إليكم أشهر 5 كذبات سياسية في تاريخ لبنان

مدة القراءة 4 د

ليس مفاجئاً أن تسمع نائباً في تكتّل جبران باسيل يتحدّث عن مكافحة الفساد. هذا النوع من الفجور بات عادياً. ولا غريباً أن تسمع نائباً في حركة أمل أو حزب الله أو تيار المستقبل أو الحزب الاشتراكي يطالب اللبنانيين بـ”التغيير في الانتخابات”. هذه تصريحات موثّقة ودورية ولا يملّ منها.

وهذا ليس نفاقاً. الأرجح أنّ هؤلاء النواب، وقادتهم، يعيشون حالة إنكار غريبة من نوعها. لا يريدون أن يصدّقوا أنّ أحزابهم باتت بلا مصداقية، وأنّهم باتوا مكشوفين أمام الرأي العام، وأنّ اللبنانيين حين يسمعون تصريحاتهم هذه يقلبون على ظهورهم من الضحك.

“ما خلّونا نشغل”: هكذا يقول مسؤولون عونيون، ويحمّلون مسؤولية فشل تيارهم في وعود كثيرة، أبرزها وعد النائب جبران باسيل بالتيار الكهربائي “24 / 24 في 2015”

كلّ حزب له روايته الخاصّة عن سبب فشله في إنجاز ما وعد ناخبيه به، على مشارف الانتخابات النيابية المقبلة في ربيع 2022، أي بعد سبعة أشهر أو ثمانية. وكلّ حزب أنجز سردية لقّن بها محازبيه، ليقنعهم أوّلاً، وليعرفوا كيف يحاججون الآخرين، في دفاعهم الأعمى عن أحزابهم وقادتها.

إليكم أشهر 5 كذبات سياسية في تاريخ لبنان:

1- “ما خلّونا نشتغل”: هكذا يقول مسؤولون عونيون، يحمّلون مسؤولية فشل تيارهم في وعود كثيرة، أبرزها وعد النائب جبران باسيل بالتيار الكهربائي “24 / 24 في 2015”. وها نحن نسهر على ضوء الشمعة في 2021.

2- “900 ألف وظيفة”: هذا وعد أطلقه الرئيس سعد الحريري خلال حملته الانتخابية في 2018، وكان يتحدّث عن مؤتمر “سيدر” الموؤود، الذي لم ولن يبصر النور. وانتهى به الأمر معلناً “طَفَرَهُ” في مقابلته الأخيرة: “كنت ملياردير وبطّلت…”. قالها بحرقة وحزن.

3- “القدس”: سنصلّي في القدس، وعد حزب الله جمهوره. والصلاة في القدس تفترض تحريرها أوّلاً. وتحريرها يفترض تفوّقاً عسكرياً على العدوّ الإسرائيلي، وطبعاً هذا التفوّق يحتاج إلى تضامن اجتماعي والتفاف شعبي حول الحزب، بعد سنوات من الازدهار الصناعي والزراعي، واقتصادٍ قويّ قادرٍ على دعم مسيرة اجتياح دول مجاورة. لكن انتهينا غير قادرين على تعبئة سياراتنا بالبنزين لنذهب إلى طابور الصيدلية والمخبز ومحطة البنزين. لا وقود لرحلة إلى الشارع المجاور، وسقط وعد “القدس”. طبعاً يمكن إلقاء اللوم على “العملاء والخونة”.

4- “صار بدّا”: كانت حملة “القوات اللبنانية” إلى الانتخابات النيابية. “صار بدّا دولة مش دويلة”، قال لنا “الحكيم” سمير جعجع. ثم اكتشفنا أنّه كان قد اتفق في “تفاهم معراب” مع باسيل على تقاسم الوظائف والمناصب التي من حصّة المسيحيين في الدولة اللبنانية، مناصفةً، مع إلغاء كلّ القوى السياسية الأخرى. على طريقة “المغانم”. والمغانم لا تقسّم في “الدولة”، حيث الكفاءة يجب أن تكون المعيار وليس الانتماء المذهبي والحزبي. ثم سارع جعجع إلى الخروج من الحكومة التي كان شريكاً فيها لحظة 17 تشرين الأوّل 2019. كان أوّل الفارّين من المركب، وراح يقصف شريكه في “أوعا خيّك” ويدّعي عدم انتمائه إلى “التسوية” التي أوصلتنا إلى “جحيم” هذا العهد.

