انتخابات الكويت: السعدون رئيساً لمعتدلين و”حذراً” لمتفائلين..

مدة القراءة 6 د

يُجمع أهل الكويت على أن أصواتهم في صناديق الاقتراع هذه المرّة ستكون نتيجتها مختلفة، فالانتخابات البرلمانية، المقررة الخميس المقبل، لا تشبه في ظروفها وتفاصيلها وحيثياتها أي انتخابات سابقة، أقله في العقود الثلاثة الماضية.

غابت عناوين المواجهة مع الحكومة عن الحملات الانتخابية وتراوحت الشعارات بين فريق يمد يد التعاون وينظر بالتفاؤل للتعامل معها، وفريق آخر متفائل بحذر “من دون إفراط”، على حد تعبير عدد من المرشحين والنواب السابقين.

يعزو كثيرون ضعف الحضور النسائي في مجلس الأمة، إلى غياب ثقة المرأة بالمرأة، إذ إن عدد الناخبات أكبر من عدد الناخبين، فلو صبت أصواتهن لصالح النساء لكان فوز الكثيرات مضموناً

تصحيح المسار

لا تبدو المعركة حالياً بين نواب موالين للحكومة وآخرين معارضين، بقدر ما هي معركة مسارات وخيارات للمعارضين أنفسهم، فالعنوان العريض للاقتراع هو “تصحيح المسار”، أي إرساء نهج جديد في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية والبحث عن صيغ مقبولة للتعاون بينهما، منعاً لعودة الصدامات التي أدت إلى عرقلة دوران عجلة التنمية، وتعطيل إيجاد حلول للمشكلات الملحة، وفي مقدمها تعظيم الإيرادات غير النفطية ووضع خطط للأمن الغذائي وترشيد الإنفاق الحكومي.

“الحرب ضد الفساد” عنوان أزلي في الكويت، لكن يبدو أن النهج الجديد الذي بدأ بحل مجلس الأمة والعودة إلى الشعب وتعيين رئيس جديد للحكومة، شكّل عامل تفاؤل لدى غالبية المرشحين، لا سيما “الصقور” منهم، بأن هناك جدّية حكومية في محاربة الفساد ومواجهة من يوصفون بـ”سراق المال العام”.

السعدون و”ضبط الإيقاع”

مع عزوف رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم عن المشاركة في الانتخابات، تبدو رئاسة المجلس شبه محسومة للرئيس الأسبق أحمد السعدون الذي يعد شخصية مُخضرمة لها ثقلها السياسي والاجتماعي، وتحظى بالمقبولية من غالبية الأطراف.

لا يمكن تصنيف السعدون على أنه “مُعارض” بالمعنى الكامل كما لا يمكن تصنيفه في خانة الموالين للحكومة، ولعل ذلك هو ما يرفع حظوظه للعودة إلى رئاسة السلطة التشريعية بالنظر إلى قدرته على “ضبط الإيقاع” و”ترشيد المعارضة”، وخلق التوازن المطلوب في العمل بين السلطتين، ومنع السلطة التشريعية من “التغوّل” على السلطة التنفيذية.

فريق “الموالاة” الجديد

ينتمي السعدون وعدد كبير من المرشحين – المُرجح فوزهم – إلى خانة “المعارضة المعتدلة” التي ترفع مطالبات قابلة للتحقيق، فيما يبرز فريق آخر من المعارضين الذين يطرحون مشاريع غير قابلة للتنفيذ.

النظام السياسي في الكويت لا يتحمل النوع الثاني من المعارضة التي تريد إقرار “عفو شامل” عن المحكومين في قضايا متنوّعة، والمقصود فيه عدد من الموجودين خارج الكويت، ويُخشى أنها تخطط لأمور أكبر، على غرار تعديلات دستورية تقود في نهاية المطاف إلى “إمارة دستورية” و”رئيس وزراء شعبي” وغير ذلك من العناوين، التي قد تؤدي لـ”عودة التأزيم” مع نوع جديد من المعارضة.

 

وما بين الفريقين، ستفرز الانتخابات فريقاً ثالثاً في مجلس الأمة يوصف بأنه أقرب إلى الحكومة وسيكون بطبيعة الحال أقرب إلى المعارضة المعتدلة وسيكونان معاً في خانة “الموالاة” في ظل استمرار النهج الإصلاحي، لكن أوزان كل فريق لا يمكن التنبؤ بها حالياً بالنظر إلى المفاجآت المتوقعة.

