بعيداً من الفرضيات الأمنية (المحدودة) وبعيداً من الإتهام السياسي المباشر، ثمة حقائق تتعلق باغتيال لقمان سليم، تحتاج إلى التوقف عندها، خصوصاً لجهة مكان وقوع الاغتيال، وقبله مكان حصول الخطف. وكلاهما يحيل إلى مؤشر ملفت متعلق بالقرار الدولي 1701 ومفاعليه، ومهام قوات اليونيفيل العاملة في جنوب لبنان.
خُطِفَ لقمان سليم من منطقة نيحا، التي تقع جغرافياً و”أمنياً” جنوب نهر الليطاني، في منطقة عمل قوات اليونيفل، واقتيد بسيارته، وبرفقة سيارة أخرى(أو ربما سيارتين) إلى جهة مجهولة، قبل ان تعثر القوى الأمنية على جثته في بلدة العدّوسية شمال نهر الليطاني، في منطقة لا تخضع لمفاعيل القرار 1701 وغير مشمولة بصلاحيات عمل قوات اليونيفيل. بمعنى آخر، خطف لقمان من جنوب الليطاني وقتل في شمال الليطاني.
عند نهر الليطاني في منطقة قعقعية الجسر، وفوق الجسر الذي تقطع السيارات من فوقه بين ضفتيّ النهر، لافتة كبيرة وضعتها قوات اليونيفل تُعلم السائقين الذين يقطعون من جنوب النهر إلى شماله بـ”انتم الآن تغادرون منطقة عمل قوات اليونيفيل”. عملياً قاتل لقمان سليم خطفه في منطقة جنوب النهر، ثم “غادر منطقة عمل اليونيفل” وقتله شمالي النهر. وهذا يضع اسئلة كبيرة حول آلية عمل هذه القوات التي تتركز مهامها بشكل رئيسي، بحسب نص القرار 1701 على “مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي عناصر مسلّحة، موجودات وأسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان وقوة اليونيفيل المنتشرة في هذه المنطقة”. وهذا يعني ان قوات اليونيفيل فشلت بعد 15 عاماً على انتشارها في الجنوب في ضبط وجود عناصر مسلحة، بدليل قيام مسلحين بخطف لقمان سليم من منطقة عملها والقيادة به لكيلومترات إلى جهة مجهولة(لا نعرف اذا كانت جنوب النهر او شماله) قبل ترك جثته داخل سيارته في منطقة شمال النهر.
خُطِفَ لقمان سليم من منطقة نيحا، التي تقع جغرافياً و”أمنياً” جنوب نهر الليطاني، في منطقة عمل قوات اليونيفل، واقتيد بسيارته، وبرفقة سيارة أخرى(أو ربما سيارتين) إلى جهة مجهولة، قبل ان تعثر القوى الأمنية على جثته في بلدة العدّوسية شمال نهر الليطاني، في منطقة لا تخضع لمفاعيل القرار 1701
فشلت قوات اليونيفل في حماية لقمان سليم، في منطقة يفترض انها خاضعة لرقابتها الأمنية بموجب القرار الدولي الذي ينص أيضاً على تحديد مسؤوليات هذه القوات بـ”كفالة أمن وحرية تنقل موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين المعرضين لخطر العنف الجسدي، دون المساس بمسؤوليات حكومة لبنان”. بوضوح يحدد القرار الدولي دوراً حاسماً لقوات حفظ السلام بـ”حماية المدنيين المعرضين لخطر العنف الجسدي”، وهو الأمر الذي تعرض له لقمان سليم، بخطفه، ثم تعذيبه وقتله، وكلها جرائم حدثت على مرأى مفترض من عناصر اليونيفيل، الذين يسيّرون دوريات راجلة على طرقات الجنوب، ويتواجدون في مركز رئيسي كبير في قرية برج قلاوية، لا يبعد سوى كيلومترات قليلة عن مكان اختطاف سليم، كما تقوم هذه القوات بطلعات جوية عبر مروحيات لمراقبة منطقة جنوب النهر من الجو، وهو ما يرفع من مسؤولية هذه القوات في حماية المدنيين من “خطر العنف الجسدي”، وهو ما لم يحدث في حالة سليم.
إقرأ أيضاً: سيرة الضاحية… التي حماها لقمان من النسيان
نحن اذا أمام احتمالين: إما ان حضور اليونيفيل شكلي جنوب الليطاني، وليست لدى قواتها اي يد عليا في ضبط أمن تلك المنطقة “منزوعة السلاح”، وإما ان اغتيال سليم يشكل بحد ذاته اغتيالاً للقرار الدولي 1701. بمعنى آخر: إما ان الـ1701 شارك في اغتيال لقمان سليم، وإما ان اغتيال لقمان سليم شارك في اغتيال الـ1701. وفي الحالين، على “حفظ السلام”… السلام!