عذراً فخامة الرئيس استقالتك هي الحلّ

مدة القراءة 5 د

عام 2008، صدر للباحثة السورية الدكتورة غنية نحلاوي عن “دار الفكر” كتاب تحت عنوان “الثابت والمتغيّر”. يعالج الكتاب عدداً من القضايا المهمة في حياتنا. من خلال نظرتنا نحو الثوابت والمتغيّرات، تتحدث فيه المؤلفة عن القانون والدليل في الثابت والمتغيّر. وعن ضرورة التغيير ومعايير نجاحه وأسباب إخفاقه.

.. في الأزمات الحكومية بالعهد الحالي، هناك ثابت ومتغيّر. الثابت فيها، هو الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل. فيما المتغيّر أو المتغيّرون هم كلّ رؤساء الحكومة المكلّفين: سعد الحريري، نجيب ميقاتي، حسان دياب ومصطفى أديب.  فضلا عن الخائب أملهما سمير الخطيب ومحمد الصفدي.

ما يحصل مع الرئيس المكلّف سعد الحريري اليوم، من عقد وعقبات بوجه تشكيل الحكومة، حصل سابقاً مع الرئيس نجيب ميقاتي، الذي استغرق أشهر طويلة لإعلان التشكيلة. ليخرج بقناعة واحدة ثابتة تقول: “لا يمكن العمل مع ميشال عون وصهره الشرير” (لقب أطلقه الإعلامي سركيس نعوم على جبران باسيل). الأمر نفسه حصل أيضاً مع مصطفى أديب، الذي وصل إلى خلاصة قرار تفيد: “رحم الله امرأ عرف قدر نفسه فوقف عنده”. وتكرّر أيضاً مع حسان دياب صنيعة باسيل، الذي وجد نفسه متهماً بتفجير المرفأ ومطالباً بالحضور إلى التحقيق.
لطالما كان ميشال عون وصهره عقدة العقد لولادة أيّ حكومة موالية له أو توافقية مع خصومه. تارة تحت شعار “حقوق المسيحيين” في تورية تخفي السعي الوحيد لتحصيل المكاسب للبرتقاليين. وتارة أخرى، تحت شعار “وحدة المعايير” وهو مصطلح مستخرج من معجمٍ برتقالي خاص، لا يعرف أيّ معايير حتّى داخل الطائفة المارونية. تجربة اتفاق معراب مع القوات اللبنانية خير دليل وشاهد وعند الوزير السابق ملحم رياشي كلّ التفاصيل.

في الأزمات الحكومية بالعهد الحالي، هناك ثابت ومتغيّر. الثابت فيها، هو الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل. فيما المتغيّر أو المتغيّرون هم كلّ رؤساء الحكومة المكلّفين

العقدة ما كانت يوماً عند رؤساء الحكومات المكلفين. الرئيس ميقاتي كُلِف عبر انقلاب القمصان السود. وما إن أجرى استشاراته النيابية، حتى رآها تتحكم به وبحكومته بالشراكة مع القمصان البرتقالية. أما السفير مصطفى أديب، فسمع منهم كلّ تأييد إلا أنه لم يرَ سوى عراقيل وعراقيل. وجاء دور الضحية حسان دياب لتنطبق عليه تلك الأغنية الشعبية التي تقول: “نزلتونا لنص البير وقطعتوا الحبل فينا”.

لم يقدّم أحد تنازلات للرئيس ميشال عون وصهره باسيل، بحجم التنازلات التي قدّمها الرئيس سعد الحريري. تنازلات قضت على حضوره وشعبيته ومصداقيته بين ناسه في الداخل وأصدقائه في الخارج من الجزيرة العربية وصولاً إلى جبال الألب الفرنسية. إلا أنّ كلّ هذه التنازلات لم تشفع له ولم تساعده بمواجهة شعبوية الرئيس وصهره وجشعهما للسلطة والتسلط.

لقد أبدى الرئيس ميشال عون وصهره باسيل بصراحة ووضوح، عدم رغبتهما بتشكيل الرئيس سعد الحريري للحكومة. ومطالبتهما له بالاعتذار عن التشكيل.

