سقوط “الخطوط”: تبادل الحقول وتقاسمها

2022-02-09

سقوط “الخطوط”: تبادل الحقول وتقاسمها

عادَ لبنان إلى التزام “اتفاق إطار” الذي توصّل إليه رئيس مجلس النّوّاب نبيه برّي في خريف 2020 مع الأميركيين، أي منذ عامين.

ويتعاطى لبنان بـ”جدّيّة” مع المقترح الجديد الذي حمله الوسيط الأميركيّ في ملفّ ترسيم الحدود البحريّة بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين، والذي أكّدت المصادر اللبنانيّة والأميركيّة أنّه يلحظُ الثّابتتين اللبنانيّتين: “لا لخطّ هوف” (تقسيم 860 كلم2 بين لبنان بحيث يكون له 60%، وإسرائيل بحيث تحصل على 40%)، و”لا للحقول والحسابات المُشتركة بين لبنان وإسرائيل”.

تؤكّد المصادر أنّ الجانب اللبنانيّ مُتمسّكٌ برفض صيغة “الاستثمارِ المُشترك بين لبنان وإسرائيل” في حال تبيّن وجود حقول مُشتركة بعد ترسيم الحدود البحريّة

أمّا الوفد التّقنيّ من الخُبراء والاستشاريّين المُرافق للمبعوث الأميركيّ فهو “دليلٌ واضحٌ على مدى الجدّيّة التي تتّسمُ بها الزّيارة هذه. إذ إنّ هوكشتاين لا يمتلك ترفَ الوقت لمُتابعة ملف التّرسيم بين لبنان وإسرائيل، ويريد الانتهاء بأسرع وقت ممكن للتّفرّغ للملف الرّوسي – الأوكرانيّ الذي يندرج ضمن مهامه كمبعوثٍ لشؤون الطّاقة، وليسَ لبيروت وتل أبيب فقط”.

هي زيارةٌ مفصليّةٌ في ملفّ ترسيم الحدود تلك التي قامَ بها هوكشتاين لبيروت. فإمّا الاتفاق وإمّا لا اتّفاق. الكرة في ملعب لبنان الذي استبقَ وصول الموفد الأميركيّ بـ”مناورةٍ” تمثّلت بالرّسالة التي بعثتها وزارة الخارجيّة إلى مجلس الأمن الدّوليّ.

لم تتلقّف دوائر واشنطن الرّسالة برحابة صدر،ٍ لكن تعاملت معها باعتبارها “فقّاعة صابون” لا تُقدّم ولا تؤخّر ولا وزن لها بقدر وزن “تعديل المرسوم 6433″، على حدّ وصفِ مصدرٍ مسؤول في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس”.

[VIDEO]

علامَ تقوم خطّة الحلّ؟

تقوم خطّة هوكشتاين على وقف الحديث عن الخطوط البحريّة 1 و23 و29 وحتّى خطّ هوف، والبدء باستخدام لغة جديدة تعتمد البحث في تقاسم كلّ الحقول المُتنازع عليْها، وليس حقليْ “قانا” و”كاريش” فقط، بما في ذلك تبادل حقول نزولاً عند شرط لبنان بعدم وجود أيّ شراكة بين لبنان وإسرائيل في أيّ حقل. وهذا ينطبق على أيّ حقولٍ قد تُكتَشف في المُستقبل. وتُصبِحُ هذه آليّة نموذجيّة تُعتَمد بدلاً من التّرسيم.

وتقوم هذه الخطّة على أساس “اتفاق الإطار” الذي لا يلحظُ أيّ منطقةٍ أو خطٍّ لترسيم الحدود، بل يعتمد القوانين والمواثيق الولية كنقطة انطلاق.

تقاسم قانا وكاريش

بحسب ما علمَ “أساس”، فإنّ طرح الوسيط الأميركيّ يقوم على استبعاد الخطّ 29، وتثبيت حقّ لبنان في منطقة الـ860 كلم2 كاملةً. وبالتّالي فإنّ حقل “كاريش” يكون لإسرائيل بالكامل، وحقل قانا للبنان بالكامل. وبهذا الطّرح، يكون كلٌّ من “خطّ هوف” وخط الـ”29″ صار من الماضي.

