9 توصيات لإدارة بايدن كي تواجه الحزب في لبنان

2021-01-20

9 توصيات لإدارة بايدن كي تواجه الحزب في لبنان

طوني بدران – باحث سياسي*

 

حزب الله أكثر من مجرد عميل أو وكيل لجمهورية إيران الإسلامية. إنّه امتداد للنظام. منذ تأسيس الحزب على يد الكوادر الثورية الإسلامية الإيرانية، عمل حزب الله كذراع طهران الطويلة ومصدر رئيسي لإيديولوجية النظام ونموذجه الثوري. يجب أن تكون هذه الفرضية مفيدة لكافة جوانب السياسة الأمريكية. ومع سيطرة الحزب على مقدرات لبنان ورسوخه بقوة في الجهاز الحكومي، يجب على الولايات المتحدة أن تتخلّى عن التمييز المصطنع بين الدولة اللبنانية وحزب الله.

 

سياسة مزدوجة

بعد الانتخابات النيابية في أيار 2018، فرض حزب الله عملية تشكيل الحكومة اللبنانية على مدى الأشهر الثمانية التالية. سمح حزب الله لسعد الحريري بالعودة كرئيس للوزراء كورقة توت لتغطية موقعه المهيمن. بعد استقالة الحريري، استبدله حزب الله بحسان دياب، وهو شخصية ثانوية استقالت بعد سبعة أشهر، ما مهّد الطريق لإعادة ترشيح الحريري. ابتداءً من عام 2019، واصلت إدارة ترامب حملة عقوبات تستهدف شبكات حزب الله المالية وعمليات غسيل الأموال، معتمدة على الصلاحيات الموسّعة الممنوحة بموجب قانون تعديلات منع التمويل الدولي لحزب الله.

أوروبيًا، أقنعت إدارة ترامب الحلفاء الرئيسيين بتجنب التمييز الخاطئ بين ما يسمى بالجناحين “السياسي” و “العسكري” لحزب الله وعوضًا عن ذلك، التعامل مع المجموعة بأكملها على أنّها تهديد. وصنّفت بريطانيا حزب الله على أنّه كيان إرهابي. ثم حظرت ألمانيا جميع أنشطة حزب الله، كما أقنعت إدارة ترامب كوسوفو وصربيا بإدراج حزب الله في القائمة السوداء. والتحقت سلوفينيا ولاتفيا بالقائمة.

في لبنان، انتقدت الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تشرين الأوّل 2019 السياسة الأمريكية الداعمة للدولة. في محاولة فاشلة لقمع المظاهرات، قام الأمن والجيش اللبناني بضرب وقمع المتظاهرين بالقوّة، الأمر الذي انتقدته واشنطن. في المقابل، وعلى مدى أربع سنوات، قدمت الإدارة حوالي 680 مليون دولار من المساعدات العسكرية والأمنية.

لطالما رأت الادارة أنّ أيّ خطة لإنقاذ لبنان ستعتمد على الإصلاحات الهيكلية، السياسية والمالية. لكن بعد انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، رحّبت الإدارة بالمبادرة الفرنسية بالتنسيق مع حزب الله، وفي مضمونها إصلاحات محدودة مقابل مساعدة مالية مدعومة من فرنسا. وبشكل مثير للصدمة، أعلن مسؤول كبير في وزارة الخارجية أنّ “الإدارة لن تعارض مشاركة حزب الله في الحكومة طالما أنّ هذه الحكومة أجرت إصلاحات”.

ووافقت واشنطن على طلب باريس من مجلس الأمن الدولي تجديد تفويض اليونيفيل. كما دعمت الحكومة اللبنانية من خلال تسهيل اتفاق إسرائيلي لبناني للتفاوض على ترسيم الحدود البحرية، وذلك قبل تأجيل المحادثات بسبب تطرّف لبنان في موقفه.

أوروبيًا، أقنعت إدارة ترامب الحلفاء الرئيسيين بتجنب التمييز الخاطئ بين ما يسمى بالجناحين “السياسي” و “العسكري” لحزب الله وعوضًا عن ذلك، التعامل مع المجموعة بأكملها على أنّها تهديد

لقد عملت إدارة ترامب في لبنان وفق الاعتقاد الخاطىء بالتمييز بين مؤسسات الدولة اللبنانية وحزب الله. فشلت في إدراك أن أي جهد لتقوية الدولة اللبنانية يقوي حزب الله في نهاية المطاف بينما يقوض الجهود الأمريكية لممارسة الضغط على الحزب.

