الاقتراع لإنقاذ مَن يا مولانا؟

2022-03-15

الاقتراع لإنقاذ مَن يا مولانا؟

بدايةً أكتبُ هذا النصّ بصفتي البيروتيّة، مولداً وعيشاً ونفوساً ومصاهرةً واقتراعاً.

وبعد:

ماذا تغيّر يا مولانا؟

سؤالٌ تبادر إلى ذهني وأنا أقرأ عنوان مقالة الدّكتور رضوان السّيّد في “أساس” بعنوان “الإقبال على صناديق الاقتراع للإنقاذ”.

دائماً ما أستمتع بقراءة ما يكتبه مولانا في “أساس” وغيره من المواقع، أو ما يقوله في إطلالاته التلفزيونيّة. ولا أسمَح لنفسي أن أُعلّقَ على كلامه. لكنّ هذه هي المرّة الأولى التي أفعل فيها ذلك، ويغلبُ على ظنّي أنّها الأخيرة.

لا فائدة من مُجابهة الحزب بلائحةٍ تتحالف مع “الإخوان”، الذين عليهم ما عليهم تجاه الدّول العربيّة من السّعوديّة إلى مصر والإمارات. ولا فائدة من لائحة لا تضمّ شخصيّات مُواجِهة

لكن يا مولانا: الاقتراع لإنقاذ مَن؟

لا أنحازُ إطلاقاً إلى رأي الصّديق قاسم يوسف بالمَيْلِ الكامل نحوَ القوّات اللبنانيّة وسمير جعجع. لكن ماذا يمتلك الرّئيس فؤاد السّنيورة من رصيدٍ شعبيّ أو قرارات استثنائيّة ليهبطَ على السّنّة بصورة المُنقذ الذي ستتبدّل على يديه الحالُ إلى الأحسن؟

ألم يكُن هو عينه الذي رافقَ الرّئيس ميقاتي إلى دار الفتوى سنة 2011 بعد تشكيل حكومة القمصان السّود في مُحاولة لإضفاء شرعيّة سُنّيّة على تشكيلة وزاريّة كُتبَت أسماؤها تحت طائلة التّهديد من الحزب المُسلّح؟

اسمَح لي مولانا، وإن أحجَم السّنّة عن المُشاركة في الانتخابات، فلن يكونَ مصيرهم كمصير الموارنة بعد 1992. إذ لن يستقيمَ حكمٌ في لبنان يكون السّنّة خارجَه ولو لـ100 سنة. هذا ليسَ رأياً بل واقع من صلب التّوازنات التي قامَت عليها الدّولة في لبنان.

تُخبرنا تجارب الحُكمِ منذ لحظة اغتيال الرّئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، حتّى لحظة كتابة هذه السّطور، أنّ الحاكم في لبنان هو إيران وحزبها. وتُخبرنا أيضاً هذه التّجارب أنّ شيئاً لن يستقيم ما دام مَن يمتلك السّلاح قابضاً على زناده. فكيف يكون الاقتراعُ مُنقذاً في ظلّ احتلال السّلاح وحزبه للقرار السّياسيّ، وتشكيل الحكومات، وحتّى تعيينات الفئة الرّابعة والخامسة والعاشرة؟

سنة 2005، كان لـ14 آذار أكثريّة نيابيّة ساحقة. كانَ الحزبُ مُحاصَراً، ولو لفترة قصيرة، بعد خروج الجيش السّوريّ وانتفاضة اللبنانيّين في ثورة الأرز. كان الجميع مُعترِضاً يخوض مواجهة سياسيّة مفتوحة، بدعمٍ عربيّ ودوليّ يبدأ في الرّياض ولا ينتهي عند جاك شيراك في باريس، وجورج بوش في واشنطن.

مَن عاشوا فقد شارك معظمهم في مغانم الفساد والإفساد، وأوّلهم أبطال السوق الحرّة وسوكلين والتعهّدات والمجالس. وزاد جوعاً الجوعى ممّن هتفوا في ساحات السيادة والاستقلال، وزاد الأثرياءُ ثراءً ما بعده ثراء

ثمّ ماذا كانت النّتيجة؟

أكثر من 15 اغتيالاً أو مُحاولة اغتيالٍ لم تُبقِ أحداً قرب أحدٍ في تلك الثّورة المطحونة.

