مساءَ اليوم الخميس، يُعقَد اللقاء الأوّل بين رئيس الولايات المُتّحدة جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الذي يزور العاصمة الأميركيّة واشنطن، بعد نجاح عمليّته المُشتركة مع بايدن لإقصاء رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو من السّلطة عبر الكوكتيل اليساري – الوسطي – اليميني – العربيّ.
لن يكونَ لقاءً عاديّاً، بل أكثر من استثنائيّ نظراً إلى ظروف المنطقة وتوجّهات الإدارة الأميركيّة الجديدة المُنسحبة من أفغانستان على أن يلي الخطوةَ الأميركيّةَ انسحابٌ مُماثلٌ من أرض الرّافدين مع نهاية سنة 2022.
لا يريد الإسرائيليّون أن يحصل حزب الله على باخرةٍ قد تليها ثانية وثالثة، إذ إنّها قد تُشكّل عامل مساعدةٍ له في الأزمة غير المسبوقة التي يمرّ بها لبنان، وبطبيعة الحال حزب الله. ويعتقد الإسرائيليّون أنّ وصول الحزب إلى مبتغاه عبر الباخرة قد يُحقّق “نصراً معنويّاً” لإيران
داخل المكتب البيضاويّ، ستفرض إيران المُندفعة قُدُماً ببرنامجها النّوويّ مع رئيس جديد مُتشدّد لأقصى الحدود نفسها في صلبِ المحادثات. إيران المُنطلقة نوويّاً بقيادة إبراهيم رئيسي أعلنت التزامها دعم أذرعها المُنتشرة على امتداد الشّرق الأوسط ليسَ بالمال والسّلاح فقط، بل بالنفط أيضاً بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله قبل أيّامٍ انطلاق أوّل سفينة نفطيّة من سواحل إيران إلى لبنان، وهذا ما سيفرضُ نفسه أيضاً على طاولة بايدن – بينيت.
في الشأن اللبناني، سيتناول الطّرفان “التهديد” الذي يُشكّله حزب الله. الهمّ الأوّل والأخير بالنّسبة إلى تل أبيب هو الكمّ الهائل من الصّواريخ الدّقيقة والبعيدة المدى التي كدّسها الحزب في مخازنه خلال السّنوات الـ10 الأخيرة، أضِف إليها قتاله الطّويل في الحرب السّوريّة والخبرة التي اكتسبها مُقاتلوه في المعارك الفاصلة التي شهدتها الأراضي السّوريّة.
لم يعُد خافياً أنّ دوائر القرار في تلّ أبيب تنظر إلى ملفّ الصّواريخ الدّقيقة كتهديدٍ استراتيجيّ كاسرٍ للتّوازن والتّفوّق العسكريّ الإسرائيلي المُتمثّل في الدّرجة الأولى بالقوّة التدميريّة لسلاح الجوّ. بالإضافة إلى التهديد الاقتصاديّ الذي يُمكن أن تسبّبه هذه الصّواريخ في حال تمّ استخدامها ضدّ منشآت استراتيجيّة إسرائيليّة وبنىٍ تحتيّة كما كان يهدّد نصرالله في أوقاتٍ سابقة.
مع همّ الصّواريخ، ظهرَ همٌّ جديد يحمله بينيت معه إلى البيت الأبيض، وهو ناقلة النّفط الإيرانيّة. يُدركُ بينيت جيّداً أنّ الباخرة وسواها لم تكن لتُبحرَ من مكانها لولا وجود “غضّ نظرٍ” من واشنطن التي ترى عيونها كلّ ما يدخل ويخرج في المنطقة المُمتدّة من الخليج وبحر العرب مروراً بالبحر الأحمر ووصولاً إلى البحر الأبيض المُتوسّط بمضائقها وممرّاتها المائيّة دون استثناء. وهذا ما يؤكّده طَلَب الأميركيين من المصريين عبر قنواتٍ دبلوماسيّة “غضّ النّظر” عن مرور النّاقلة في قناة السّويس بحسب ما علمَ “أساس”.
وهنا سيكون لبينيت رأيٌ بضرورة منع الباخرة من إيصال حمولتها إلى لبنان، لكن من المُرجّح أن لا ينال طلبه لسببٍ واحدٍ لا ثانيَ له: “لا تريد واشنطن تصعيداً في المنطقة حاليّاً، وخصوصاً مع إيران”. وهذا ما أبلغه مدير وكالة الاستخبارات الأميركيّة ويليام بيرنز إلى مَن التقاهم في تلّ أبيب في زيارته الأخيرة التي كان على جدول أعمالها الإعداد لزيارة بينيت إلى واشنطن.