وواصلت إدارة ترامب ضخّ الأموال إلى الجيش اللبناني على الرغم من أّن الجيش لم يفعل شيئًا لمعالجة ميليشيا الحزب. علاوة على أنّ الاستخبارات الاسرائيلية كشفت وجود ثلاث منشآت تعود لحزب الله، في بيروت وضاحيتها (الجنوبية) لتجميع الصواريخ الدقيقة التوجيه.

 

تقييم العقوبات

يُحسب لإدارة ترامب أنّها نفّذت سياسة عقوبات صارمة ضدّ حزب الله. في ممارسات نقيضة، تباطأت في معاقبة السياسيين الفاسدين، سواء كانوا شركاء بشكل علني أو ضمني مع حزب الله. فبعد الانهيار المالي في البلاد، مرّ عام كامل قبل أن تنزل وزارة الخزانة عقوبات بوزير الخارجية السابق جبران باسيل بتهمة الفساد. وكان الشخصية السياسية الوحيدة المستهدفة. فاختراق حزب الله للنظام المالي أعمق بكثير مما أعلنت عنه واشنطن. وفقًا لمعلومات محكمة مقاطعة نيويورك الفيدرالية، فإنّ 11 مصرفاً تجارياً في لبنان (غير “جمّال ترست بنك”) قدّمت عن قصد دعماً مادياً واسع النطاق ومستداماً لصالح حزب الله وشبكاته.

كما دعمت الخارجية مسارات العمل التي أفادت الحزب، مثل المبادرة الفرنسية لتشكيل الحكومة، بتنسيق مباشر مع حزب الله.

مثال آخر على عدم الترابط الاستراتيجي هو توقيت إجراء محادثات ترسيم حدود الناقورة. هذه المحادثات تقدم للنظام الذي يهيمن عليه حزب الله في لبنان إمكانية تحقيق عائدات مستقبلية من الغاز البحري مقابل لا شيء. ومن المحتمل أن تفتح هذه المحادثات الباب لبتّ مسألة مزارع شبعا، بعد اعتراف إدارة ترامب بسيادة إسرائيل عليها.

هذا وفشلت اليونيفيل فشلاً ذريعاً في الحفاظ على جنوب نهر الليطاني وفي منع حزب الله من استخدام المنطقة كنقطة انطلاق للعدوان.

أخيرًا، يستحقّ الكونغرس الأميركي الثناء لإقراره قانون معاقبة استخدام المدنيين كدروع لا حول لها لعام 2018 (“قانون الدروع”). وهو يخوّل الرئيس أن يفرض عقوبات على حزب الله وحماس والكيانات المرتبطة والمسؤولة عن استخدام الدروع البشرية لحماية أصولها العسكرية.

في السياق، تقع مصانع الصواريخ السرية الثلاثة التي كشفتها المخابرات الإسرائيلية تحت مبانٍ سكنية. وعلى الرغم من صدور هذا القانون، لم تنزل الإدارة أي عقوبة بالحزب.

يُحسب لإدارة ترامب أنّها نفّذت سياسة عقوبات صارمة ضدّ حزب الله. في ممارسات نقيضة، تباطأت في معاقبة السياسيين الفاسدين، سواء كانوا شركاء بشكل علني أو ضمني مع حزب الله

 

نورد ملخصًا للتوصيات الضرورية في عهدة الإدارة الجديدة:

1 – عدم تمويل أو التعامل مع حكومة تضم حزب الله أو تتأثر به. لأنّ دعم الحكومة اللبنانية يجعل الولايات المتحدة متواطئة حتمًا مع حزب الله الذي يصوغ ويحدّد سياسة الحكومة اللبنانية ويمتلك حقّ الوصول إلى ميزانيتها.

2 – تصعيد ضغط واشنطن على حزب الله بغضّ النظر عن أزمة لبنان المالية أو أي مبادرة دبلوماسية إقليمية.

3 – إصدار العقوبات الأمريكية، سواء ارتبطت بحزب الله أو استهدفت أعضاءً آخرين من الطبقة السياسية بموجب قانون “ماغنيتسكي”، لتأكيد حقيقة أنّ حزب الله والدولة اللبنانية لا يمكن التمييز بينهما. وأن تضغط العقوبات على الشبكات المالية لحزب الله ونظام الأوليغارشية الفاسد برمته لأنّه شريك لحزب الله.

4 – الاستمرار في الضغط على الاتحاد الأوروبي لتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، والاعتراف بأنّ زيادة الاستثمار الفرنسي في لبنان من المرجّح أن يزيد معارضة باريس لهذا التنظيم. وعدم حصول أيّ طرف مرتبط بحزب الله على ترخيص للعمل في أوروبا.

