غداً الخميس سيزور معراب وفد من تيار المستقبل، برئاسة النائبة بهية الحريري. وسيقدّم الوفد إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع اقتراح قانون لتعديل الدستور من أجل تعليق الحصانات في ملف تفجير مرفأ بيروت عن الجميع، ومن بينهم رئيس الجمهورية.
تهدف جولة المستقبل هذه، كما بات معلوماً، إلى حصد أكبر عدد من الأصوات في مجلس النواب لإجراء التعديل الدستوري.
تحدثت معلومات أنّ “القوات” تدرس إمكانية موافقتها على اقتراح قانون المستقبل لتجنّب الاصطفاف المسيحي – المسلم، وهي تعلم أنّ هذا الاصطفاف سيقود الى طرح إشكاليات أخرى على طاولة البحث أهمها قانون الانتخابات
فهل ينضم نواب القوات إلى كتلتيْ المستقبل والتنمية والتحرير لإجراء التعديل الدستوري الذي يطول بعمقه رئيس الجمهورية، عبر رفع الحصانة عن الرئيس ميشال عون في هذا الملفّ؟
الجواب هو: لا.
تاريخ 4 آب ثقيل على اللبنانيين بكلّ ما فيه. فهو التاريخ الذي تدحرج فيه لبنان نحو الجحيم. يعرف اللبنانيون تماماً ماذا يريدون بعد التفجير الذي دمر عاصمتهم. يريدون التحقيق والحقيقة والمحاسبة. لا يثقون بالقوى السياسية، ولذلك لا يريدون أن تتولى التحقيق عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، الذي يشارك في نصابه عدد من النواب الذين يمثّلون قوى سياسية.
أمّا القوى السياسية فهي مرتبكة في التعامل مع القضية. فبعدما أثارت غضباً شعبياً العريضة الموقّعة من خُمس أعضاء مجلس النواب، والتي طالبت بتحويل القضية إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، كان لافتاً تسجيل كتلتي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر موقفاً الى جانب مطلب أهالي الضحايا والجرحى برفع الحصانات فوراً وإبقاء القضية لدى القضاء العدلي.
بدا الانقسام بعد موقف القوات والتيار انقساماً طائفياً بين المسلمين والمسيحيين. وحدها كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي خرقته لتنضم إلى المطالبين برفع الحصانات فوراً وإبقاء القضية لدى التحقيق العدلي.
أكمل تيار المستقبل المشهد. إذ اقترح قانوناً لتعديل الدستور لرفع الحصانات عن الجميع. وهو ما يعني رفع الحصانة أيضاً عن رئيس الجمهورية الماروني بعدما طال قرار المحقّق العدلي طارق البيطار رئيس الوزراء السنّي وشخصيات نافذة من القوى الشيعية ومارونياً زغرتاوياً.
بدا الانقسام بعد موقف القوات والتيار انقساماً طائفياً بين المسلمين والمسيحيين. وحدها كتلة الحزب التقدمي الاشتراكي خرقته لتنضم إلى المطالبين برفع الحصانات فوراً وإبقاء القضية لدى التحقيق العدلي
وافق على الاقتراح الرئيس نبيه بري وعارضه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل. وفي معلومات “أساس” أنّ كتلة القوات ستعقد اليوم اجتماعاً وعلى جدول أعمالها تحديد موقفها من اقتراح المستقبل. أمام القوات احتمالان تدرسهما:
– رفض الاقتراح كما فعل التيار الوطني الحرّ والتمسك برفع الحصانات في مجلس النواب.
– أو قبول اقتراح تعديل الدستور ليطول رفع الحصانات رئيس الجمهورية.
الحصانات مقابل قانون الانتخاب
وحول موقف القوات، كان لافتاً ما جاء في خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في الثاني من آب حول رفع الحصانات عن الجميع. الأمر الذي فسّره البعض على أنّه إشارة إيجابية من جعجع باتجاه بيت الوسط بعد سنوات من الاشتباك السياسي بينهما.
تحدثت معلومات أنّ “القوات” تدرس إمكان موافقتها على اقتراح قانون المستقبل لتجنّب الاصطفاف المسيحي – المسلم، وهي تعلم أنّ هذا الاصطفاف سيقود الى طرح إشكاليات أخرى على طاولة البحث أهمها قانون الانتخابات.
وفي المعلومات أنّ التجاذب السياسي واصطفاف القوى المسيحية مع حصر رفع الحصانات كما هو مطروح من القاضي طارق البيطار، سيقود القوى الإسلامية إلى إعادة طرح قانون الانتخاب انطلاقاً من موازين قوى الأمر الواقع التي ليست لمصلحة المسيحيين على الإطلاق.
إقرأ أيضاً: رفع الحصانات “فوراً”: شعبويّة وتصفية حسابات شخصيّة
انطلاقاً من رفض القوى المسيحية إعادة البحث في قانون الانتخاب باعتبار أنّ إقراره قد أعاد لها تمثيلها الصحيح إلى حدّ كبير، أوحت القوات أنّها درست احتمال تجنّب دفع القوى الإسلامية إلى إعادة طرح القانون الانتخابي على بساط البحث عبر تجنّب حصول اصطفاف مسيحي مسلم حول رفع الحصانات.
ثمة من يقول إنّ جعجع سيحمي قانون الانتخاب عبر خرقه الاصطفاف المسيحي المسلم، وثمة من يقول إنّ من يعرف جعجع يعرف أنّه لن ينجو من المنطق الانتخابي، والإخلاص الدائم لكلّ موقف يتقدّم عبره في الشارع المسيحي، أمام غريمه العوني.