هشام حدّاد: نادمٌ لأنّني بكيت على ميشال عون مرّتين

مدة القراءة 6 د


بعد 25 عاماً، من الارتباط الوجداني بـ”ميشال عون”، خرج هشام حداد عن صمته مؤخّراً، مطالباً في مواقفه الجديدة بـ”إسقاط المنظومة السياسية كاملة”، ومتجاوزاً النقد الذي كان محصوراً لسنوات عدّة في إطار الهجوم على جبران باسيل، ليصل إلى الهجوم المباشر على رئيس الجمهورية، بشكل حادّ.

حداد، الإعلامي الناجح المثير للجدل، كان قد بدأ العمل الإعلامي في 2008 من خلال شاشة “OTV”، حيث قدّم 3 برامج: “أوفريرا” وهو برنامج سياسي ساخر، “لول” وهو برنامج كوميدي، و”حرتقجي” وهو برنامج حواري. ثم انتقل في 2015  إلى شاشة “LBCI”، وذلك بعدما قدّمت له الأخيرة عرضاً مغرياً، ليقدّم برنامج “لهون وبس” الذي ما زال مستمراً حتى يومنا هذا.

إقرأ أيضاً: مخيف ما فعله العقل “العوني” بلبنان

في العام نفسه، بدأ حداد بمراجعة نقدية ذاتية غادر على إثرها التيار الوطني الحر، الذي عاد وفصله بشكل رسمي في العام 2016 على خلفية مواقفه. هذا الفصل تزامن مع دخول العماد ميشال عون رئيساً إلى قصر بعبدا.

“الثلم الأعوج من الثور الكبير”، بهذا المثل الشعبي، يفسّر هشام حداد توسيع بيكار النقد من وزير الخارجية السابق جبران باسيل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، لاسيّما وأنّ التجارب المتراكمة أثبتت أنّ لا فرق بين أداء باسيل وبين إرادة عون.

هذا التبدّل في الموقف يعود إلى جانبين: الأوّل سياسي والثاني عاطفي. وفيما يجزم الإعلامي أن لا فرق في السياسة بين أداء الاثنين، لا ينكر أنّه حاول لأعوام تحييد عون وجدانياً، غير أنّ الواقعية انتصرا أخيراً.

حداد الذي انتسب إلى التيار الوطني الحر بين العامين 1994 و1995 بناءً على خطاب ميشال عون، يُدين بصراحة تلك المرحلة، قائلاً :”أنا كنت مخطئاً لـ25 عاماً”، هذا الاعتراف بالخطأ والتعلّق الوجداني يربطه حداد بفكرة The toxic leader، أيّ “القائد السام”، الذي يتبعه الشخص كأنّه منوّم مغناطيسياً. وهذا القائد يكون لديه كاريزما عالية يأخذ أتباعه كما يريد، ولكنّه في الوقت نفسه يسمّمهم.

لم يكن التخلّص من الـ”toxic leader” سهلاً على حداد، الذي راكم تجربة النقد منذ خروجه من عباءة التيار في العام 2015، ليكون انفجار المرفأ هو القشّة التي قسمت ظهر البعير، والتي دفعته ليقول علناً ما كان يقوله في المجالس الضيّقة منذ مدة، فالـ”طبقة السياسية لا حدود لكفرها”.

هشام حداد يعترف بلحظتين يندم عليهما خلال مسيرته، وهما يوم بكى حزناً في 13 تشرين، ويوم بكى فرحاً لحظة انتخاب ميشال عون. يحدثنا في المقابل عمّا دار في كواليس تشكيل حكومة حسان دياب، ومفاتحته بإسناد إحدى الحقائب الوزارية إليه، وأنّه رفضه رفضاً قاطعاً

لـ”الأبوة” مفصل أساسي في حياة الإعلامي، الذي طلب تأجيل المقابلة معنا نصف ساعة، كي لا تسبّب الإزعاج لطفليه وهما يحاولان النوم. هذا الشعور هو الذي عزّز المراجعة التي قام بها في المرحلة الأخيرة، فغلبت واقعية الأب الأربعيني على حماسة الشاب المتحرّر من أيّ قيد، وذهبت الغشاوة، كما يقول.

