهّاب وطلال أرسلان. وفريق من المسيحيين هم أيضاً أقرب إلى سوريا، وأوّلهم سليمان فرنجية.
إقرأ أيضاً: البعث والقومي: تناتش فتات المقاعد
أمّا الفريق السنّيّ الوسطي، الذي طالما حاول لعب دور الاعتدال في لبنان، فسيكون أقرب إلى التقاطع السعودي – الإماراتي – السوري في لبنان. وقد بدأ الحديث عن اختلاف جديّ في المقاربات بين إيران وحليفها في لبنان حزب الله من جهة، وسوريا بدورها الجديد وتفاهماتها مع الخليج وروسيا من جهة أخرى. وهذا بالتأكيد سينعكس تصدّعاتٍ واختلافاتٍ داخل فريق “الأكثرية المتوقّعة” في لبنان. أو بالأحرى سيحصل توزيع مختلف لموازين القوى. فلا أكثريّة لحزب الله في مجلس النواب المقبل، ولو عاد فريقه بسبعين نائباً. إذ سيحكم مجلس النواب المقبل توازن قوى محلّي إقليمي سينعكس خلافاتٍ بين الحلفاء.
بين سوريا وحزب الله تقاطعاتٌ كثيرة، وأكثر منها خلافاتٌ ومصالح متناقضة، ليس أوّلها “صدام” حجازي – السيّد، ولن يكون آخرها.