ومَن عاشوا فقد شارك معظمهم في مغانم الفساد والإفساد، وأوّلهم أبطال السوق الحرّة وسوكلين والتعهّدات والمجالس. وزاد جوعاً الجوعى ممّن هتفوا في ساحات السيادة والاستقلال، وزاد الأثرياءُ ثراءً ما بعده ثراء.

ألا يجوز يا مولانا أن يُترَك لهؤلاء كلّهم خوض الانتخابات النّيابيّة مُنفردين ليربحوا على أنفسهم، ويُطلقوا الأسهم النّاريّة وزخّات الرّصاص مُبتهجين مساء 15 أيّار المُقبل. وبعدئذٍ لِيحكموا، إن استطاعوا، بقايا دولةٍ لم تستقِم منذ الخروج الفعليّ للسّنّة منها سنة 2011. ليقَع الهيكل على رؤوسهم. عندئذٍ، سيستجدون دخول السّنّة في الحُكمِ لإعادة التّوازن الطبيعي المخطوف بقوّة السّلاح…

لا فائدة من مُجابهة الحزب بلائحةٍ تتحالف مع “الإخوان”، الذين عليهم ما عليهم تجاه الدّول العربيّة من السّعوديّة إلى مصر والإمارات. ولا فائدة من لائحة لا تضمّ شخصيّات مُواجِهة. ولا فائدة من لائحة تضمّ مَن يرى في السُّنّة جمهورَ كرة قدمٍ يحملون الطّبل والمزمار، فضلاً عن أن تضمّ شخصيّاتٍ كثيرٌ منها يُحبّ التسويات ويعشقها، وفي مقدَّمهم راعيها دولة الرّئيس السّنيورة.

لتكُن البداية بالإصرار على ما كتبته مولانا، في 31 آب 2020، مُرشداً جميع السّياديين والمُتمسّكين بالدّستور والتّوازنات والطّائف: “المطلب الإسلامي والوطني والإنساني: رحيل الرئيس أو ترحيله. ونقطة على السطر. ليست هذه عامّيّة غوغاء، لأنّ في بقائه خراباً لا حياة للوطن بعده. وليس المطلب إلغاءً للدولة، بل هو إحياءٌ واعتبارٌ لوثيقة الوفاق الوطني والدستور”.

إقرأ أيضاً: الإقبال على صناديق الاقتراع للإنقاذ!

لا ضرورة لأيّ اقتراعٍ في وجود السّلاح الذي يقلب النّتائج، كما بعد انتخابات 2005 و2009، تحت مُسمّيات حكومات الوحدة الوطنيّة، التي من محاسن الصّدف رئاسة فؤاد السّنيورة اثنتين منها في 2005 و2008. من “محاسن” الصّدف أيضاً أنّ حكومة السّنيورة الثانية (حكومة الدّوحة) كانت أوّل حكومة تسير ببدعة الثّلث المُعطّل للحزب وحلفائه. هذا ولم ننسَ بعد “ثُلاثيّة الجيش والشّعب والمُقاومة” في بيانها الوزاريّ…

إنقاذ مَن يا مولانا؟

ألا ترى أنّها محاولة شخصية لإنقاذ مصالح شخصية؟

مواضيع ذات صلة

نَسخُ غزّة في لبنان: مناورات التّفاوض تمهّد لاحتلال طويل؟

صارت أخبار المجازر في غزّة واقتحامات الجيش الإسرائيلي لمخيّم جنين في الضفّة الغربية في المرتبة الخامسة في الفضائيّات العربية والدولية. تقدّمت أخبار المجازر الإسرائيلية في…

قوّة ردع الحزب لم تردع إسرائيل: هل سنشهد غزواً بريّاً؟

إنّها الحرب من جديد. وكما في كلّ حرب، تتكرّر مشاهد القتل والدمار والنزوح. وتتكرّر معها المآسي. ولا يُدركها سوى من عاشها. “ما بيعرف شو الحكاية…

إسرائيل أمام خطر الحرب الأهليّة

كانت الثقافة الدينية للمتطرّفين اليهود تقوم على أساس وجوب العمل على إقامة دولة يهودية. تطوّرت هذه الثقافة اليوم وأصبح الأساس هو وجوب العمل على منع…

سعد صايل (مارشال القلوب): الوطنية الفلسطينية الصرف

يزدحم التاريخ في حياة مناضل وتزدحم الاحداث في حياة واستشهاد قائد وتبقى الذكرى في قلوب الحكماء والعقلاء للفلسطيني الوطني الصرف الغير القابل لحسابات الأشجار أكانت…