السلطة تشتري الوقت بأموال المودعين

2021-06-27

السلطة تشتري الوقت بأموال المودعين

لم يكن خروج الشوارع اللبنانية عن صمتها، خلال الساعات الأخيرة، بالمفاجئ أو المستغرَب، لا بل إنّ المثير للاستهجان والصدمة هو حالة “البنج” و”الموت السريري” التي تضرب اللبنانيين منذ أن صار وضعهم الاقتصادي والاجتماعي والمالي مضرِب المثل في الدراسات العلمية، وأصبح ظاهرةً نادرةً تُدرَّس.

وقد يكون مردّ هذا الأمر إلى شعورهم باليأس والعجز إزاء تسونامي التدهور الذي يأكل الأخضر واليابس، دافعاً بهم إمّا إلى البحث عن لقمة عيشهم وإمّا إلى طلب الهجرة.

لكنّ الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الذي ينذر بمزيد من الخراب والدمار الاجتماعي والنفسي، مرفقاً بطوابير الذلّ التي تفرضها محطات البنزين اللاهثة وراء الفرق في سعر الدولار لكي يحقّق أصحابها مزيداً من الأرباح على حساب جيوب الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، أعاد الحيوية نسبياً إلى الشارع.

وفق المتابعين للوضع الأمنيّ، فإنّ احتمال التصعيد جرّاء نقمة الناس على اختلاف انتماءاتهم، هو مسار طبيعي ستسلكه الأحداث، خصوصاً أنّ الأسعار فلتت من عقالها، فلم يعد بمقدور معظم اللبنانيين تحمّلها، فيما السلطة الغارقة في مستنقع الخلافات البيزنطية تعمل على شراء الوقت من جيوب المودعين، لا أكثر

خلال الساعات الماضية، استعاد اللبنانيون مشاهد قطع الطرقات وإشعال الإطارات، ولو أنّها لا تزال محدودة نسبياً، لكن التطوّرات السلبية التي تحاصر المشاورات الحكومية تشي بأنّ الأيام القليلة المقبلة قد تشهد تصعيداً استثنائياً في الشارع سيطرح العديد من علامات الاستفهام عن قدرة القوى الأمنيّة على ضبط الوضع، وعن السيناريوهات المحتملة إزاء انفلات الوضع وأخذه أشكالاً غير متوقّعة. اللافت هو أنّ التحرّك المستعاد في الشارع رُصِد في مناطق وعلى طرقات قلّما كانت تتفاعل مع نداءات مجموعات “الثورة”، وهو ما ينذر باشتعال بركان سيكون إطفاؤه صعباً جدّاً.

وفق المتابعين للوضع الأمنيّ، فإنّ احتمال التصعيد جرّاء نقمة الناس على اختلاف انتماءاتهم، هو مسار طبيعي ستسلكه الأحداث، خصوصاً أنّ الأسعار فلتت من عقالها، فلم يعد بمقدور معظم اللبنانيين تحمّلها، فيما السلطة الغارقة في مستنقع الخلافات البيزنطية تعمل على شراء الوقت من جيوب المودعين، لا أكثر.

ويشير هؤلاء إلى أنّ المجموعات المنظّمة التي كانت تتولّى تجييش الشارع، لم توقف نشاطها طوال الفترة الماضية، إلّا أنّ الرأي العام لم يكن يتفاعل مع تلك الدعوات على نحو كبير، ويبدو أنّ هذه القوى تستعيد نشاطها، ولا سيّما في مناطق الشمال لإعادة بثّ الحياة في الشوارع المعترِضة، الأمر الذي يوحي بأنّ “الخير للأمام”.

في المقابل، تقف القوى الأمنيّة والعسكرية أمام تحدّي مواجهة “البركان الشعبي”، لأنّ عناصر القوى الأمنيّة تعاني، كما بقيّة اللبنانيين، ضغط الأزمة المعيشية، التي تضع موضع سؤال جدّي قدرة هذه القوى على القيام بالمهامّ المطلوبة منها. وما الفيديو المسرّب عن “نقاش حامٍ” بين أحد الضباط وأحد المتظاهرين، اشتكى فيه الأوّل من “وجعه لعدم قدرته على إيجاد الحليب لأطفاله”، إلا دليل فاقع على الواقع المأزوم الذي يعانيه الضباط، كما الأفراد.

إقرأ أيضاً: مؤتمر الدعم “جاري التنفيذ”… ماذا عن “انكشاف البلد أمنيّاً”؟

وفق هؤلاء، لا تزال جهوزية القوى الأمنيّة مرتفعة ومتينة، ولا خشية أبداً من عدم قدرة المؤسسات الأمنيّة على القيام بواجبها وضبط الوضع ما دامت الاحتجاجات ضمن المعقول والمقبول.

تضيف هذه المصادر أنّ “القوى الأمنيّة لم تغيّر في سلوكها، وهي حريصة على احترام حريّة التعبير عن الرأي، وتتفهّم وجع الناس، لكنّها لن تسمح بالتعدّي على الأملاك العامّة والخاصّة، ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام أعمال الشغب التي بدا وقوعها محتملاً خلال الساعات الأخيرة”.

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…