علي فضل الله: موالاة أو معارضة؟

2020-02-23

علي فضل الله: موالاة أو معارضة؟


أين يقف مقلّدو ومناصرو المرجع الديني الراحل السيد محمد حسين فضل الله من المشهد السياسي الداخلي في لبنان؟ وهل يمكن تصنيف هؤلاء في صف المعارضة لثنائي حركة أمل – حزب الله أو في صفّ الموالاة؟ وهل يمكن إطلاق “تيار السيد محمد حسين فضل الله” على هؤلاء؟ ومن يمثّل هذا التيار اليوم داخل مؤسسات المرجع وجمعية المبرات الخيرية؟

المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله كان يفضّل ألا يتم نسبة العاملين في الساحة الإسلامية إلى أيّ شخصية دينية مهما كان دورها متقدماً وأهميتها حاضرة، وهو كتب دراسة مهمة في ثمانينات القرن الماضي تحت عنوان: “بطل الخط أو خط البطل”، ونُشِرت لاحقاً في كتابه الهام: “الحركات الإسلامية: هموم وقضايا”، الصادر عن الدار الإسلامية. في تلك الدراسة رفض فضل الله تسميات “الخمينيون” أو “الصدريون” أو نسبة المناضلين إلى الإمام الخميني أو الإمام موسى الصدر أو الامام محمد باقر الصدر أو غيرهم، واعتبر أنّ الناس تنتمي إلى الخط وليس للقائد، وقد ردّ عليه احد قياديي حزب الله آنذاك في مقال نشرته مجلة المنطلق دافع عن الإنتماء إلى الإمام الخميني.

إقرأ أيضاً: حزب الله يتغير: لبنان أوّلاً

لكنّ استخدام تسمية “تيار السيد محمد حسين فضل الله” هو للإشارة إلى الكوادر والعلماء والناشطين الإسلاميين من الذين تبنّوا فكر السيد فضل الله أو يعملون في المؤسسات التي أنشأها ولا تزال فاعلة وناشطة، أو يعتبرون أنفسهم من تلاميذه والسائرين على خطاه ومنهجه الفكري والفقهي والسياسي، أو ممن لا يزالون يقلدونه في القضايا الفقهية. وهؤلاء كثيرون وينتشرون في لبنان والبلاد العربية وفي أوروبا وأميركا وأفريقيا وحتّى داخل إيران ودول إسلامية أخرى. وهناك مؤسسة مركزية ترعى هؤلاء باسم “مجلس أمناء مؤسسات المرجع السيد محمد حسين فضل الله”، ومع أنّ نجله الأكبر العلامة السيد علي فضل الله هو الذي يشرف على هذه المؤسسات ويتابع إلقاء الدروس والخطب من على منبره في “مسجد الإمام الحسنين” في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، فإنّ هناك مئات العلماء والمفكرين والكوادر الإسلامية وحتّى من خارج الساحة الإسلامية، ممن يعتبرون أنفسهم يمثلون تيار السيد فضل الله ويتابعون رسالته ونهجه.

والعلامة السيد علي فضل الله رئيس “جمعية المبرات الخيرية” و”ملتقى الأديان والثقافات”، والمشرف العام على كلّ مؤسسات السيد فضل الله،  هو من يمثل هذا التيار بشكل رسمي ويعبر عن مواقفه السياسية والدينية والفكرية. لكن في الوقت نفسه هناك علماء آخرون وناشطون داخل هذا التيار يجتهدون في بعض المواقف ويحاولون أن يتمايزوا في بعض أدائهم عن مواقف السيد علي فضل الله. بعضهم يقف على يمينه في اتباع النهج المحافظ والأقرب إلى الموالاة لثنائي “حركة أمل وحزب الله”، وآخرون يقفون على يساره ويتّخذون مواقف متشدّدة وثائرة ويقتربون أكثر من خطوط المعارضة الشيعية.

السير بين الألغام لتحقيق تلك الأهداف كان مهمة صعبة، لكن يبدو أنّ المطلوب اليوم أكثر من ذلك بكثير

لكن السيد علي فضل الله يحرص على السير بين الألغام التزاماً بالنهج الذي اتبعه والده دون أن يتخلّى عن الثوابت الأساسية في مواقفه داخلياً وخارجياً، وقد تكون الأولوية بالنسبة له، هي الحفاظ على الخطّ والنهج وحماية المؤسسات واستمرارية عملها الدعوي والفكري والرعائي والاجتماعي في هذه الظروف الصعبة وسط الضغوط الدولية والإقليمية والداخلية.

يحاول فضل الله الإبن أن يكون جسر تواصل وحوار بين مختلف المكونات الدينية والمذهبية والسياسية في لبنان وخارجه، وكذلك مع العديد من الدول العربية والأجنبية، ولذلك اختار أن يؤسّس ويشرف على “ملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار” و”شبكة الأمان للسلم الأهلي”، وهاتان مؤسستان تضمّان نخبة كبيرة من الشخصيات اللبنانية والعربية من اتجاهات فكرية ودينية وسياسية مختلفة.

نجح السيد علي فضل الله حتى الآن في تحقيق الأهداف التي سعى إليها طيلة السنوات العشر الماضية منذ رحيل والده في الرابع من تموز من العام 2010 من خلال الحفاظ على المؤسسات واستمرارية نهج وخط السيد محمد حسين فضل الله. والسير بين الألغام لتحقيق تلك الأهداف كان مهمة صعبة، لكن يبدو أنّ المطلوب اليوم أكثر من ذلك بكثير، لأنّ الساحة الداخلية والخارجية تتطلّب حضوراً فاعلاً ومؤثراً لإنقاذ الوضع من الأزمات والكوارث، لذا لا يمكن الاكتفاء فقط بمهمة الإصلاح والتوفيق بين المواقف بل إنّ التغيير هو المطلوب اليوم قبل الغد.

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…