لم تنتهِ بعد دوّامة المُفاضلة بين زياد أسود وأمل أبو زيد في جزّين. فتبنّي التيار الوطني الحر ترشيح “الخصمين” على لائحة واحدة عن المقعدين المارونيّين إلى جانب مرشّح التيار الكاثوليكي سليم خوري كان خيار جبران باسيل لدواعٍ انتخابية، لكنّ رغبته اصطدمت ولا تزال بالوضع الاستثنائي لنائبيْ التيار اللذين تجمعهما… “العداوة”!
ليست هذه المشكلة الوحيدة للتيار. فالتفتيش جارٍ عن حليف سنّيّ يعوّض رفض الجماعة الإسلامية وعبد الرحمن البزري، حليفَيْ جبران باسيل السابقين، التعاون مجدّداً مع التيار بعدما ركب على أكتافهما في الانتخابات الماضية ليرفع حاصل لائحته.
آخر الخيارات المطروحة هو التحالف مع نقيب المهندسين السابق صبحي البساط. أمّا معضلة الدعم الشيعي فتفرض نفسها بعد وَعد متجدّد من حزب الله لرئيس مجلس النواب نبيه برّي بدعم لائحة النائب إبراهيم عازار.
عازار لـ “أساس”: في ضوء التحالفات في الدائرة وظروف المعركة سنقرّر أمر السير بمرشّح ماروني، خصوصاً إذا تبيّن أنّ اللوائح الأخرى لن تنال حاصلاً انتخابياً
باسيل “يتذاكى”
وفق العارفين فقد تعب باسيل في محاولته جمع أسود وأبو زيد مجدّداً على لائحة واحدة كي يضمن عدم قيام الأخير، في حال عدم تبنّي ترشيحه، بأيّ خطوة تؤثّر على “سكور” الأصوات.
يدفع عدم وجود حليفين سنّيّ وشيعيّ في معركة جزّين-صيدا باسيل إلى خوض معركة مسيحية بامتياز يحتاج فيها إلى خطاب “شدّ العصب” الذي يتقنه أسود، فيما يرفض أبو زيد أن يكون فيها سُلّماً فحسب لـ”نيابة” زياد أسود.
مع إصرار رئيس التيار على وجودهما ضمن لائحة واحدة وعلى مسافة أيام قليلة من إعلان ترشيحات التيار يوم السبت المقبل، أبلغ أبو زيد باسيل ورئيس الجمهورية عدم رغبته بالترشّح على لائحة التيار ومقاطعته حفل إعلان الترشيحات، الأمر الذي دفع أسود إلى إعلان نفسه مرشّحاً مارونيّاً أوحد على اللائحة.
هل فرض زياد أسود نفسه على جبران باسيل، وغالباً ما اتّسمت علاقتهما بالتوتّر والندّيّة، تماماً كما “حالة” آلان عون في بعبدا وسيمون أبي رميا في جبيل وإبراهيم كنعان في المتن.
لا يستطيع رئيس التيار بسهولة التفريط بـ”حيثيّة” زياد أسود، وبالتأكيد لو توافر الدعم السنّيّ والشيعي لخاض المعركة بأمل أبو زيد واستغنى عن خدمات زياد، لكن لا قرار نهائي حتى الآن.
من المؤكّد أنّ مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الروسية لن يلتحق بلائحة أخرى، لكن قد يحجب مجموع الأصوات التي يمون عليها في جزّين. بعد أن تنامى عددهما منذ العام 2018.
لذلك فهو يطلب اعتذاراً علنياً عن كل ما قاله بحقّه “زميله الأسود” طوال السنتين الماضيتين.
عام 2018 صبّ حزب الله وحركة أمل على لائحة التحالف مع إبراهيم عازار وأسامة سعد أصواتهما التفضيلية لمصلحة عازار الذي سجّل “سكوراً” عالياً بلغ 11,663 صوتاً، فيما نال أسود 7,270 صوتاً، وفاز خوري بـ 798 صوتاً. ونال رئيس التنظيم الشعبي الناصري 9,880 صوتاً تفضيلياً، وفاز بالمقعد السنّيّ الثاني في الدائرة بعد النائبة بهيّة الحريري التي نالت 13,739 صوتاً تفضيلياً.
بين بهيّة وفؤاد
بات مسلّماً أنّ النائبة بهيّة الحريري لن تترشّح للانتخابات التزاماً بقرار الرئيس سعد الحريري. لكن حتى الآن لم يُحسَم دعمها لشخصية صيداوية من تحت الطاولة، لتضمن “استمرارية” آل الحريري في نيابة صيدا. يقول العارفون إنّ “النائبة الحريري ليست بوارد التحايل على قرار ابن شقيقها”.
الأمور غير واضحة حتّى الآن، وهي مرتبطة بخيط الترشيحات “السنيوريّة” المفتعلة في المناطق، فيما يجري العمل على تنسيق انتخابي بين السنيورة والقوات في جزين-صيدا.
