منذ فترة قصيرة بدأت قيادة الجيش بتوزيع مساعدات ماليّة بـ”الفريش” قيمتها مئة دولار أميركي لكلّ ضابط وعسكري في الجيش. وقد وصلت قيمة المبالغ حتى الآن إلى 8 ملايين دولار أميركي. ولا “صلاحيّة” محدّدة لهذه المساعدة ومدّتها، فهي ستُمنَح طالما “الاعتماد” متوافر.
عمليّاً، ليس مصدر الدولارات “الطازجة” صندوق الأمم المتحدة المفترض أن تساهم فيه الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية وخليجية، بل يتأتّى من “مخزون” هبات ومساعدات قُدِّمت للجيش ومرصودة لدى مصرف لبنان.
وتشير معلومات إلى أنّ بعض الدول ممّن تسمح قوانينها بذلك بدأت بالفعل تخصيص أموالٍ للقوى العسكرية والأمنيّة عبر هذا الصندوق
وتؤكّد معلومات لـ”أساس” أنّ “هناك كميّة من الأموال تراكمت في مصرف لبنان لمصلحة الجيش، وهي حصيلة هبات ومساعدات من مغتربين ومتموّلين، لبنانيين حصراً، في الداخل والخارج. وبدأت هذه الهبات بالتدفّق إلى حساب خاصّ للجيش في مرحلة المواجهات ضدّ التنظيمات الإرهابية في عرسال خلال عهد قائد الجيش السابق العماد حان قهوجي، واستمرّت مع تعيين العماد جوزيف عون قائداً للجيش وصولاً إلى معركة فجر الجرود. ومع انفجار الأزمة المالية والاقتصادية ازداد منسوب الدعم للجيش”.
في المعلومات أنّه “خلال الفترة الماضية كان يتمّ صرف الجزء الأكبر من هذه الأموال بالدولار في مجال الطبابة العسكرية، بحيث استطاع الجيش أن يوفّر الاستشفاء والأدوية للعسكر وأهاليهم بنسبة مئة في المئة. وحين تخطّى الدولار عتبة 33 ألف ليرة وأصبح الوضع كارثياً، أخذ قائد الجيش المبادرة وطلب من مصرف لبنان رصد مبالغ ستقوم قيادة الجيش بتوزيعها على العسكر من دون تمييز بين ضابط وعسكري”.
يقول مطّلعون إنّ “هذه المبالغ هي “سَندة” فقط إلى حين بدء تدفّق المساعدات المالية من صندوق الأمم المتحدة، الذي لا تزال بعض الدول تدرس الإجراءات القانونية في بلادها من أجل المساهمة فيه”، فيما المساعدات العينيّة والمساعدات الغذائية وقطع الغيار وكلّ المستلزمات اللوجستية لا تزال تصل من العديد من الدول في الخارج.
ويرى هؤلاء أنّه “حين تدشّن الولايات المتحدة دفع الأموال للصندوق، فإنّ الأرجح أن تلحقها غالبيّة الدول”.
معلومات لـ”أساس”: هناك كميّة من الأموال تراكمت في مصرف لبنان لمصلحة الجيش، وهي حصيلة هبات ومساعدات من مغتربين ومتموّلين، لبنانيين حصراً، في الداخل والخارج
دراسات مستقبلية
قيادة الجيش كانت قد أصدرت في تشرين الثاني الماضي بياناً، ردّاً على تسريبات عن “تدويل” رواتب عسكريّيها، قالت فيه إنّ “بعض الدول، بالتنسيق مع الأمم المتحدة، بدأت بدراسة الصيغة القانونية التي تتيح دعم رواتب العسكريين. وتضع حاليّاً كلّ من الولايات المتحدة الأميركية والأمم المتحدة دراسة تشمل كلّ الاقتراحات التي تتوافق مع قوانين هذه الدول، بهدف رفعها إلى السلطات المقرّرة لبَتِّها”.
وأكّدت قيادة الجيش أنّ “هذا المشروع لا يزال قيد الدراسة والمعالجة على أعلى المستويات، بانتظار أن توافق عليه كلّ السلطات المعنيّة ليسلك مساره، وفي حال إنجازه سيتمّ الإعلان عنه بشكل رسمي”.
وتشير معلومات إلى أنّ بعض الدول ممّن تسمح قوانينها بذلك بدأت بالفعل تخصيص أموالٍ للقوى العسكرية والأمنيّة عبر هذا الصندوق.
ويؤكّد مطّلعون أنّ “خطوة توفير المئة دولار ترافقت طوال أشهر الأزمة مع إجراءت تقشّف قاسية داخل الجيش لناحية المواكب والحوافز التي يمكن الاستغناء عنها في وقت الشدّة وصولاً حتّى إلى بونات البنزين”.
إقرأ أيضاً: في جمهوريّة العار… الضابط “فاليه باركينغ”
وبالتزامن مع بدء توزيع مبالغ بالدولار على عناصر الجيش، كان وزير الداخلية بسام المولوي يُطلق صرخات استغاثة، لم تلقَ صدى حتى الآن، بسبب رفض معظم المستشفيات استقبال العناصر على نفقة قوى الأمن، مشترطةً الدفع مسبقاً ونقداً للمبالغ المطلوبة التي يصل بعضها إلى مئات ملايين الليرات. وبات هذا الواقع يضغط بقوة داخل صفوف قوى الأمن الداخلي ويؤثّر على معنويّات عناصرها.
حتى الآن لا تزال قيادات القوى الأمنية والعسكرية قادرة على تقديم محفّزات الصمود لقوى النخبة لديها، وكلّ مستلزمات عملها الأمني الذي لا يحتمل أيّ سقطة، ويتمّ ذلك خصوصاً من رصيد المخصّصات السريّة. لكنّ الميزانيات الهزيلة والتدهور الكارثي في قيمة العملة الوطنية عاملان ساهما في تفاقم الأوضاع، بحيث خرجت الكثير من الآليّات العسكرية عن الخدمة بسبب صعوبة توفير قطع الغيار، إضافة إلى معاناة شراء محابر ومستلزمات إدارية أساسية.