البابا في النجف: رسالة إلى قم؟

مدة القراءة 4 د

يصل البابا فرانسيس اليوم الجمعة إلى العراق، في زيارة تدوم أيامًا عدّة، وتتضمن برنامجًا متنوعًا، ومن ضمن البرنامج، إقامة صلاة دينية مشتركة في مدينة أور التاريخية، وزيارة مدينة الموصل، التي أعلن منها تنظيم داعش “دولة الخلافة الإسلامية”. لكنّ الحدث الأهم هو زيارة مدينة النجف الأشرف، واللقاء مع المرجع الديني الأعلى للطائفة الإسلامية الشيعية آية الله العظمى السيد علي السيستاني، في لقاء هو الأوّل من نوعه بين أعلى مرجعيّتين دينيّتين كاثوليكيّة وشيعيّة.

فما هي أبعاد هذه الزيارة وهذا اللقاء المهم؟ وما هي نتائجه المتوقعة ودلالاته المستقبلية؟ وهل سيتم التوقيع خلاله على وثيقة جديدة للأخوّة الإنسانية، على غرار الوثيقة التي وُقّعت بين البابا وشيخ الأزهر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، في الإمارات العربية المتحدة قبل سنتين؟.

مصادر عراقية وفاتيكانية مطّلعة قالت لـ”أساس” إنّ أهمية الزيارة تكمن في كونها الأولى للعراق ضمن برنامج زيارات البابا الخارجية بعد جائحة كورونا، وإنّه كان هناك إصرار على القيام بها على الرغم من الأوضاع السياسية والأمنية والصحية الصعبة، لأنها تشكّل رسالة تضامن مع العراق وشعبه، بعد كل المعاناة التي مرّ ويمرّ بها خلال السنوات الأخيرة، وهي من ضمن الجهود التي يقوم بها البابا لتثبيت وحماية الوجود المسيحي والتنوّع الديني في الشرق، واستكمالًا لجهوده الحوارية والانفتاح الكامل على كلّ المذاهب الإسلامية، وثتبيت هذا الانفتاح من خلال خطوات عملية وليس مجرد مواقف إعلامية أو نظرية.

ما هي أبعاد هذه الزيارة وهذا اللقاء المهم؟ وما هي نتائجه المتوقعة ودلالاته المستقبلية؟ وهل سيتم التوقيع خلاله على وثيقة جديدة للأخوّة الإنسانية، على غرار الوثيقة التي وُقّعت بين البابا وشيخ الأزهر الشيخ الدكتور أحمد الطيب، في الإمارات العربية المتحدة قبل سنتين؟

وتؤكد المصادر أنّه “لن يتمّ خلال الزيارة توقيع وثيقة جديدة للأخوّة الإنسانية بين البابا والمرجع السيد السيستاني، لكنّ لقاء السيستاني في النجف سيشكل بداية عمل وتواصل بين المرجعيّتين الدينيّتين، لتثبيت التعاون المشترك من أجل قيام دولة المواطنة والدولة المدنية، والتعاون الديني والإنساني على صعيد العالم، لمواجهة التحديات التي تواجه الإنسان والأديان في العالم في هذه المرحلة”.

وترفض المصادر وضع الزيارة واللقاء في إطار التنافس أو الصراع بين المرجعيات الدينية الشيعية أو السياسية، ولا سيما بين النجف الأشرف وقم المقدسة، وتؤكد أنّ “الفاتيكان حريص على علاقة إيجابية مع المرجعيات الدينية في إيران، وهناك تواصل رسمي ودينيّ وفكري بينهم، لكن للنجف الأشرف أهمية تاريخية ودينية على صعيد المذهب الشيعي في العالم، ومن هنا كان الحرص على زيارة النجف الأشرف واللقاء مع السيد السيستاني، وإن كانت بعض الأوساط القريبة من الجهات الإيرانية، أو بعض الجهات العراقية التي لا تتوافق مع مرجعية السيد السيستاني، حاولت التقليل من أهمية الزيارة أو تقديم بعض الملاحظات الانتقادية عليها”.

ترفض المصادر وضع الزيارة واللقاء في إطار التنافس أو الصراع بين المرجعيات الدينية الشيعية أو السياسية، ولا سيما بين النجف الأشرف وقم المقدسة، وتؤكد أنّ الفاتيكان حريص على علاقة إيجابية مع المرجعيات الدينية في إيران، وهناك تواصل رسمي ودينيّ وفكري بينهم،

وقد طرحت بعض الشخصيات العراقية الأكاديميّة والدينيّة، نقاطًا عدة يمكن البناء عليها من خلال هذه الزيارة:

أولًا: تؤكد الزيارة جدوى التفاهم الديني حول المشكلات الإنسانية، مثل الفقر والحرمان والحرية والأمان والسلام الأممي، وبناء الإنسان على صورة الله وقيم السماء.

ثانيًا: التفاهم  والعمل المشترك لعالم جديد بلا عدوان، ولأنّ فكر النجف وتاريخه العظيم والإنساني، يجعله لاعبًا دوليًّا مهمًّا، وله مكانة روحية عالية أيضًا.

ثالثًا: اعتبارالعراق بلدًا مقدّسًا ويستحق الدعم والعناية من جميع مسيحيي العالم.

إقرأ أيضاً: البابا في العراق: رسالة إلى “مواطنيّة” الشيعة

رابعاً: رسم سيناريو لجعل محافظة “ذي قار”،  والتي تضم مدينة أور التاريخية، منطقةً سياحيةً من الطراز الأول من خلال الاستثمار الأجنبي.

خامسًا: تأسيس أكاديميّة للحوار الإسلامي المسيحي، والتفاهم المشترك برعاية المرجعية في النجف والفاتيكان، يمنح درجة علمية ويهتمّ برسم خطط التطوير المستقبلية للعلاقة بينهما وبالتعاون مع المرجعيات الدينية الأخرى.

سادسًا: الاتفاق على برنامج طويل لدعم العراق من الجوانب كافة.

وتختم المصادر بالقول إنّ “زيارة البابا فرانسيس للنجف لا تعني الصلة مع المسلمين الشيعة فقط، لأنّ النجف قد صرّحت بأنها مرجعية أبويّة لكل العراقيين، فالمسلمون جميعًا والصابئة والأزيديون والمسيحيون من الطوائف كافة، كلهم يستقبلون البابا من خلال النجف، ومن خلال هذه الزيارة التاريخية”.

 

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…