راقبت كثيراً من التعليقات على الخطاب الأخير لزعيم حزب الله حسن نصر الله، الذي هدّد فيه الجميع، ومنهم رئيس حزب القوات الدكتور سمير جعجع، وكال التهم يميناً ويساراً.
انشغل كلّ طرف في التعليق على ما يهمّه من حديث نصر الله، خصوصاً عندما أخبر اللبنانيّين متوعّداً أنّ لديه مئة ألف مقاتل، وانشغل كُثُر في تكلفة معيشة هؤلاء المقاتلين، لكنّ الأخطر في كلام نصر الله مرّ مرور الكرام.
في خطابه الأخير هدّد نصرالله بعظمة لسانه بأنّه سيستخدم المرتزقة من الميليشيات غير اللبنانية لمحاربة اللبنانيين
يقول نصر الله في خطابه المتوتّر، الذي أسمّيه “خطاب المذعور”، لأنّ القوي لا يحتاج إلى تهديد: “أريد أن أقول شيئاً لحزب القوات ورئيس حزب القوات اللبنانية. إذا كنت تريد أن تحضّر لحرب أهليّة وتفرضها علينا فلا بدّ أن تكون حساباتك صحيحة…”، مضيفاً: “أريدك أن تأخذ علماً، وأنا أوّل مرّة أكشف هذا الرقم لكي أمنع الحرب الأهليّة، وليس لكي أهدّد بحرب أهليّة. شوف، بس حزب الله الهيكل العسكري، ونحن لا ننكر أنّ لدينا هيكلاً عسكريّاً، وعندنا سلاح وإمكانيات…”، ويتابع نصرالله إلى أن يقول، وهنا الأهمّ: “فقط حزب الله، وأكلّمك فقط عن الرجال، وفقط عن اللبنانيين، مدرّبين ومنظّمين ومهيكلين ومسلّحين وأصحاب تجربة، وإذا أشير لهم أن يحملوا على الجبال ويزيلوها، 100 ألف مقاتل”.
وهنا بيت القصيد، حيث يقول نصر الله: “وفقط أتحدّث عن اللبنانيين، مدرّبين ومنظّمين ومهيكلين ومسلّحين”. إذاً هو يتحدّث فقط عن مقاتلين لبنانيين، ويهدّد باستخدام مرتزقة أفغان وغيرهم من إيران والعراق واليمن لتدمير لبنان.
كان نصر الله في خطابه يترجم تصريحات المسؤول الإيراني الذي قال إنّ لطهران ستّة جيوش في العالم العربي، وهو يقصد ميليشيات ومرتزقة. وهذا يؤكّد ما كان يُقال منذ عام 2000 بأنّ الحزب ما هو إلا معول هدم وتدمير لدولنا، وكان كُثُر مخدوعين بكذبة المقاومة والممانعة المزيّفة.
في خطابه الأخير هدّد نصر الله بعَظْمة لسانه بأنّه سيستخدم المرتزقة من الميليشيات غير اللبنانية لمحاربة اللبنانيّين، وهو ما يناقض خطابه نفسه، حين توجّه إلى المسيحيين في لبنان محذّراً من أنّ “أكبر تهديد للوجود المسيحي في لبنان وأمن المجتمع المسيحي هو حزب القوات ومشروعه المتمثِّل في إقامة كانتونات الذي لا يزال التفكير فيه قائماً”، فيما في الخطاب نفسه يلوِّح بعدد مسلّحيه من اللبنانيين فقط.
تصريح نصرالله هذا هو الأخطر، وهو دليل واضح على أنّ نصر الله، ومعه حزب الله، غير معنيّ بأمن لبنان، ولا استقراره، ولا الأمن العربي، ولا حقن الدماء فيه، بل هو معنيّ بالمشروع الإيراني، لأنّ حسن نصر الله ما هو إلا زعيم ميليشيا إيرانية هدفها تحقيق أجندة إيران في المنطقة.
إقرأ أيضاً: هذا هو لبنان المطلوب دعمه؟
لم تراعِ إيران الإيرانيين، ناهيك عن المسيحيين والسنّة والشيعة في كلّ مكان من منطقة الشرق الأوسط، سواء في لبنان، أو اليمن، أو العراق، أو سوريا، ويكفي النظر إلى حال تلك الدول، وما كانت عليه، وما آلت إليه، للتوصّل إلى هذه الحقيقة.
هذا ليس تحليلاً، ولا تغييراً للحديث، بل هو تسليط للضوء على ما قاله نصر الله نفسه، وهو ما لم يتنبّه له كثر.