ميقاتي يهدّد عويدات: المصارف.. أو “عالبيت”

مدة القراءة 5 د

 

في اجتماع الرؤساء الثلاثة في بعبدا، لم يكن طرح الموفد الأميركي آموس هوكستاين المتعلّق بالحدود البحرية مع إسرائيل وحده حاضراً على الطاولة، بل حضرت أيضاً الأزمة القضائية المصرفية من بابها الواسع. فكان ميقاتي صارماً جدّاً في كلامه مع الرئيس عون قائلاً له: “هل أنت مقتنع فعلاً بأنّ هذه هي الطريقة لحماية أموال المودعين؟ من قال لكَ هذا الأمر فليأتِ لمناقشته. لأنّ هذه الفوضى ستؤدّي إلى انهيار البلاد بما فيها المصارف والأسواق والاستيراد والرواتب وغيرها. ولا أستطيع أن أتعامل مع الموضوع إلا بكونه يمسّ مصلحة لبنان العليا. هذا لن يكون تدخّلاً في القضاء بل محافظةً على المصلحة العامة”.

جرى الاتفاق بين الرؤساء على معالجة الأزمة في جلسة تُعقد في السراي الكبير وليس في بعبدا. وهكذا حصل.

تشير المعلومات إلى أنّ دعوة ميقاتي القضاة الثلاثة، رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، مدّعي عام التمييز غسان عويدات ورئيس التفتيش القضائي بركات سعد، كانت منسّقة مع الجميع… حتّى مع المدعوّين. لكن لم يحضر القضاة الجلسة بعد ليلة حافلة بالاتصالات لمنع حضورهم وإيجاد مخرج آخر للأزمة القضائية المصرفية. وذلك بعد اعتراض واستنكار كبيرين من الجسم الحقوقي، على اعتباره تدخّلاً مباشراً في عمل القضاء، وخرقاً لمبدأ فصل السلطات، الذي أقرّه الدستور.

 

إذعان القضاء.. أو الإقالة

غير أنّ العاصفة التي تلت إعلان ذلك أربكت الجميع. استمرّت الاتصالات حتّى أواخر الليل. ثمّ خرجت التسوية بتكليف وزير العدل هنري خوري التواصل مع الجسم القضائي لضمان حسن سير العمل القضائي. وبكلام آخر: لمعالجة استدعاءات مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون لعدد من أصحاب المصارف.

ميقاتي الذي يتعامل بصرامة مع هذا الملف قال أثناء خروجه من مجلس الوزراء إنّه ليس بصدد الدفاع عن القطاع المصرفي، لكنّه وضع احتمالين لحلّ هذه الأزمة: إمّا أن يقوم الجسم القضائي، وتحديداً عويدات، بسحب الملفّات من القاضية غادة عون، وإمّا الإقالة.

هل يعني هذا الكلام أنّ القضاة مهدّدون في حال عدم سحبهم الملفّات من القاضية عون؟

جاء الجواب مباشراً من ميقاتي الذي ردّ على سؤال أثناء خروجه من المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد الجلسة: ماذا لو لم يستجب القضاة؟: “منشيله على البيت”، هكذا أجاب ميقاتي.

تشير المعلومات إلى أنّ دعوة ميقاتي القضاة الثلاثة، كانت منسّقة مع الجميع… حتّى مع المدعوّين

نحّاس: لا يشبه المرفأ

يقول عضو كتلة ميقاتي النيابية النائب نقولا نحاس لـ”أساس” إنّ موقف ميقاتي مبنيّ على ثلاث مخالفات ارتكبتها القاضية غادة عون، وهي:

أوّلاً: تجاوزت الصلاحية المكانية. فهي مدّعي عام جبل لبنان ولا تستطيع أن تفتح ملفّات لأشخاص بغضّ النظر عن صلاحيّتها المكانية.

ثانياً: المادة 19 من أصول المحاكمات الجزائية تعطي الصلاحيّة القانونية لملاحقة القطاع المصرفي للمدّعي العام المالي.

ثالثاً: الإخلال بالانتظام العام.

يشير نحاس في حديثه إلى “أساس” إلى أنّ “الحكومة لا يمكن أن تتفرّج على هذا الانهيار من دون القيام بأيّ شيء، خصوصاً أن لا قانون بعد لتنظيم الوضع المالي كقانون “الكابيتال كونترول”. هذا لا يشبه قضية التحقيق في جريمة المرفأ لأنّ هذا الملف يمكن أن يؤدّي الى الانهيار العام”.

ويتساءل نحاس: “هل هذه الفوضى في القرارات القضائية تحافظ على أموال المودعين؟”.

 

نحاس لـ”أساس” إنّ موقف ميقاتي مبنيّ على ثلاث مخالفات ارتكبتها القاضية غادة عون

موقف باسيل

رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل غرّد قائلاً إنّ “المنظومة السياسية تهبّ لتدافع عن المنظومة المالية”، رافضاً “التدخّل في الشؤون القضائية”. لكنّ مصادر مقرّبة من بعبدا أشارت لـ”أساس” إلى أنّ “المصلحة الأولى هي لحماية أموال المودعين، ولذلك عدم انهيار القطاع المصرفي أساسي لأنّ انهياره يعني خسارة المودعين لأموالهم”. ولفتت هذه المصادر إلى أنّه “إذا تدخّل مجلس الوزراء لشرح ما قد لا يفقه فيه وإعطاء توجيهات عامة لمصلحة عامة، فهذا لا يعتبر تدخّلاً في القضاء. شرط أن يحصل عبر وزير العدل وليس عبر دعوة القضاة إلى جلسة لمجلس الوزراء”. 

مصادر متابعة تحدّثت عن “غطاء من رئيس الجمهورية للقضاة الثلاثة” تحت عنوان “التزام كلّ قاضٍ بصلاحيّته وعدم التعدّي على ملفّات ليست من اختصاصه”. وتحت هذا العنوان يمكن أن نشهد تبدّلاً في سلوك القاضي عويدات الذي سبق أن حيّد نفسه عن هذا الملفّ.

إقرأ أيضاً: الرّؤساء الثّلاثة والتّرسيم: عودة إلى خريطة برّي

يبدو أنّ الجميع وصل إلى حائط مسدود، وعليه فإنّ مشهد اليوم يشي باحتمال من اثنين:

– إمّا أنّه سبق للجميع أن اتّفقوا على المخرج ويجري إخراجه حالياً بعد جلسة السراي

– أو ثمّة من أراد إحراق المخرج ففجّره في جلسة السراي الحكومي بغياب القضاة، وبالتالي ستذهب الأمور إلى الأسوأ.

الأيام الآتية ستذهب بنا إلى انفراجات أو إلى مواجهات؟

الآتي أعظم.

 

مواضيع ذات صلة

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…

مخالفات على خطّ اليرزة-السّراي

ضمن سياق الظروف الاستثنائية التي تملي على المسؤولين تجاوز بعض الشكليّات القانونية تأخذ رئاسة الحكومة على وزير الدفاع موريس سليم ارتكابه مخالفة جرى التطنيش حكوميّاً…