تتلطّى القوى السياسية خلف الخوف من تأجيل الانتخابات النيابية لتهرب من استحقاق وضرورة تعديل قانون الانتخاب الحالي، الذي أثبت فشله وعقمه وطائفيّته، كما تقول معظم القوى السياسية في كلّ مناسبة.
تتمسّك قوى المنظومة السياسية بالقانون الحالي الذي فُصِّل على قياسها وقياس زعمائها، وما دام ميزان القوى الذي فرض هذا القانون لا يزال كما هو، فإنّ من البديهي ألا يتمكّن أيّ فريق سياسي معارض من تعديله.
تبدو القوى السياسية المتناحرة على كل شيء تقريباً متّفقةً في مخاوفها من تعديل قانون الانتخابات، الذي قد يتسبّب بتأجيل الاستحقاق برمّته. وقد عبّرت عن ذلك عبر ممثّليها الذين شاركوا في ورشة نظّمتها جمعية “مسار” تحت عنوان: “انتخابات 2022: المسار والمصير”، عبر تطبيق “زوم”، بحضور ممثّلين عن الأمم المتحدة ومنظمات دولية ومنظّمات المجتمع المدني وأحزاب لبنانية.
تتمسّك قوى المنظومة السياسية بالقانون الحالي الذي فُصِّل على قياسها وقياس زعمائها، وما دام ميزان القوى الذي فرض هذا القانون لا يزال كما هو، فإنّ من البديهي ألا يتمكّن أيّ فريق سياسي معارض من تعديله
أشار رئيس جمعية “مسار” كمال شيّا إلى أنّ “لبنان لن يقوم من كبوته العميقة إلا من خلال تنفيذ إصلاحات حقيقية وجذرية”. ورأى أنّ “هذه الإصلاحات لن تتحقّق إلا إذا كان مدخلها إجراء انتخابات نيابية تمثّل المواطنين والمواطنات بشكلٍ صحيح. وهذا يتطلّب إصلاح القانون الانتخابي غير العادل، الذي يُعيد إنتاج القوى السياسية نفسها، ليكون المدخل الأساسي إلى الإصلاح الحقيقي على المستوى الوطني، وللوصول إلى نظام سياسي جديد قائم على المواطنيّة لا على المذهبية، وعلى احترام القانون وتطبيقه لا على الإفلات من العقاب، وعلى المساواة الشاملة بين كل المواطنين والمواطنات”.
من جهته، أيّد مسؤول الملف الانتخابي في تيّار المستقبل المحامي فادي سعد في مداخلته تعديل القانون لجهة الصوت التفضيلي وتقسيم الدوائر لكي تكون متوازنة طائفياً ومذهبياً وعددياً، وقال: “نحن مع تعديل قانون الانتخاب لأنّه تبيّن بعد التطبيق أنّه أسوأ قانون، إذ يرفع منسوب الطائفية ويوجّه الناس طائفياً ومذهبياً”.
وأضاف: “نحن مع إجراء الانتخابات بنفس القانون الانتخابي القديم، ولكنّنا كتيار مستقبل مع إعادة النظر في طريقة إدارة الانتخابات وفي هيئة الإشراف عليها. فهناك مشكلة في القانون الحالي، ونحن مع تعديله. إلا أنّ التعديلات يجب إجراؤها من دون أن تؤثّر على موعد الانتخابات المقبلة”.
أمّا ممثّل الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر الحسن فرأى أنّ “هذا النقاش قديم جديد، وكلّ الإصلاحات التي تمّ ذكرها هي عنوان للتغيير الفعلي، إلا أنّه حتى الآن ليس من إرادة حقيقية في لبنان لإحداث هذا التغيير. وهذا النقاش لا يمكن أن يُربَط بفترات زمنية تؤثّر على موعد إجراء الانتخابات، بمعنى أنّ التعديلات ليست حجّةً لتأجيل الانتخابات إذا لم تتحقّق قبل الانتخابات. ما يحصل مرتبط بقرار سياسي، فإنجاز الإصلاحات أو عدم إنجازها ليست مسألة تقنيّة”.
ووجَّه الحسن سؤالاً إلى المشاركين وإلى القوى السياسية التي لم تحدّد موقفها، منها حزبا الكتائب والقوات اللبنانية، فقال: “هم يسألون عن تأثير هذه الإصلاحات، لكنّهم لم يحدّدوا موقفهم من إجراء الإصلاحات والتعديلات. فهل هم مع لبنان دائرة انتخابية واحدة وغير ذلك من الأمور؟ من المعروف أنّ القانون الانتخابي لن يغيّر شيئاً في الدورة المقبلة”.
وختم الحسن: “ترفع بعض الأطراف السياسية شعار “التغيير في لبنان”، وأصبحت تواجه على أساس هذا الشعار”. وسأل: “هل هو تغيير موازين القوى السياسية؟ ما هو التغيير المطلوب بوجه الطبقة السياسية؟ ما هو عنوان التغييرات إذا كانت الطبقة السياسية غير موافقة على الإصلاحات والتغييرات؟ علينا أن نكون صريحين وواضحين في لبنان. أيّ تغيير جذري يجب أن يؤدّي إلى تغيير في بنية الإطار السياسي”.
من جهته، أشار ممثّل التيار الوطني الحر إيلي حنا إلى أنّ التيار الوطني الحر مع أيّ تعديل للقانون، مثل الميغاسنتر وتوسيع الدوائر، لكنّنا لسنا مع دائرة واحدة لكل لبنان. علينا أن نطبّق اتفاق الطائف ونتخلّى عن الطائفية السياسية. يحتاج القانون الانتخابي الحالي إلى قليل من التعديلات ليصبح مقبولاً لدى الجميع. لكنّ التعديلات يجب أن لا تكون سبباً لتأجيل الانتخابات. وإذا كان هذا القانون حجّةً للتأجيل نُفضّل خوض الانتخابات وفق القانون القديم”.
إقرأ أيضاً: الانتخابات النيابيّة: مع إيران أو ضدّها
ثمّ كانت مداخلة لممثّل حزب الكتائب باتريك ليشا الذي دعا إلى سلسلة طويلة من التعديلات على القانون الحالي، لكنّه أكّد أنّه ضدّ أيّ تأجيل لموعد الانتخابات.
في المحصّلة، يبدو أنّ انتخابات 2022 ستُخاض بقانون 2018، وليس معروفاً أيّ تغيير ستحمله هذه الانتخابات.