وفق العارفين فقد تعب باسيل في محاولته جمع أسود وأبو زيد مجدّداً على لائحة واحدة كي يضمن عدم قيام الأخير، في حال عدم تبنّي ترشيحه، بأيّ خطوة تؤثّر على “سكور” الأصوات
لائحة برّي-عازار
خَلَط هذا الواقع الأوراق بقوّة في دائرة الجنوب الأولى، وفَتَح المجال أمام سيناريوهات غير متوقّعة قد يكون من ضمنها خروج أحد المقعدين السنّيّين من دائرة نفود تيار المستقبل للمرّة الأولى منذ نيابة بهية الحريري عام 1992.
اللائحة الأولى شبه المكتملة في جزين-صيدا هي اللائحة المدعومة من الرئيس نبيه بري وحزب الله الذي يشكّل قوة دعم فقط لأنّه لا مرشح لديه في الدائرة. سيكون إبراهيم عازار المرشّح عن المقعد الماروني ، مع ترجيح عدم السير بمرشّح ماروني آخر لدواعي حسابات المعركة، وجوزف سكاف عن المقعد الكاثوليكي، ونبيل الزعتري عن المقعد السنّيّ بعد فشل التفاوض مع كلّ من أسامة سعد وعبد الرحمن البزري. والزعتري هو مهندس من أصحاب الخدمات في صيدا وتربطه علاقة صداقة وعلاقة عائلية مع آل عازار.
يقول النائب عازار لـ “أساس”: “في ضوء التحالفات في الدائرة وظروف المعركة سنقرّر أمر السير بمرشّح ماروني، خصوصاً إذا تبيّن أنّ اللوائح الأخرى لن تنال حاصلاً انتخابياً. نحن مستعدّون لكلّ الاحتمالات”.
يجزم عازار أنّ “أسامة سعد اختار الابتعاد عن خطّنا السياسي ونحترم رأيه، لكن نحن لم نغيّر قناعتنا ومواقفنا ونتعاطى مع أناس يشبهوننا، لذلك أتى التحالف مع الصديق والناشط في الشأن العامّ نبيل الزعتري”.
ماذا عن استفادة لائحة الثنائي الشيعي وعازار من غياب آل الحريري وتيار المستقبل عن الساحة الانتخابية والسياسية؟ يجيب عازار: “هذا الفراغ هو خسارة لصيدا والمنطقة، لكن لا أحد يراهن على أن تذهب نسبة أصوات وازنة محسوبة على تيار المستقبل باتجاه واحد، ولا نبني حساباتنا على هذا الأساس، وأصلاً لا أحد يعرف أين وكيف سيصبّ مزاج تيار المستقبل”.
الحزب لن يوزّع الأصوات
على غرار انتخابات 2018 لن يوزّع حزب الله أصواته على لائحة حليفيْه نبيه بري وجبران باسيل، على ما يؤكّد عازار.
مع ذلك يراهن “التيّاريّون” على تسرّب أصوات من بلوك حزب الله. لكن ما يُصعّب المهمّة وجود زياد أسود على اللائحة. هو الذي يثير نفور الناخبين الشيعة والسُنّة بسبب خطابه العالي السقف.
هاجس كلّ من الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر الخروج بحاصلين بالحدّ الأدنى لكلّ منهما من أصل خمسة مقاعد. في هذا الإطار تفيد المعطيات بأنّ تحالف أمل-حزب الله-التيار في الدوائر الانتخابية يُترجم في جزّين من خلال توزيع أدوار بهدف “قشّ” مقاعد واستغلال ارتباك البلوك السنّيّ في الدائرة وتضعضعه.
أسامة ضدّ الثنائيّ
أخذ النائب أسامة سعد خياره بالسير مع قوى التغيير وفكّ التحالف مع الثنائي الشيعي، مع العلم أنّ لائحة أخرى تحمل لافتة قوى التغيير وحركة 17 تشرين ستحجز مكانها ضمن لوائح جزّين-صيدا.
إثر الابتعاد عن لائحة حليفه السابق التيار الوطني الحر، والتأخّر في “ردّ جواب” عن إمكانية تحالفه مع أمل وحزب الله، لم “يحسمها” عبد الرحمن البزري بعد، مُدرِكاً أنّ التحالف مع أسامة سعد سيكون على حسابه.
إقرأ أيضاً: بيروت الأولى:”ضايعة الطاسة”!
من جهتها لا تزال الجماعة الإسلامية في طور دراسة وضعها الانتخابي وظروف المعركة.
أمّا القوات اللبنانية فتخوض المنازلة الجزّينيّة بالتعاون مع غادة أيوب بو فاضل عن المقعد الكاثوليكي وسعيد الأسمر عن المقعد الماروني، فيما لا تزال تفتّش عن مرشّح سنّيّ على اللائحة كان “تبرّع” به رجل الأعمال مرعي أبو مرعي عام 2018 من خلال ترشيح سمير البزري (تجمّع 11 آذار).