12 توصية متشدّدة لإدارة بايدن: “خنق” الفلسطينيين وعدم الثقة بالعرب

مدة القراءة 9 د

بقلم جوناثان شانزر ودافيد ماي*

 

حققت سياسة إدارة ترامب لصالح إسرائيل انتصارًا كبيرًا بتوقيع “اتفاقيات إبراهيم”، واتفاقية السلام في أيلول 2020 بين الإمارات والبحرين وبين إسرائيل. فقد شكلت هذه الخطوة علامة بارزة للاستقرار الإقليمي ونداء إيقاظ للمسؤولين الفلسطينيين.

كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد اجتمع مع ترامب في أيار 2017 عند بداية ولاية الرئيس، لكن إدارة ترامب اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل في كانون الأوّل 2017، ونقلت سفارتها إلى القدس في أيار 2018، ووقعت مشروع قانون في آب 2018 لوقف المساعدات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية حتى توقف دفع الأموال لـ”الإرهابيين”، واعترفت بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان. ثم نقل وزير الخارجية بومبيو وجهة نظر الإدارة بأنّ المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ليست غير شرعية “في حدّ ذاتها”. كما قطع البيت الأبيض التمويل عن بعض برامج المساعدة الفلسطينية والمنظمات الدولية التي يُنظر إليها على أنّها منحازة ضدّ إسرائيل. حذر النقاد من أن تؤدي هذه التحركات المؤيدة لإسرائيل لإشعال المنطقة، لكن الشارع العربي لم ينفجر احتجاجًا. وربما كان الاستثناء الوحيد الملحوظ هو غزّة، حيث تواصل “حماس” تأجيج الاضطرابات.

في كانون الثاني 2020 أصدر الرئيس ترامب خطته للسلام الإسرائيلي – الفلسطيني، التي شملت السماح لإسرائيل بإعلان السيادة على ما يقرب من %30 من الضفة الغربية.

كما تضمنت الخطة مزايا اقتصادية لصالح الفلسطينيين، وتعهدت اسرائيل بموجبها الحدّ من النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية لمدّة أربع سنوات وهي الفترة الممنوحة للجانب الفلسطيني كي يقرّ الدخول في مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي لتطبيق الخطة، تحت طائلة منح الضوء الأخضر للإسرائيليين للتوسّع في الضفة الغربية. وشملت مطالب الإدارة للفلسطينيين محاربة الفساد وإعادة توحيد الفصائل الفلسطينية التي كانت تتصارع منذ عام 2007.

في كانون الثاني 2020 أصدر الرئيس ترامب خطته للسلام الإسرائيلي – الفلسطيني، التي شملت السماح لإسرائيل بإعلان السيادة على ما يقرب من %30 من الضفة الغربية

في موازاة ذلك، دعمت إدارة ترامب سياستها لصنع السلام بين إسرائيل ودول الخليج العربية السنية. يمكن إرجاع جذور هذا التقارب إلى الخوف المشترك من العدوان الإيراني، والمخاوف بشأن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، والكراهية المشتركة للجماعات الإسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين.

ثم دفعت إدارة ترامب باتجاه إطار إقليمي أوسع من خلال دخول السودان ثم المغرب في اتفاق التطبيع.

وأدرجت الإمارات والبحرين قرارهما بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كوسيلة لمنع ضمّ إسرائيل كامل الضفة الغربية، وبرغبة في إحلال “سلام دافئ”، على عكس العلاقات الباردة التي أعقبت الاتفاقات الإسرائيلية مع مصر عام 1979 والأردن عام 1994. وأكدت الإمارات والبحرين دعمهما المستمر للقضية الفلسطينية، لكنهما توقفتا عن اعتبار القضية الفلسطينية مصلحة وطنية جوهرية.

قد تحذو دول عربية أخرى الآن حذو الإمارات والبحرين، نظراً لبراعة إسرائيل عسكرياً وعلاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة والابتكار التكنولوجي وسمات أخرى تجعل منها شريكًا جذابًا. يمكن أن تشمل صفقات التطبيع المرتقبة عُمان والسعودية وحتّى قطر. وقد دافعت إدارة ترامب، وتحديداً صهر ترامب جاريد كوشنر، عن نهج خارجي – داخلي للسلام في الشرق الأوسط أعطى الأولوية لاتفاقات السلام مع دول المنطقة على المفاوضات المكثفة بين الاسرائيليين وفلسطين.

