يعمل حزب الله في هذه المرحلة على تجديد “شبابه” في كلّ المجالات الفكرية والتنظيمية والسياسية والميدانية. فبعد مرور أربعين عاماً على تأسيسه في العام 1982، يجد الحزب نفسه أمام تحدّيات كبيرة داخلية وخارجية. لذلك يعمل حالياً من أجل مواجهة هذه التحدّيات بأشكال مختلفة. وقد استفاد من مرحلة الاستعداد للانتخابات النيابية في الخامس عشر من شهر أيار القادم من أجل إعادة تحشيد القواعد الشعبية وإعداد مشروع متكامل بعد الانتخابات النيابية لإدارة شؤون البلد، ونسج خطاب جديد قادر على الردّ على كلّ الأسئلة والتحدّيات التي واجهته ولا تزال تواجهه في آخر ثلاث سنوات.
في هذا الإطار عمدت مراكز الدراسات والأبحاث والهيئات الثقافية والفكرية في الحزب إلى عقد سلسلة مؤتمرات فكرية وبحثية حول قضايا الحرب الناعمة وكيفيّة مواجهتها، إضافة إلى المؤتمر الخاص بالذكرى الثلاثين لاستشهاد أمينه العامّ السابق العلّامة السيد عباس الموسوي. ويتمّ الإعداد أيضاً لمؤتمر خاص من أجل الشباب وكيفيّة الردّ على هواجسهم وقضاياهم وأسئلتهم، بعد بروز الكثير من الأسئلة في هذه الأوساط حول سياسات الحزب وتحالفاته ودوره في مواجهة الأوضاع الداخلية في لبنان.
الحزب سيكون أمام تحدٍّ كبير في الانتخابات النيابية، خصوصاً إذا فاز بالأكثرية النيابية مع حلفائه
أسئلة من الشباب إلى نصر الله
عمد أحد مراكز الدراسات الفكرية في حزب الله إلى إعداد استمارة خاصة موجّهة إلى الشباب والطلاب الجامعيين من عمر 16 إلى 30 سنة، طالباً منهم عبر هذه الاستمارة توجيه الأسئلة والاستفهامات في كلّ المجالات إلى الأمين العام السيد حسن نصر الله بكلّ حرّيّة، على أن تعمد التعبئة التربوية في الحزب إلى إيصالها للسيد نصر الله استعداداً لإقامة ملتقى خاص للشباب برعايته. وقد استمرّ هذا الاستبيان من 12 إلى 13 آذار الحالي.
إضافة إلى هذا الملتقى، حرص السيد نصر الله على عقد لقاء خاص مع عدد كبير من كوادر ومسؤولي الحزب قبل أسبوع في مجمّع سيد الشهداء، حيث عرض لهم استراتيجية الحزب في المرحلة الآتية، وأوضح كلّ سياسات الحزب في السنوات الماضية، وحدّد أهداف الحزب على صعيد الانتخابات النيابية القادمة. ثمّ شارك السيد نصر الله في الاحتفال السنوي لجمعيّة كشّافة الإمام المهدي لمناسبة تأسيس الجمعية التي تضمّ حوالي 25 ألف من الكشّافة والأعضاء. وخلال هذا الاحتفال تحدّث السيد نصر الله عن مواقف الحزب الداخلية والخارجية.
بموازاة ذلك يقوم نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم بإطلاق الماكينات الانتخابية في كلّ المناطق اللبنانية، وتضمّ هذه الماكينات آلاف العناصر، وقد يصل العدد إلى حوالي عشرين ألف عضو، سيتولّون إدارة العمليات الانتخابية. وقد كشفت هذه اللقاءات عن الحجم الكبير للبنية التنظيمية للحزب، وقدرته على تجاوز كلّ الإشكالات والتحدّيات التي واجهته خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
تعديل الطائف
في هذه الاحتفالات تحدّث الشيخ قاسم عن مشروع الحزب السياسي على صعيد الدولة اللبنانية، الذي يتركّز على استكمال تطبيق اتفاق الطائف مع فتح الباب أمام التعديلات الدستورية المطلوبة.
لكنّ بعض المطّلعين على أجواء الحزب الداخلية يعتبرون أنّ الحزب سيكون أمام تحدٍّ كبير في الانتخابات النيابية، خصوصاً إذا فاز بالأكثرية النيابية مع حلفائه. فهو لن يستطيع الاستمرار بتبنّي السياسات السابقة التي أدّت إلى انهيار البلد في كلّ المجالات. وهذا يتطلّب رؤية واستراتيجية جديدتين في إدارة الشأن الداخلي، وحضوراً أقوى وتدخّلاً مباشراً في كلّ السياسات الاقتصادية والاجتماعية والماليّة.
إقرأ أيضاً: انتخابات 2022: الحزب يمثّل كلّ لبنان
هذه خلاصة أخرى قد تكون شبيهة بما توصّل إليه الحزب عام 2006 بعد حرب تموز من ضرورة الحصول على الثلث الضامن وتقوية حضوره في الحكومة. اليوم قد تتطلّب الأوضاع الحصول على الأكثرية الحاكمة في كلّ المجالات.
فهل نحن أمام استراتيجية جديدة لحزب الله في المرحلة القادمة؟ وهل يستطيع الحزب تجديد شبابه ومشروعه الفكري والسياسي والتنظيمي في مواجهة التحدّيات الداخلية والخارجية بعدما أصبح في عمر الأربعين؟