“قطّاع الطرق” بين عون و”السيّد”: الجيش لا يتأثر بالضغوطات

مدة القراءة 5 د

ليست المرّة الأولى التي يخاطب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله قيادة الجيش مباشرةً ضمن إطار “وضع الملاحظات” على أداء القيادة العسكرية.

حصل هذا الأمر في عهد ولاية العماد جوزف عون أقلّه ثلاث مرات: في ملفّ “عصابات الأمر الواقع” في بعلبك – الهرمل والأداء الأمني والاستخباريّ في مواجهة الخارجين على القانون، وفي سياق التحقيق الذي تولّاه الجيش في انفجار مرفأ بيروت، وأخيراً مسلسل قطع الطرق الآخذ في التمادي مع ملامسة الأزمة المالية السياسية الخطوط الحمر.

لكنّ مسألة قطع الطرق دفعت نصرالله إلى توجيه اتهام صريح بين السطور للجيش والقوى الأمنية بتنفيذ “أجندة أميركية” عبر تأكيده وجود “ضغوط من ‏السفارات الخارجية على الجيش الذي يتفرّج”، داعياً إياه إلى أن “يشيل قطّاعي الطرق”،  مصنّفاً دور هؤلاء في سياق “تنفيذ دور مشبوه وخدمة مؤامرة خارجية تريد إحراق البلد”، قائلاً: “هذه مسؤولية الجيش والقوى الأمنية ونقوم بالتواصل مع القوى السياسية التي تمون… ‏وآخر الخطّ إذا كل هذا لن يصل إلى مكان… فللبحث صلة”. ‏

وتحدّث نصرالله عن “بعض الجهات الداخليّة التي تدفع باتجاه حرب أهليّة، في بلدٍ لا يوجد فيه مسؤول واحد، والناس متروكة لمصيرها، والجيش والقوى الأمنية ‏موضوعة في وجه الناس”.

وقد أخذ كلام نصرالله في ما يتعلّق بالتحذير، الذي أطلقه واكتسب إطار التهديد، حيّزاً من النقاش في الأروقة السياسيّة والأمنيّة.

وتحدّث نصرالله عن “بعض الجهات الداخليّة التي تدفع باتجاه حرب أهليّة، في بلدٍ لا يوجد فيه مسؤول واحد، والناس متروكة لمصيرها، والجيش والقوى الأمنية ‏موضوعة في وجه الناس”

ويقول مطّلعون: “من الشمال إلى الجنوب، مروراً ببيروت وجبل لبنان، يصنّف الحزب النهجَ المتّبعَ في إقفال الطرقات ضمن إطار الضغط على رئيس الجمهوريّة لإضعافه وربما إسقاطه، وإدخال البلد في مزيد من الفوضى. لكنّ طريق الجنوب الساحلي وطريق البقاع تحديداً هما بنظر الحزب مسالك استراتيجية يسلكها يومياً كوادر من حزب الله ولن يقبل من الآن فصاعداً أن تكون تحت رحمة قاطعي الطرق”.

وبدا لافتاً في هذا السياق تجاهلُ نصرالله التامّ للنداء الذي أطلقه قائد الجيش منذ أيام والذي سبق فيه كلّ القوى السياسيّة والحزبيّة بالتحذير من الأسوأ. وعملياً، تقاطع كلام عون مع نقطة أساسية في خطاب نصرالله تتعلّق بضرورة إيجاد حلّ سياسي فوراً وتشكيل حكومة تفادياً لتفاقم الوضع وانفلات الشارع، في وقت تمرّ المؤسسات الأمنيّة والعسكريّة بأخطر مرحلة منذ التسعينيات ربطاً بالانعكاس المباشر للأزمة السياسية والمالية عليها.

وأبقى نصرالله، الذي تحدّث عن خيارين في حال عدم بتّ الملفّ الحكومي عبر تفعيل حكومة تصريف الأعمال أو اللجوء إلى “حلّ دستوري” لمعالجة مسألة عدم اتّفاق رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف على تأليف الحكومة، “ردّة فعل” الحزب المحتملة على استمرار قطع الطرقات قيد الكتمان، مستخدماً عبارة “للبحث صلة”.

وهذا الواقع أتاح الافتراض أنّ عناصر حزب الله قد تتدخّل وتتولّى فتح الطرق، خصوصاً في النقاط أو الطرق التي يراها الحزب حسّاسة. وهو افتراض قد يقود الداخل إلى مزيد من التوتّرات والسيناريوهات الأمنيّة. مع العلم أنّ العديد من التقارير الأمنيّة تشير إلى أنّ محسوبين على بيئة “حركة أمل” يشاركون في عملية قطع الطريق إلى جانب عناصر محسوبة على بيئات تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب الإشتراكي بحسب التوزّع الحزبي في المناطق.

بدا لافتاً في هذا السياق تجاهلُ نصرالله التامّ للنداء الذي أطلقه قائد الجيش منذ أيام والذي سبق فيه كلّ القوى السياسيّة والحزبيّة بالتحذير من الأسوأ

ليس في اليرزة ردود فعل معلنة أو رسمية على الاتهامات الصريحة التي وجّهها نصرالله للجيش بالتقصير أو الاستجابة “لضغوط السفارات”، لكنّ العارفين بخارطة طريق الجيش في تحرُّكه على الأرض يؤكدون أنّ “قائد الجيش منذ بدء الحراك على الأرض يتصرّف من منطلق مسؤولياته الوطنية غير متأثّر بأيّ نوع من الضغوطات، أكانت محليّة أم خارجيّة، وخارج أيّ حسابات سياسية”. ويشيرون إلى أنّ “قراريْ فتح الطرقات أو عدم التدخّل يعودان له وللقيادة العسكرية وفق تقديرات ومعطيات الأرض والمصلحة العليا، بما يجنّب الداخلَ الصدامَ وذهابَ الأمور نحو الأسوأ، وخصوصاً مع تعالي الأصوات المحذّرة من وقوع حرب أهلية”.

إقرأ أيضاً: ثنائية عون – الحريري خارج الخدمة: لا اعتذار ولا استقالة.. بل مهوار!

وفيما استحضرت أطراف سياسية التشابه في المواقف بين رئيس الجمهوريّة والسيّد نصرالله في ما يتعلق بمنع قطع الطرقات وفتحها “فوراً”، تفيد المعطيات أنّ الرئيس عون حين طالب بفتح الطرقات في اجتماع بعبدا الأمنيّ والاقتصاديّ وضعه قائد الجيش لاحقاً في أجواء ما يحصل على الأرض مؤكّداً له أنّ “الطرق ستفتح في الوقت المناسب”، وهذا ما حصل، ورئيس الجمهورية تفهّم هذا الوضع جيداً، بعكس ما أُوحِي به من وجود تباين في الرأي بين عون وعون.

ويشير مطّلعون إلى “واقع ميدانيّ يدركه الجميع يتمثّل في صعوبة انتشار الجيش بجهوزيّة عالية دفعةً واحدةً في اللحظة نفسها في مناطق عدّة وشوارع متفرّقة. ولذلك قد يُفهم عدم انتشار الجيش في بقع محدّدة أو وقوفه جانباً في بقع أخرى منتظراً الوقت الملائم للتدخّل”. 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…