“ضايعة الطاسة” في بيروت الأولى و”فرفطة” التحالفات السابقة تنبئ بمفاجآت من العيار الثقيل.
فعلى مسافة أسبوعٍ واحد من إقفال باب الترشيح يبدو المشهد الانتخابي بالِغ الغموض: “مش معروف ترشيح مين على لائحة مين”.
ضياعٌ كامل تعيشه الشخصيات البيروتية والأحزاب الكبرى التي بالكاد تملك حاصلاً واحداً، إضافة إلى أزمة تتشارك فيها معظم الدوائر وهي معضلة التفتيش عن “ركّاب” اللوائح لإكمال العدد واستغلال ما يملكون من أصوات لرفع الحواصل فقط.
الحاصل الانتخابي الذي هوالأدنى في بيروت الأولى مقارنة بكافة الدوائر. إذ يتوقّع ألا يزيد عن 5,500 صوت، يشجّع الكثيرين على خوض المعركة لاقتناص المقاعد “الفالتة”، خصوصاً أنّ القانون الانتخابي يسمح بتأمين نيابة “من ذهب” بعشرات من الأصوات فقط.
التيار يتفاوض حالياً مع جورج شهوان وايلي أسود، الأمين العام السابق لـ”هيئة قدامي القوات”. لكن الاسم الماروني على اللائحة العونية لم يُحسم بعد
دائرة الاشرفية-الصيفي-الرميل-المدور بمقاعدها المسيحية الثمانية قد تفرّخ أكثر من أربع لوائح، بعدما تعلّم المرشّحون من درس انتخابات 2018 وتحت ضغط “هندسة” كسور الحواصل وفي ظل معركة الإلغاء المفتوحة على مصراعيها في قلب العاصمة.
أضف إلى ذلك توقع نسبة إقتراع متدنية قد لا تتجاوز الـ33% التي سجّلتها الانتخابات الماضية وكانت الأقل مقارنة بكافة الدوائر.
“ما زبطت بعد” مع فرعون!
يخوض التيار الوطني الحر معركة صعبة جداً للاحتفاظ بالمقاعد الأربعة التي فاز بها في انتخابات 2018 (نقولا صحناوي: كاثوليكي، هاغوب ترزيان، وألكسندر ماطوسيان: أرمن ارثوذكس، أنطوان بانو: مقعد الاقليات) بالتحالف مع الطاشناق ومسعود الاشقر بمجموع أصوات للائحة 18,373. ومرشحه الثابت هو نقولا صحناوي، فيما والورشة مفتوحة لاختيار باقي المرشحين.
حتى الآن لا يزال تحالف التيار-الطاشناق غير واضح: هل يلتقيان على اللائحة نفسها أو ضمن لائحتين؟
ماذا عن القوات؟
على صعيد القوات “ما زبطت… بعد” مع ميشال فرعون. الأخير لم يحسم قراره، مع العلم أنّه يمون على أكثر من 3 آلاف صوت في الدائرة. نائب الاشرفية السابق تلقى عروضاً من الجميع واشتغل على مسعى لجمع أقطاب قوى 14 آذار ضمن لائحة واحدة أو بشكل منفصل، تحديداً بين القوات وتيار المستقبل، الذي يقدّر بلوكه للتصويت الانتخابي بنحو 1500 صوت في الدائرة.
لكنّ قرار المستقبل بالانسحاب من العمل السياسي والانتخابي والعلاقة المتوترة بين معراب وبيت الوسط ساهما في فرملة المسعى.
يوم الجمعة سيطلّ فرعون على قناة “mtv” ليحسم قراره الانتخابي، مع العلم أن لا صحة للأخبار التي تحدثت عن إمكان ترشيح نجله. إمّا يترشح بنفسه أو ينسحب من المعركة!
وانضمّ إلى لائحة القوات جهاد بقرادوني، نجل رئيس حزب الكتائب السابق كريم بقرادوني عن أحد المقاعد الثلاثة للأرمن الارثوذكس.
جهاد بقرادوني، الذي تواصل معه الجميع، كان أمامه ثلاثة خيارات: القوات، ميشال فرعون أو بولا يعقوبيان.
لم يكن التيار الوطني الحر من ضمن الاحتمالات. إذ لم يكن بقرادوني يوماً قريباً من التيار الوطني الحر بخلاف الانتماء السياسي لوالده كريم بقرادوني.
اختار القوات لتماهيه مع خطابها السيادي المواجه لحزب الله ولأنّ “الحزب لم تتلوّث يده بالصفقات والمحاصصات والفساد”، كما ينقل عنه.