والسبب أن الإدارات السابقة حاولت إقامة سلام إسرائيلي – فلسطيني كمقدمة لتطبيع العلاقات، وبسبب فشلها مراراً وتكراراً، ركز ترامب على إمكانية التقدم في مجالات أخرى. وبذلك، حقّقت الولايات انتصارات دبلوماسية مهمة وأرست الأساس لنظام إقليمي جديد لم يعد فيه الصراع الفلسطيني يملي مسار العلاقات الإسرائيلية – العربية.

من المتوقع أن تستفيد دول الخليج العربية بشكل كبير من الابتكار الإسرائيلي، لا سيما في قطاعي الدفاع وتكنولوجيا المياه. وستتمتع إسرائيل بتكامل إقليمي أكبر، لا سيما عبر مكانة الإمارات كمركز للتجارة والنقل. سيستفيد كلا الجانبين من التنسيق المتزايد لإحباط الأنشطة الشائنة لإيران.

وليس سرّاً تآكل نفوذ السلطة الفلسطينية بسبب انضمام إسرائيل للقاعدة الإقليمية. ومع تفشي جائحة كورونا، وتراجع عائدات النفط، وتفاقم العديد من التحديات الخارجية والداخلية، تعمل الدول العربية على تعديل دعمها المالي للفلسطينيين، ما انعكس في انخفاض بنسبة 85? في التمويل العربي للسلطة الفلسطينية.

أدرجت الإمارات والبحرين قرارهما بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كوسيلة لمنع ضمّ إسرائيل كامل الضفة الغربية، وبرغبة في إحلال “سلام دافئ”، على عكس العلاقات الباردة التي أعقبت الاتفاقات الإسرائيلية مع مصر عام 1979 والأردن عام 1994

لكنّ الضغط على الفلسطينيين قد لا يؤتي ثماره. عباس أضعف من أن يتفاوض. لقد حكم عباس لعشر سنوات بعد انتهاء فترة ولايته، ويرفض تسمية خلف له رغم تقدّمه في السنّ وتدهور صحته. أدّى تفشي الفساد إلى تقويض شرعية السلطة الفلسطينية، وبقيت غزّة في عهدة حركة حماس التي طردت فتح بالقوّة في عام 2007، وهي ملتزمة بتدمير إسرائيل. تتعهد حماس وفتح بشكل روتيني بالوحدة في قضية الدولة الفلسطينية، ومع ذلك فإنّ الكراهية المتبادلة حالت دون تحقيق أيّ خطوة من هذا القبيل. من أجل تحقيق السلام الدائم، على الفلسطينيين أولاً ترتيب بيتهم الداخلي.

مؤخّراً، أعلنت الإمارات ودول أخرى مطبّعة، عن رغبتها بالحصول على التكنولوجيا العسكرية الأميركية المتطوّرة التي كانت محظورة في السابق، وعلى رأس قائمتها الطائرة متعدّدة المهام من طراز F-35.

لكن بالنظر إلى سقوط شاه إيران في 1979 أو حتى المشاكل الحالية مع تركيا، على الولايات المتحدة توخي الحذر بشأن إمداد حكومات الشرق الأوسط بالمعدات العسكرية. يمكن أن يصبح صديق اليوم بسرعة عدوّ الغد. وعلى أميركا أنّ تظل ملتزمة بالتفوق العسكري النوعي لإسرائيل.

إقرأ أيضاً: 9 توصيات لإدارة بايدن كي تواجه الحزب في لبنان

توصيات لإدارة بايدن:

1 – تقييم سياسات الإدارة السابقة وتقييم أين يمكن تضخيم النجاحات في ظل القيادة الأميركية الجديدة.

2 – الانفتاح على التفكير الإبداعي في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني. إذ أحدث نهج ترامب البديل صدمة في عملية سلام راكدة منذ عقود. يمكن لإدارة بايدن اغتنام هذه الفرصة.

3- الاستمرار في تشجيع التطبيع الإقليمي ودعم الدول الأخرى التي تتطلّع إلى الاستفادة من السلام مع إسرائيل وتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، من خلال توحيد الحلفاء الأمريكيين لمواجهة المتطرفين الشيعة والسنة.