 من حقنا كلبنانيين وكمراقبين ومتضررين من هذا الوضع الأليم، أن نبدي رأينا ورؤيتنا لكيفية الخروج من المأزق الكبير. وهو إنه لا سبيل للإنقاذ إلا باستقالة فخامة الرئيس.

.. نعم فخامة الرئيس، الحلّ باستقالتك طوعاً وفوراً. وإن لم تستجب لرغبة أكثرية الناس فليتحمّل النواب مسؤوليتهم وليوقعوا على عريضة نيابية واضحة ببندٍ وحيد يطالب باستقالتك بعيداً عن كل التفسيرات الدستورية من خبراء الدستور والقوانين، الطويل منهم والقصير. وبعيداً عن المعايير الطائفية. فرئيس الجمهورية رئيسٌ لكل اللبنانيين وليس فقط  للموارنة والمسيحيين.

.. نعم فخامة الرئيس، نحن شعب لبنان الذي كنت تصفه بالعظيم، نرجوك استقل ودعنا نعيش. دعنا نعيد إعمار عاصمتنا بمساعدة الصديق القريب والبعيد. دعنا نأخذ اللقاح ضد كورونا بكل أنواعه (أميركي وروسي وبريطاني وصيني)، دعنا نأخذ لقاحاً ضد العرقلة والتعطيل وضد الفساد والنكد الكبير، وضد كلّ الأيام السود التي عشناها في عهدك المعيب.

من حقنا كلبنانيين وكمراقبين ومتضررين من هذا الوضع الأليم، أن نبدي رأينا ورؤيتنا لكيفية الخروج من المأزق الكبير. وهو إنه لا سبيل للإنقاذ إلا باستقالة فخامة الرئيس

فخامة الرئيس، لقد أتيت إلى الرئاسة قبل أيام من دخول زميلك دونالد ترامب الى البيت الأبيض الكبير. بعد أيام سيخرج ترامب من الحكم وستنتهي معه موضة الشعبوية في كل بلدٍ غربي أو عربي عانى منها الكثير. أُخرج معه الشعبوية فلقد انتهت هذه الموضة ومعها مدة صلاحية مشروعك وبات الأمر يهدّد حياتنا ومستقبل هذا الوطن الصغير.

إقرأ أيضاً: عاجل: قصر بعبدا يتعرّض للقصف

فخامة الرئيس، أُخرج علينا بشجاعةٍ وبصدقٍ عبر كلّ الشاشات والإذاعات وكلّ أثير. أُخرج علينا بخطاب من جملتين تقول فيه: “لقد اجتهدت فأخطأت، أعلن استقالتي من رئاسة الجمهورية كي تبقى لكم جمهورية لا يحكمها الغريب”.

استقل ودعنا ننتخب رئيساً لجمهوريتنا يُحسن التدبير ولا يهوى العرقلة والتعطيل.

فخامة الرئيس، نعدك إن فعلتها أن نحمل صورتك والعلم اللبناني في الساحات والشوارع والأزقة شاكرين لك موقفك العظيم.

مواضيع ذات صلة

انتخابات أميركا: بين السّيّئ.. والأسوأ

واشنطن   أصعب، وأسوأ، وأسخن انتخابات رئاسية في العصر الحديث هي التي سوف تحدّد من هو الرئيس رقم 47 للولايات المتحدة الأميركية. في الوقت ذاته…

قراءة سياسيّة في أزمة النّزوح… التي ستطول

حرب عامي 2023 و2024 لا تشبه حرب عام 2006 في العديد من الأمور، ومنها الحكومة القائمة وقتها، والحماسة العربية والدولية للبنان، والحجم الأقلّ للحرب وخسائرها….

رعب أوروبا من تقاطع ترامب وبوتين فوق سمائها

قبل ساعات من فتح صناديق الاقتراع، لا تخفي عواصم في أوروبا قلقها من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ولا يقوم ذلك القلق على شكّ…

“الميدان” الذي ننتظر “كلمته” يتمدّد من الخيام إلى إيران

“الكلمة للميدان” هي اللازمة التي تردّدها قيادة الحزب في تعليقها على جهود وقف النار في لبنان وشروط إسرائيل. بين ما يرمي إليه استخدام هذه العبارة…