الضاحية وطرابلس: جمعتنا شرعة وطنية وفرّقنا كورونا

2020-03-08

الضاحية وطرابلس: جمعتنا شرعة وطنية وفرّقنا كورونا


الانتقال من ضاحية بيروت الجنوبية إلى طرابلس لم يعد مريحاً ولا سهلاً، فمن يقيم في الضاحية أصبح مصدر خوف وقلق لشركائه في الوطن في ظل ما ينشر من أخبار وشائعات عن انتشار مرض الكورونا وتحويل الضاحية إلى كيان مغلق يخضع لحجر صحي شامل، إضافة إلى انعكاس كل حروب وصراعات المنطقة على علاقة أبناء الضاحية بمحيطهم بسبب الخلافات حول المواقف السياسية مما يجري من حولنا.

لكن رغم كل ذلك كان القرار حاسماً بالذهاب إلى طرابلس يوم السبت الماضي للمشاركة في المؤتمر الوطني لمؤسسة “أديان” في معرض طرابلس الدولي، لإطلاق “شرعة منتدى المسؤولية الاجتماعية الدينية”. والمنتدى يضم نحو 150 ناشطاً دينياً وإعلامياً واجتماعياً وتربوياً من مختلف المناطق اللبنانية. والشرعة التي أُطلقت تتضمن سلسلة مبادىء وأفكار هدفها حماية التنوّع والحريات والدفاع عن كرامة الانسان وتأكيد التضامن الإنساني في المجتمع والتطلع إلى أن يكون العيش المشترك حقيقة راسخة في الثقافة والممارسة في إطار المواطنة الحاضنة للتنوّع.

إقرأ أيضاً: كورونا من نوع آخر يضرب طيران لبنان.. استعدوا للعزل!

منذ أن وطئت أقدامنا أرض المعرض الدولي في طرابلس وباحاته الجميلة، بدأت التساؤلات عن الضاحية الجنوبية وجنوب لبنان، والمخاوف من الكورونا، والحجر الصحي، والهموم السياسية والمعيشية والاقتصادية. كان اللقاء مع مئات الناشطين والعلماء والإعلاميين من طرابلس ومختلف المناطق اللبنانية فرصة جميلة لكسر الحواجز التي يحاول البعض إقامتها بين أبناء الوطن الواحد. ولم تمنع كل المخاوف والشائعات من أن يلاقينا أبناء طرابلس والشمال بالترحاب والاهتمام والتضامن الوطني. في المقابل، نقلنا إليهم كل التحيات والطمأنينة من الضاحية الجنوبية التي تعمل لمواجهة التحدي الجديد عبر الإجراءات الصحية والعملية، والتي تعيش حياتها الطبيعية رغم كل الشائعات والمخاوف.

رغم التباين والخلافات حول مقاربة بعض التطورات السياسية داخلياً وخارجياً مع عدد من المشاركين في المؤتمر، إلا أنّ الغالب على اللقاء كان قراراً حاسماً من الجميع بتجاوز كل ذلك بحثاً عن الوطن الضائع في صراعات الداخل والخارج. كما أن أبناء المدينة، خصوصاً الذين شاركوا بعرض بعض نشاطاتهم الإعلامية والدينية والاجتماعية في المؤتمر، كانوا حريصين على تقديم أفضل صورة لعروس الثورة والانتفاضة الشعبية، وما تقوم به من مبادرات عملية لتجاوز الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والخلافات الدينية والمذهبية.

لم نكن بحاجة لكثير من الجهد لتجاوز الحواجز الوهمية والجلوس على طاولة واحدة وفي قاعة مشتركة مع شركائنا من أبناء الوطن للحوار والنقاش حول همومه ومشاكله والبحث عما يجمعنا لمواجهة ما يفرقنا. وكانت الشرعة التي أعلنت من “منتدى المسؤولية الاجتماعية الدينية” ومؤسسة “أديان”، والأنشطة التي قُدّمت لتحقيق أهداف الشرعة في كل المناطق والمشاريع التي ستنفذ، هي المدخل الطبيعي للبحث عن مساحة مشتركة تجمعنا جميعا.

نحن اليوم أحوج ما نكون إلى مزيد من التواصل واللقاءات والتضامن الوطني الحقيقي

قبل الانطلاق من الضاحية الجنوبية إلى طرابلس، كانت المخاوف كثيرة، وكانت الشائعات والأخبار المقلقة هي السائدة. وتحوّل فيروس كورونا إلى سبب إضافي للتباعد والقلق بدل أن يكون مدخلاً للتوحد والتعاون. وللاسف، فبعض الإعلام وبعض السياسيين والجهات الحزبية لعبت دوراً سلبياً في نشر المخاوف والقلق، لكنّ التواصل المباشر والحوار المباشر، كان الردّ الطبيعي والعفوي على كل هذه المخاوف والحواجز. فالضاحية الجنوبية ليست كياناً مقفلاً ومعزولاً ومحجوراً عليه صحيا كما يحاول البعض أن يعمّم، ولا طرابلس مدينة مقفلة على أبنائها وترفض الآخر المختلف كما يشيع البعض.

نحن اليوم أحوج ما نكون إلى مزيد من التواصل واللقاءات والتضامن الوطني الحقيقي، والبحث عن مساحات مشتركة لبناء الوطن الواحد رغم الخلافات والتباينات السياسية والحزبية.

الشرعة الجديدة ستكون أمام امتحان جديد لتأكيد التضامن الوطني وحماية الاختلاف والتنوّع في إطار المواطنة، وإلا ستنضم إلى غيرها من الأوراق والبيانات والشِّرْعات التي لا تغني ولا تسمن من جوع.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…