يرى البعض أن عناوين “التأزيم” ستغيب على الأقل في الفترة الأولى من ولاية المجلس الجديد، ريثما يتضح الخيط الأبيض من الأسود لجهة إمكانية خلق التعاون المنشود بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وثيقة القِيَم

بالنظر إلى حماوة المعركة وتشعبها، برزت في الآونة الأخيرة وثيقة عرفت بـ”وثيقة القِيم”، أطلقتها مجموعة من الناشطين ورجال الدين والنواب السابقين من التيار الإسلامي، ووقّعها عدد من المرشحين مع التعهد بالالتزام ببنودها في حال فوزهم بالانتخابات، وأبرزها: “تأييد المشاريع والقوانين الإسلامية” – “رفض المهرجانات وحفلات الرقص المختلطة” – “رفض المسابح والنوادي المختلطة” – “العمل على وقف الابتذال الأخلاقي وعرض الأجساد بما يخدش الحياء على الواقع وفي مواقع التواصل”.

بقدر ما لاقت الوثيقة تأييداً من قسم من التيار الإسلامي والمحافظ، فإنها جوبهت بحملة شرِسة من قبل الطرف الآخر، الذي يضم الليبراليين والمشارب الأخرى، وصولاً إلى حد وصفها بـ”الوثيقة القندهارية”.

إجمالاً، لا تُعتبر الوثيقة حدثاً جديداً، ففي كل انتخابات تبرز وثائق مماثلة، غالبيتها تبقى في الأدراج بعد الانتخابات ولا تتحول إلى قوانين أو تشريعات، لكن ما أثار الضجة هذه المرة هي طبيعة المعركة التي تتطلب استقطاباً حاداً، في ظل حالة عدم اليقين لدى قسم كبير من المرشحين والنواب السابقين.

وتذهب ترجيحات إلى أن الإسلاميين سيكون لهم وزن في المجلس الجديد، لذلك شكلت الوثيقة حرجاً للكثيرين منهم، حتى أولئك الذين لديهم تحفظات على بعض بنودها، فأصبح التوقيع عليها معياراً لتقييم المرشح أمام الكتلة الناخبة، خصوصاً في الدائرتين الرابعة والخامسة، حيث الغالبية للقبائل والتيارات المحافظة.

المرأة

وسط هذه الأجواء، تأمل المرأة الكويتية بالعودة إلى مجلس الأمة، بعدما سجل حضورها مساراً تراجعياً منذ إقرار حقها بالترشح في العام 2006، إذ فازت النساء بـ4 مقاعد في انتخابات 2009، ثم تراجع حضورهن إلى 3 في انتخابات 2012، و2 في انتخابات 2013، وواحدة في انتخابات 2016، وصولاً إلى الانتخابات الأخيرة في 2020 التي لم تفز فيها أي امرأة.

يرى البعض أن فرص المرأة جيدة في الانتخابات المقبلة، لكنها تبقى محدودة، بحيث تصب الترجيحات نحو حصولها على مقعد أو اثنين على الأكثر، وسط آمال بتعزيز موقعها أكثر في الأعوام المقبلة.

إقرأ أيضاً: الكويت: “انتخابات المفاجآت”.. ارتفاع عدد الناخبين والآمال

يعزو كثيرون ضعف الحضور النسائي في مجلس الأمة، إلى غياب ثقة المرأة بالمرأة، إذ إن عدد الناخبات أكبر من عدد الناخبين، فلو صبت أصواتهن لصالح النساء لكان فوز الكثيرات مضموناً.

ويعتبر محللون أن الثقافة الذكورية ما زالت سائدة في المجتمع الكويتي، على غرار غالبية المجتمعات العربية الأخرى، ويرجحون أن يكون هناك دور أكبر للمرأة في المواقع التنفيذية من خلال الوزارات ومجالس الإدارات والهيئات، لأن فرصهن البرلمانية ضعيفة.

مواضيع ذات صلة

الصراع على سوريا -2

ليست عابرة اجتماعات لجنة الاتّصال الوزارية العربية التي عقدت في مدينة العقبة الأردنية في 14 كانون الأوّل بشأن التطوّرات في سوريا، بعد سقوط نظام بشار…

جنبلاط والشّرع: رفيقا سلاح… منذ 100 عام

دمشق في 26 كانون الثاني 2005، كنت مراسلاً لجريدة “البلد” اللبنانية أغطّي حواراً بين وليد جنبلاط وطلّاب الجامعة اليسوعية في بيروت. كان حواراً باللغة الفرنسية،…

ترامب يحيي تاريخ السّلطنة العثمانيّة

تقوم معظم الدول التي تتأثّر مصالحها مع تغييرات السياسة الأميركية بالتعاقد مع شركات اللوبيات التي لها تأثير في واشنطن، لمعرفة نوايا وتوجّهات الإدارة الأميركية الجديدة….

الأردن: 5 أسباب للقلق “السّوريّ”

“الأردن هو التالي”، مقولة سرت في بعض الأوساط، بعد سقوط نظام بشار الأسد وانهيار الحكم البعثيّ في سوريا. فلماذا سرت هذه المقولة؟ وهل من دواعٍ…