إيران المُنطلقة نوويّاً بقيادة إبراهيم رئيسي أعلنت التزامها دعم أذرعها المُنتشرة على امتداد الشّرق الأوسط ليسَ بالمال والسّلاح فقط، بل بالنفط أيضاً بعد إعلان الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله قبل أيّامٍ انطلاق أوّل سفينة نفطيّة من سواحل إيران إلى لبنان، وهذا ما سيفرضُ نفسه أيضاً على طاولة بايدن – بينيت
لا يريد الإسرائيليّون أن يحصل حزب الله على باخرةٍ قد تليها ثانية وثالثة، إذ إنّها قد تُشكّل عامل مساعدةٍ له في الأزمة غير المسبوقة التي يمرّ بها لبنان، وبطبيعة الحال حزب الله. ويعتقد الإسرائيليّون أنّ وصول الحزب إلى مبتغاه عبر الباخرة قد يُحقّق “نصراً معنويّاً” لإيران.
هذا عن لبنان.. ماذا عن إيران؟
مع تولّي إبراهيم رئيسي منصب الرّئيس في إيران، زادَ القلق الإسرائيلي من إيران أكثرَ وأكثر. يعلم بينيت جيّداً أنّ رئيسي سيتّجه علناً وبلا مواربة إلى زيادة الدّعم للأذرع والميليشيات الإيرانيّة في المنطقة، وهذا كان واضحاً في تصريحاته. بالإضافة إلى تصلّبه في الملفّ النوويّ.
هذا الملف، الذي يريد بينيت أن يكبح جماحه خشية وصول إيران إلى إنتاج موادٍ انشطاريّة تُستخدم في السّلاح النّوويّ، كما قال وزير دفاعه بيني غانتس قبل أسابيع قليلة. وبهذا الخصوص، أشار بينيت في تصريحٍ له أنّه سيُناقش مع بايدن خطّة عمل استراتيجيّ مُشترك لاحتواء “الخطر الإيرانيّ” ومنع طهران من تطوير برنامجها النّوويّ، وهذا ما كشفه “أساس” في 14 آب الجاري في مقالةٍ عن مباحثات مدير الـ CIA ويليام بيرنز في تلّ أبيب.
ويسعى بينيت إلى الحصول على موافقة الرّئيس الأميركيّ على الخطّة الإسرائيليّة التي تتضمّن تشديد العقوبات الاقتصاديّة على إيران وعزلها دبلوماسيّاً. وبخطّة العمل هذه، سيؤكّد بينيت لبايدن أنّه لا يُشبه نتانياهو، وأنّه تحت الجناح الأميركيّ في مواجهة إيران من دون أن يتحرّك مُنفرداً، لكنّه يريد من واشنطن أن تتفهّم موقف تلّ أبيب.
تفهّم الموقف الإسرائيلي سيُعبّر عنه بايدن بضمان التفوّق العسكريّ للدّولة العبريّة عبر مدّ الجيش الإسرائيلي بتقنيّات عسكريّة مُتطوّرة تضمن لها التّفوّق على إيران وحلفائها في المنطقة في حال استطاع بايدن أن يُبرمَ اتفاقاً مع طهران.
إقرأ أيضاً: في جمال اللغة وقباحة الواقع: السفينة أرضٌ لبنانيّة؟
المُؤكّد أنّ إدارة بايدن تريد هدوءاً حتّى عودة المُباحثات النّوويّة مع إيران خلال شهر أيلول المُقبل. وفي الوقت عينه، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى كسب التّأييد الأميركيّ وعدم الرّهان على رحيل الإدارة الدّيموقراطيّة كما فعل سلفه نتانياهو إبّان ولاية الرّئيس باراك أوباما الأولى. وعليه فإنّ كلّ شيءٍ في المنطقة مؤجّلٌ ومُعلّق إلى حين معرفة ما ستؤول إليه الجلسة الأولى الفعليّة في العاصمة النّوويّة فيينا بين الأميركيين وإيران بقيادة تيّار “حزب الله”… التي لا يستطيع أحد أن حتى الآن التكهّن بموعد انعقادها.