ولأنّ لا شيء أغلى من الولد، لا يتردّد حداد في القول: “صراحة مش ميشال عون، إصبع إجر ابني الصغير برأس أكبر زعيم. أنا عندما رأيتُ الأطفال بموتزن بسبب فساد وإهمال من يحكمنا، سألت نفسي: ما الحسابات التي أقف عندها؟ ما الأغلى من حياة الطفل وأمنه ومستقبله؟”.

تعلّق حداد بأطفاله، وبعائلته، يضعه أمام ثلاثة هواجس، وجميعها تلتقي عند عدم الثقة بالطبقة الحاكمة وبالقدرة على إنجازها الإصلاحات اللازمة، وهي: الحالة الاقتصادية الصعبة والجوع، وخطر أن نصير كلما عاجزين عن إطعام أولادنا. وثانياً، عدم القدرة على تعليم الأولاد كي يؤمنوا مستقبلهم. وأخيراً الهاجس الأمني، وخاصة بعد حادثة المرفأ”. ويؤكد: “بعد الحادثة، أفضل أن يبقى أولادي في البيت. لا أأتمن هؤلاء الحكّام على حياتهم”.

لا حدود ليأس حداد من هذا العهد، فيعتبر “إن كنا محظوظين لن يكمل ولايته”، مشيراً إلى جملة تتردّد في الأوساط وهي أنّ “عامين آخرين كثيران على ميشال عون”

لا ينفي حداد تفكيره بالهجرة في حال لم يتبدّل وضع البلد، فهو لن يكون أنانياً في هذه اللحظة، وإذا لم يعد لبنان مكاناً صالحاً للعيش، سيضطر إلى اتخاذ هذا الخيار لأجل أولاده. ومع تحرّره الحزبي، لا يفكّر حداد بمنع أولاده في المستقبل من تعاطي العمل السياسي ولا من التحزّب، وإنّما فقط سيقول لهم: “لا تتبعوا أشخاصاً بل اتبعوا المشروع والمضمون”.

هشام حداد يعترف بلحظتين يندم عليهما خلال مسيرته، وهما يوم بكى حزناً في 13 تشرين، ويوم بكى فرحاً لحظة انتخاب ميشال عون. يحدثنا في المقابل عمّا دار في كواليس تشكيل حكومة حسان دياب، ومفاتحته بإسناد إحدى الحقائب الوزارية إليه، وأنّه رفضه رفضاً قاطعاً.

 

تلفزيون الثورة والطموح السياسي

من جهة أخرى، يحضّر هشام للبدء في تقديم “موقف أسبوعي” في تلفزيون الثورة، لمدة 5 دقائق. يصف خياره هذا بالـ”سياسي”. أما مهنياً، فهو مستمرّ عبر شاشة الـ”LBCI”. وعن الطموح السياسي، يسخر من ربط انتقاده للتيار الوطني الحر، بهذا الطموح، مؤكداً أنّ خطابه ليس انتخابياً فالسياسة بالنسبة إليه “تسلية” وتنطلق من اهتمام شخصي. وهو حتّى اللحظة لا يعلم إن كان لديه طموح سياسي أم لا. في الوقت نفسه يسأل: “من لديه اليوم حساب سياسي، هل كان ليهاجم الأحزاب جميعها؟ وهل كان ليرفض حقيبة وزارية”.

لا حدود ليأس حداد من هذا العهد، فيعتبر “إن كنا محظوظين لن يكمل ولايته”،  مشيراً إلى جملة تتردّد في الأوساط وهي أنّ “عامين آخرين كثيران على ميشال عون”. وعلى الرغم من هذا اليأس، غير أنّه لا مرشحّ يفضّله لرئاسة الجمهورية حالياً. برأيه هناك مرحلة تسبق مرحلة رؤساء الأحلام. وهي عبارة عن سيناريو يتمّ الإتيان خلاله بـ3 رؤساء تسوية على مستوى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ومجلس الوزراء، وهذه ستكون البداية لأيّ تغيير.

أما عن مرشحّته لرئاسة الحكومة، فيجيب حداد بتلقائية “حليمة قعقور مرشحة جيدة لهذا الموقع وأنا أحبها”، موضحاً أنّه وحليمة جزء من  تنظيم سياسي جديد سيعلن عنه وعن اسمه وأعضائه خلال أيام وأسابيع قليلة، وهذا التنظيم هو عبارة عن حزب ذي صفة اجتماعية وديمقراطية، ويضم الشباب والكفاءات الفاعلين بالثورة، والذين ينتمون إلى مختلف القطاعات.

 

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…