4 – تقييم احتياجات الدول، كلّ على حدة، لتحديد أين يمكن أن يؤدي تحسين علاقاتها الثلاثية مع الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تعزيز الأمن الإقليمي. يمكن أن يساعد ذلك في تشجيع الفلسطينيين على التفاوض، ويكون بمثابة حصن ضدّ طموحات إيران الإقليمية، حيث يمكن للولايات المتحدة:

5 – رفع مكانة عُمان بزيارات للكونغرس وإيفاد وفد رفيع المستوى من البيت الأبيض، والسماح لعمان بالوصول إلى أموال المؤسسة الدولية لتمويل التنمية لمشاريع البنية التحتية، لا سيما في موانئ الدقم وصلالة وصحار.

6 – الاستفادة من تراجع دعم السعوديين في الكونغرس لتشجيعهم على دعم اتفاقيات السلام الإقليمية القائمة وعقد السلام مع إسرائيل بأنفسهم.

7 – العمل مع الدول العربية التي طبّعت مع إسرائيل لضمان أن تعكس سياساتها الداخلية وخطابها العام وتصويتها في الأمم المتحدة هذه العلاقات الجديدة. وينبغي بذل جهود لضمان ازدهار العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول، لزيادة حوافز للبلدان التي تفكر في اتخاذ خطوات مماثلة.

8 – محاربة التحيّز المنهجي ضدّ إسرائيل الذي يتغلغل في منظمة الأمم المتحدة، كما في وكالة غوث اللاجئين، ومجلس حقوق الإنسان، ما يستهدف إسرائيل بطريقة غير متناسبة.

9 – التأكد من أن الدعم العسكري المتزايد للحلفاء العرب الذين يصنعون السلام مع إسرائيل لا يؤثر سلبًا على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. وهذا منصوص عليه في قانون الولايات المتحدة.

10 – تفعيل رؤية الكونغرس لمجموعة عمل وعمليات أمريكية – إسرائيلية ، لضمان أفضل تكنولوجيا إسرائيلية يمكن أن تصل الولايات المتحدة إليها في وقت مبكر، ولتقوم أميركا بإبقاء هذه التكنولوجيا بعيداً من أيدي الخصوم.

11 – اشتراط إعادة ضخّ المساعدات إلى السلطة الفلسطينية بالتزامها دبلوماسية تقودها الولايات المتحدة وبوقف تمويل “الإرهابيين”، والحذر من محاولات الفلسطينيين إخفاء هذا التمويل.

12 – الاستعداد لخلافة فلسطينية فوضوية. قد يؤدي سنّ عباس، وضعف صحته، وانعدام الشرعية، ورفض تعيين خلف له إلى أزمة خلافة متقلّبة.


إقرأ أيضاً: توصية لإدارة بايدن في مواجهة إرهاب إيران: تفكيك المنظومتين النووية والصاروخية

*مع انطلاقة عدّاد الإدارة الأميركية الجديدة، صدر أخيرًا تقرير أميركي بعنوان “من ترامب إلى بايدن – الطريق نحو الأمن القومي الأميركي”، تعاون في إعداده مركز القوة العسكرية والسياسي (CMPP)، ومركز القوة الاقتصادية والمالي (CEEP)، ومركز الابتكار السيبراني والتكنولوجيا (CCTI) وتولت نشره “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” في أميركا، بمساهمة 35 باحثًا سياسيًا حول العالم.

يتضمّن التقرير توصيات مستندة إلى معالجة للمسائل السياسية المحلية في 15 دولة، من بينها دولٌ تتقاطع سياساتها مع سياسة الإدارة الأميركية، أو لعبت فيها أميركا أدوارًا مفصلية، مثل لبنان وسوريا والسعودية وإسرائيل وتركيا وغيرها. كما ينشر التقرير تقييمًا لممارسات  أميركا المرتبطة بالحدّ من التسلح ، والأمن السيبراني، والدفاع، والطاقة، وتهديد حزب الله عالمياً، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي، والمنظمات الدولية واقتصاد الأمن القومي، والجهاد السني.

اختار “أساس” أقسامًا من التقرير وينشرها على حلقات متتابعة. في الحلقة الثالثة ننشر ملخّصًا عن قسم “إسرائيل” وتوصياته، بقلم نائب رئيس الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات جوناثان شانزر، ومحلل الأبحاث المختص في الشؤون الإسرائيلية دافيد ماي.

 

مواضيع ذات صلة

الجماعة الإسلامية: انقلاب يقوده الأيّوبيّ ومشعل

إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس،  وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس……

لا تعهّد إسرائيليّاً بالانسحاب

قابل مسؤولون إسرائيليون الشكاوى اللبنانية من الخروقات المتمادية لقرار وقف إطلاق النار، بسرديّة مُضلّلة حول “الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بشكل مغاير لما…

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…