ينشر “أساس”، بدءًا منذ الأمس، سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث 2021، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022.
العام المنصرم 2021 هو قصّة نجاح سعوديّة في عام صعب على الجميع، وقصّة تستحقّ أن تُروى.
سياسيّاً بدأ العام 2021 بتحدٍّ يرتبط بالعلاقة السعودية الأميركية التي شابها الغموض مع وصول إدارة الرئيس بايدن الجديدة.
كلّ المؤشّرات كانت تقول إنّ العلاقات بين الرياض وواشنطن ستكون صعبة ومعقّدة. ومع انصرام عام 2021، ودخول 2022، يمكن أن يُقال إنّ السعودية تجاوزت ذلك المجهول، وبتحريض من كثر، وحقّقت نجاحات سياسية على كلّ الأصعدة.
التزمت السعودية القاعدة الذهبية، وهي الاهتمام بالداخل السعودي أوّلاً وفق عقلانية الرياض العريقة، بحيث تستقبل السعودية عام 2022 واقتصادها في حالة تعافٍ حقيقية، ووسط وضع صعب أصاب العالم اقتصادياً بسبب جائحة كورونا.
ما يُحسب للسعودية في قصة نجاح العام الصعب 2021 أنّ كلّ ذلك تمّ وفق قاعدة ذهبية هي الاهتمام بالداخل السعودي، وهو ما أدّى إلى نجاح إقليمي، ودولي
واصلت السعودية خططها الإصلاحية وفق رؤية 2030، حيث تمكين المرأة، والإصلاح الاجتماعي، والتطوير الثقافي، وتقديم المبادرات الاستثمارية، والإصلاح القضائي، والاستمرار من دون هوادة بمكافحة الفساد التي باتت نموذجاً يُحتذى به في المنطقة، وموضع إشادة دولية.
ووسط كلّ ذلك الانشغال بالهمّ الداخلي، بحيث باتت السعودية ورشة عمل مفتوحة، أثبتت السعودية حقّها السيادي في ميدان أسعار البترول، وسط موجة حملات مُغرضة، وفتحت آفاقاً سياسية لا يمكن تجاهلها.
استهلّت السعودية العام 2021 باتفاق العلا، الذي طوى صفحة الخلاف الخليجي-الخليجي، وفتحت آفاقاً خليجية أضفت حالة من التفاؤل ليس على مستوى أبناء الخليج وحسب، بل وبين القيادات الخليجية نفسها، وهو الأمر الذي تجلّى بالقمّة الخليجية في شهر كانون الأول، التي كانت نتاج جولة خليجية مهمّة ولافتة قام بها وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز لكلّ دول الخليج، واُستُقبل فيها استقبال الملوك، وكُسِرت كلّ البروتوكولات للضيف الكبير.
أدّت تلك الجولة الخليجية لوليّ العهد، ومن بعدها القمّة، إلى صدور بيانات خليجية وصلت إلى 72 بنداً، وبشكل غير مسبوق في التطابق بالمواقف وترسيخ العقلنة والاستقرار، والتنمية، والانفتاح بمجلس التعاون.
في 2021 عزّزت الرياض العلاقات مع بغداد، ودعمت الإصلاح السياسي هناك، وتُوِّج ذلك بعلاقة سعودية عراقية غير مسبوقة منذ عام 2003، وعزّزت الرياض أيضاً العلاقات الاستراتيجية مع الحليف المصري.
وبالنسبة لليمن قدّمت السعودية مبادرات نزعت أوراقاً مغرضة، وتُوِّج ذلك بتمرير صفقة أسلحة أميركية للرياض، وسط تأييد لافت بالكونغرس، سبقه خطاب من البيت الأبيض يتحدّث عن “الشريك السعودي” بعدما كانت إدارة بايدن تتحدّث عن إعادة تقييم العلاقة مع السعودية.
وقامت السعودية بتجديد رسم الخطوط الحمراء للحوثيين عمليّاً، من خلال عمليات عسكرية جراحية، ونجاح استخباري لافت تمثّل في اختراق القيادات الحوثية، وكشف العلاقة بينهم وبين حزب الله بالصورة والصوت.
كلّ ذلك حدث في عام واحد، وعلى عدّة ملفّات مهمّة ومصيرية، وأبرزها الملفّ الإيراني النووي، والاندفاع الأميركي لإنجاز اتفاق مع طهران، وهو ما يشكّل تحدّياً وجودياً للمنطقة ككلّ، وليس لدولة واحدة وحسب.
إقرأ أيضاً: 2021 عام النجاح والفشل
وما يُحسب للسعودية في قصة نجاح العام الصعب 2021 أنّ كلّ ذلك تمّ وفق قاعدة ذهبية هي الاهتمام بالداخل السعودي، وهو ما أدّى إلى نجاح إقليمي، ودولي. لم يكن عاماً سهلاً، لكنّ عزيمة القيادة السياسية كانت نموذجاً يُحتذى به.