ضياعٌ كامل تعيشه الشخصيات البيروتية والأحزاب الكبرى التي بالكاد تملك حاصلاً واحداً
من الأشرفية إلى عاليه
يبقى ترشيح الوزير القواتي السابق ريشار قيومجيان عن الأرمن الكاثوليك عالقاً ربطاً بالمفاوضات بين الحزب التقدمي الاشتراكي وسمير جعجع على مقعد عاليه الماروني.
وليد جنبلاط يريد راجي السعد قريب أنطون الصحناوي، وسمير جعجع يريد أميل مكرزل. وإذا رسا الخيار على راجي السعد، بخلاف رغبة جعجع، سينافس قيومجيان النائب طالوزيان على مقعد الأرمن الكاثوليك في بيروت الأولى.
عام 2018 فاز تحالف القوات وفرعون ونديم الجميّل وأنطون الصحناوي وقوى 14 آذار بثلاثة مقاعد بمجموع أصوات بلغ 16,772 (عماد واكيم أرثوذكس، نديم الجميّل ماروني، وجان طالوزيان أرمن كاثوليك).
لكنّ القوات تصارع تقريباً وحدها اليوم بمرشحها الارثوذكسي غسان حاصباني بعد “نيابة” عماد واكيم الذي حلّ رابعاً في ترتيب الفائزين في الدورة الماضية (3,936) بعد الصحناوي (4,788) وطالوزيان (4,166) والجميّل (4,096).
هل ينسحب نديم الجميل؟
أيضاً، ولحسابات سامي الجميل السياسية والانتخابية، انفصل نديم الجميل عن تحالفه السابق مع القوات.
تُحاصر نديم مشكلة شخصية أبعد من العلاقة المرتبكة مع ابن عمّه سامي. وحسابات الربح والخسارة مع “الحكيم” ترتبط بالشرط الذي وضعته زوجته عليه بعدم الترشّح إلى الانتخابات النيابية والعمل في الشأن العام. مع العلم أنّ عمّه جو العسيلي، والد زوجته، فتح له طريقاً للعمل والاستثمار في قطر.
لذلك تردّدت معلومات عن احتمال انسحابه من الانتخابات. ثم تدخلت قوى من محور 14 آذار على رأسها فارس سعيد لثنيه عن قراره.
مبدئياً سيكون الجميل في عداد لائحة تضمّ جان طالوزيان وطوني نعمة (أرثوذكسي). الأخير كان يفترض أن يكون من عداد لائحة التيار الوطني الحرّ لكنّه عاد والتحق بلائحة الجميل-طالوزيان.
“بلوك مسعود”
يُذكر أنّ حليف التيار الوطني الحرّ عام 2018 الراحل مسعود الأشقر الذي نال 3,762 صوتاً تفضيلياً بمجهود خاص يوازي عمل ماكينة حزبية كاد يطيح بمقعد نديم الجميّل الذي نال 4,096 صوتاً تفضيلياً.
و”بلوك” الأصوات الذي تركه يتهافت عليه كثيرون كونه يقترب من تأمين حاصل. ويُشكّل طوني نعمه جزءاً من مجموع أصوات مسعود الأشقر.
لذلك فإنّ “مفاتيح” هذا البلوك الانتخابي ينتظرون جوجلة اللوائح لاتّخاذ القرار النهائي بالترشيح والدعم بما يخدم مصلحتهم. كما أنّ التيار الوطني الحر يعيش هاجس الحفاظ على “تركة مسعود” وفي الوقت نفسه لا يزال يفتش عن ماروني من أصحاب الحيثية إلى جانبه، وهي المعضلة نفسها التي تواجه القوات.
أزمة الماروني
التيار يتفاوض حالياً مع جورج شهوان وايلي أسود، الأمين العام السابق لـ”هيئة قدامي القوات”. لكن الاسم الماروني على اللائحة العونية لم يُحسم بعد. أمًا القوات فتواصلوا مع المحامي فريد خوري. لكن تمّ استبعاده لأنه من منطقة جزين.
إقرأ أيضاً: المرّ أحرَجَ الطاشناق… وروكز مع نحّاس في المتن؟!
على مستوى المجتمع المدني تنشط النائبة بولا يعقوبيان مع “مدينتي” وزياد عبس ومرشحين من قوى متفرّعة عن حركة 17 تشرين لتسكير اللائحة، مع محاولة لتأمين حاصلين انتخابيين.
لكنّ أداء يعقوبيان وتحكّمها بالترشيحات دفعا العديد من المستقلين وقوى المجتمع المدني إمّا إلى الانضواء في لوائح أخرى أو محاولة تشكيل لائحة أخرى للمعارضة في بيروت.