“900 ألف وظيفة”: هذا وعد أطلقه الرئيس سعد الحريري خلال حملته الانتخابية في 2018، وكان يتحدّث عن مؤتمر “سيدر” الموؤود، وانتهى به الأمر معلناً “طَفَرَهُ” في مقابلته الأخيرة

5- “الليرة بخير”: كان يقول لنا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ويحميه الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه برّي والحريري أو نجيب ميقاتي أو أيّاً كان في الرئاسة الثالثة. وتبيّن أنّها كذبة كبيرة، وأنّنا كنّا نأكل ونشرب ونشتري الهواتف والسيارات ونسهر ونتطبّب من ودائع المودعين الغافلين النائمين ملء جفونهم عن شواردها.

هذه الكذبات لا يمكن تعويض الخراب الذي سبّبته للّبنانيين:

– الأولى هي علامة مسجّلة باسم “العهد القوي”، الذي “ما خلّوه يشتغل”، وبات مرادفاً لـ”الجحيم” الذي نعيشه.

– الثانية تعبّر عن مدى سذاجة الجماهير الحزبية والمذهبية في تصديقها كلاماً لا يدخل في العقل. وأوصلنا قائلها، بسبب تمسّكه بتكليفه لرئاسة الحكومة، إلى ارتفاع الدولار من 6 آلاف ليرة لحظة تكليفه، إلى 23 ألف ليرة لحظة اعتذاره، مع انضمام مئات الآلاف إلى جيش العاطلين عن العمل.

– الثالثة هي أحد أبرز أسباب انهيارنا، بسبب تدخّل حزب الله في شؤون دول عربية أعرضت عن مساعدتنا ونأت بنفسها وجيوبها عن دعم لم يتوقّف منذ عقود.

إقرأ أيضاً: إستعدّوا لرؤساء “ضعفاء في طوائفهم”

– الرابعة تعبّر عن ازدواجية الخطاب “التغييري”، وكيف تعقد الصفقات من تحت الطاولة، وتكون الشعارات رنّانة من فوقها.

– والأخيرة هي الكذبة – الفقاعة التي انفجرت في وجوهنا، وكان قائلها ينيّمنا على حرير الفوائد والازدهار، حتّى استيقطنا على أشواك الإفلاس وتبخّر ودائعنا واستقرارنا.

هي أشهر خمس كذبات في تاريخنا السياسي. ولا حلّ إلا بإحالة قادة الأحزاب إلى التقاعد المتأخّر.

مواضيع ذات صلة

سورية القويّة وسورية الضعيفة

سورية القويّة، بحسب ألبرت حوراني، تستطيع التأثير في محيطها القريب وفي المجال الدولي. أمّا سورية الضعيفة فتصبح عبئاً على نفسها وجيرانها والعالم. في عهد حافظ…

الرّياض في دمشق بعد الفراغ الإيرانيّ وقبل التفرّد التركيّ؟

سيبقى الحدث السوري نقطة الجذب الرئيسة، لبنانياً وإقليمياً ودوليّاً، مهما كانت التطوّرات المهمّة المتلاحقة في ميادين الإقليم. ولا يمكن فصل التوقّعات بشأن ما يجري في…

الرّافعي لـ”أساس”: حلّ ملفّ الموقوفين.. فالقهر يولّد الثّورة

لم يتردّد الشيخ سالم الرافعي رئيس هيئة علماء المسلمين في لبنان في الانتقال إلى دمشق التي لم يزُرها يوماً خوفاً من الاعتقال. ظهر فجأة في…

أكراد سوريا في بحث جديد… عن دور ومكان

لم يعرف الأكراد منذ أن وُجِدوا الاستقرار في كيان مستقلّ. لم يُنصفهم التاريخ، ولعنتهم الجغرافيا، وخانتهم التسويات الكبرى، وخذلتهم حركتهم القومية مرّات ومرّات، بقدر ما…