تناقل مسؤولون في تيّار المستقبل عبر هواتفهم في اليومين الماضييْن “تويت” نائب حركة أمل علي حسن خليل، الذي ردّ فيه على النائب جبران باسيل واصفاً إيّاه بالمسبّب الأوحد لتعطيل تشكيل الحكومة، وذلك كمستند “رسميّ” يلخّص اجتماعات “الخليلين” مع رئيس تكتّل “لبنان القوي”.
تقول شخصية معنيّة مباشرة بمفاوضات التأليف: “حركة أمل وحزب الله يدركان جيّداً أنّ سعد الحريري وباسيل يعطّلان معاً تشكيل الحكومة، كلٌّ لأسبابه التي باتت شبه معروفة. والطرفان بما يمثّلان، والمكلّفان في الحدّ الأدنى إبقاء مبادرة نبيه بري قيد التداول، لا يزالان يغطّيان بالكامل الرئيس المكلّف، مع فارق أنّ عين التينة لا تتوانى عند اللزوم عن التذكير بخلافها العميق مع بعبدا، الذي تأجّج طوال ثلاث سنوات من العهد، لكن بقي تحت السيطرة بأمرٍ من الضاحية. أمّا حزب الله الذي استفزّ عون وباسيل بوقوفه في منطقة الوسط بين الحريري ورئيس الجمهوريّة فليس بوارد هزّ علاقته مع حليفه المسيحيّ ما دام عون في بعبدا. أمّا علاقة الحزب مع الحريري فيحميها الصراع المتأجّج بين الرئيس المكلّف وباسيل في ظل تحييد الحريري الكامل لأيّ دورٍ تعطيليّ للحزب في مسار تأليف الحكومة. وهذه إشارة تطرح علامات استفهام عن الأسباب الحقيقيّة لمهادنة الرئيس المكلّف لحزب الله”.
إصرار باسيل على نيل رئيس الجمهوريّة حصّة من ثمانية وزراء، مع عدم منحه الثقة للحكومة، والترويج السياسي المنظّم بأنّه غير مشارك فيها، لزوم شدّ العصب وتقوية النَفَس المعارض على أبواب الانتخابات النيابيّة، كما يؤكّد خصومه. وهو أمرٌ مرفوضٌ بالكامل من جانب الحريري
في الشكل تُختصَر عقبات التأليف بثلاث:
– إصرار الحريري، وليس أيّ طرف آخر، على تسمية الوزيرين المسيحيّين من حصّته على أن تأتي الموافقة اللاحقة من رئيس الجمهورية، ووضعه شروطاً تبدو تعجيزيّة بنظر عون. ويعترف معنيّون بتأليف الحكومة أنّ “الحريري يستغلّ التكليف لخوض معركة تكسير رأس العهد كسباً لنقاط خسرها من اللحظة التي وقّع فيها على التسوية الرئاسيّة مع العهد”.
– وضع باسيل فيتو على من سيتمّ اختياره لحقيبة الطاقة “إذا لم تنطبق عليه المعايير المطلوبة، وأوّلها عدم تبعيّته للنائب السابق سليمان فرنجية”، كما يقول المطّلعون.
– إصرار باسيل على نيل رئيس الجمهوريّة حصّة من ثمانية وزراء، مع عدم منحه الثقة للحكومة، والترويج السياسي المنظّم بأنّه غير مشارك فيها، لزوم شدّ العصب وتقوية النَفَس المعارض على أبواب الانتخابات النيابيّة، كما يؤكّد خصومه. وهو أمرٌ مرفوضٌ بالكامل من جانب الحريري.
لكن في الوقائع، تجاوزت التداعيات الخطيرة للأزمة الماليّة والمعيشيّة الملفّ الحكومي وتفاصيل التأليف “المُنفصِمة” عن الواقع. باتت جهود تشكيل الحكومة كمَنْ يحاول إغلاق نافذة لسدّ الهواء في منزلٍ منهارٍ بالكامل وأبوابه “مشلّعة”. مع ذلك، وبرغبة من عين التينة، “طبخة” برّي باقية تحت نارٍ خافتة حتى لو كانت مكوّناتها من البحص غير القابل للتفتيت.
حتى “تجديد” تكليف الحريري، من دار الفتوى أمس، لمدّة ستكون قصيرة على الأرجح، لا يقدّم معطىً مؤثّراً في مشهد التأزيم بقدر ما يكرّس الغموض في شأن مصير الحكومة في ظلّ واقعين: أوّلاً، تمترس أفرقاء الصراع عند مواقفهم، ورفض التنازل عن مكتسباتهم في لعبة محض شعبويّة، وتقصّد المشاركين في اجتماعات البياضة، التي تجمّدت، تعميم أجواء إيجابيّة مصطنعة لا تعكس حقيقة المداولات. وثانياً، بدء تحرّك دوليّ يأخذ بالاعتبار العجز الفاضح عن تشكيل حكومة للاستعداد لمساعدات عاجلة للشعب اللبناني المنكوب تقيه الأسوأ الذي لم يبدأ بعد، وما بينهما عودة لغة تبادل الرسائل من خلال الشارع وقطع الطرقات.
إقرأ أيضاً: الاعتذار جاهز ولكن… بعد استسلام برّي
إذاً، في المشهد العامّ تحوَّل مشروع الحكومة برمّته و”شكوى” الحريري أمام دار الفتوى، حيث اتّهم الفريق الرئاسي مباشرة بـ”إثارة النعرات الطائفيّة والمذهبيّة التي ستعرّض لبنان للفوضى”، إلى تفصيلٍ في أزمة تبدو كتسونامي سيطيح بمرحلة كاملة أنتجها نظام ما بعد الطائف، وتتراكم مؤشّراتها بشكل متسارع إلى حدّ الانفجار الوشيك.
في هذا السياق، تفيد معلومات أنّ رئيس الجمهوريّة أجرى اتصالات في الساعات الماضية بمسؤولي الأجهزة الأمنيّة بهدف حثّهم على منع قطع الطرقات، وتفعيل العمل الاستخباريّ من خلال “تتبّع” حركة المحرّضين على افتعال حوادث لغايات سياسيّة فتنويّة وليس معيشيّة.