5 – الامتناع عن تقديم مساعدات التنمية وإعادة الإعمار للبنان سواء بشكل ثنائي أو في سياق مؤتمر دولي للمانحين، بسبب بقاء هذا النظام السياسي في عهدة حزب الله وشركائه الفاسدين.

6 – إيقاف كل المساعدات للجيش اللبناني، بسبب فشله في اتخاذ أي إجراء لكبح جماح الحزب، حتّى ضمن منشآت صواريخ حزب الله المكشوفة أو مستودعات الأسلحة في المناطق المدنية.

7 – التحرّك بسرعة لتطبيق عقوبات “قانون الدروع”، لأنّ استخدام “الدروع البشرية” يعتبر جريمة حرب.

8 – استخدام حقّ النقض في مجلس الأمن ضدّ تجديد نشاط اليونيفيل، وذلك بانتهاء التفويض في آب 2021. ففي ظلّ غياب الإصلاح الشامل، لا تزال اليونيفيل غير قادرة على العمل أكثر من مجرد درع لتغطية سيطرة حزب الله على جنوب الليطاني.

9 – إيقاف محادثات ترسيم الحدود البحرية الإسرائيلية اللبنانية، فقد  بدت عملية غير مدروسة بسبب موقف لبنان المتطرّف. وعلى واشنطن أن تؤكّد علانية موقفها بأنّ مزارع شبعا ليست لبنانية، ولكنّها جزء من مرتفعات الجولان، التي يجب أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية.

إقرأ أيضاً: “قرار الحرب”.. هل يفقده ترامب غداً؟
 

*مع انطلاقة عدّاد الإدارة الأميركية الجديدة، صدر أخيرًا تقرير أميركي بعنوان “من ترامب إلى بايدن – الطريق نحو الأمن القومي الأميركي”، تعاون في إعداده مركز القوة العسكرية والسياسية (CMPP)، ومركز القوة الاقتصادية والمالية (CEEP)، ومركز الابتكار السيبراني والتكنولوجيا (CCTI) وتولت نشره “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” في أميركا، بمساهمة 35 باحثًا سياسيًا حول العالم.

يتضمّن التقرير توصيات مستندة إلى معالجة كل باحث للمسائل السياسية المحلية، وذلك في 15 دولة، من بينها دولٌ تتقاطع سياساتها مع سياسة الرئاسة الأميركية، أو لعبت فيها أميركا أدوارًا مفصلية، مثل لبنان، ومن بينها دول إقليمية مثل سوريا والسعودية وإسرائيل وتركيا وغيرها. كما ينشر التقرير تقييمًا لممارسات  أميركا المرتبطة بالحدّ من التسلح وانتشار السلاح، والأمن السيبراني، والدفاع، والطاقة، وتهديد حزب الله عالمياً، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي، والمنظمات الدولية واقتصاد الأمن القومي، والجهاد السني.

اختار “أساس” أقسامًا من هذا التقرير وينشرها على حلقات متتابعة. في الحلقة الأولى ننشر ملخّصًا عن قسم “لبنان” وتوصياته، بقلم طوني بدران، وهو باحث سياسي لبناني متخصّص في شؤون لبنان وحزب الله وسوريا والمشرق.

مواضيع ذات صلة

سلامة والمظلّة السّياسيّة: الكلمة للقضاء

تتّجه كلّ الأنظار غداً الإثنين إلى قصر العدل حيث يُساق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للمثول أمام قاضي التحقيق الأوّل بلال حلاوي لاستجوابه واتّخاذ قرار…

العمامة الوطنيّة والعمامة التّكفيريّة

تسود الشارع السنّي حالة من الاستقطاب الديني النزعة على خلفيّة حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، وما يعرف بحرب الإسناد في جنوب لبنان، ويمكن اختصار…

تعويم الجماعة في ذكرى “الطّوفان”: الأيّوبيّ منسّقاً للمؤتمر القوميّ الإسلاميّ

في خطوة بالغة الأهمّية بتوقيتها ومضمونها تستضيف بيروت في الأول من شهر تشرين الأول المقبل الدورة الجديدة للمؤتمر القومي – الإسلامي، وستكون معركة طوفان الأقصى…

ثلاث سوابق مارونيّة “تنتخب” الرّئيس المقبل

ثلاث سوابق لم يشهدها لبنان في تاريخه السياسي الحديث تكمن أهميّتها ليس فقط في حصولها بل في تزامن بعضها مع بعض مع قاسم مشترك وحيد…