تؤكّد المصادر أنّ الجانب اللبنانيّ مُتمسّكٌ برفض صيغة “الاستثمارِ المُشترك بين لبنان وإسرائيل” في حال تبيّن وجود حقول مُشتركة بعد ترسيم الحدود البحريّة. إلّا أنّ الجانب اللبنانيّ أبلغَ الوسيط الأميركيّ الاستعداد لاستئناف التّفاوض غير المُباشر مع إسرائيل في حال ذُلِّلَت النّقاط الخلافيّة التي أدّت إلى تجميد المفاوضات منذ أيّار الماضي.

تصف مصادر القصر الجمهوريّ اللقاء بين الرّئيس ميشال عون والوسيط الأميركيّ بـ”الإيجابيّ” أيضاً. وتقول لـ”أساس” إنّ هوكشتاين أبدى ليونةً وتساهلاً في قضيّة استجرار الغاز الطّبيعيّ والكهرباء من مصرَ والأردن

يدرسُ لبنان الرّسميّ المُقترح الأميركيّ الجديد، وعليه قد تعود طاولة المُفاوضات للانعقاد مُجدّداً في رأس النّاقورة. وقد وصَفت دوائر الخارجيّة الأميركيّة لقاءات هوكشتاين بـ”الإيجابيّة”، لكن أكّدت في الوقت عينه أنّه في حال لم يلمس الوسيط الأميركيّ جدّيّة في إنهاء هذه القضيّة، فعندها قد تنسحب واشنطن من دورها كوسيط، وهذا ليسَ في مصلحة لبنان إطلاقاً.

ماذا في كواليس جولة هوكشتاين؟

أمّا المصادر الرئاسيّة فوصفت لـ”أساس” طرح هوكشتاين بأنّه “عرضٌ إيجابيٌّ”. فقد نقَل هوكشتاين للمسؤولين اللبنانيين جواباً إسرائيليّاً يتضمّن “تمنّياتٍ” بعودة طاولة المُفاوضات في رأس النّاقورة بأسرع وقتٍ مُمكن. إذ إنّ تلّ أبيب باتَت مُستعجلة أكثر من أيّ وقتٍ مضى لترسيم الحدود لحماية حقل “كاريش”، الذي يكون ضمن المنطقة المُتنازع عليها في حال ثبّت لبنان الخطّ 29 للتفاوض.

بعبدا واليرزة

تصف مصادر القصر الجمهوريّ اللقاء بين الرّئيس ميشال عون والوسيط الأميركيّ بـ”الإيجابيّ” أيضاً. وتقول لـ”أساس” إنّ هوكشتاين أبدى ليونةً وتساهلاً في قضيّة استجرار الغاز الطّبيعيّ والكهرباء من مصرَ والأردن، وتقول إنّ طرح هوكشتاين يحتاجُ إلى نقاشٍ داخليّ للخروج بموقف لبنانيّ موحّد.

أمّا مصادر واشنطن فكشفت لـ”أساس” أنّ الرّئيس عون أكّد لهوكشتاين والوفد المُرافق أنّ “لبنان يريد إنجاز ملفّ التّرسيم بأسرع وقت، مع الحفاظ على حقوقه”. وتصفُ المصادر الأميركيّة لقاء بعبدا بـ”الإيجابيّ”، كغيره من اللقاءات.

أمّا في اليرزة، كما في اللقاء السّابق في تشرين الثّاني الماضي، فقد أعاد قائد الجيش العماد جوزيف عون التّأكيد أنّ “المؤسّسة العسكريّة تلتزم ما تُقرّره الإدارة السّياسيّة، ولا تتدخّل بالتّفاصيل السّياسيّة، ودورها تقنيٌّ محض”.

إقرأ أيضاً: رسالة لبنان “الحدوديّة” وقطبتها المخفيّة..

وكانت السّفارة الأميركيّة قد قالت في تغريدة عبر تويتر بعد اللقاء بقائد الجيش: “حيث هناك إرادة هناك وسيلة… إنّ اتفاقاً على الحدود البحريّة يمكنه أن يخلق فرصة تشتدّ الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان. لقاء مثمر اليوم بين كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكشتاين وقائد الجيش جوزيف عون”.

ولـ”تبكيل” الاتفاق، التقى هوكشتاين المدير العامّ للأمن العامّ اللواء عبّاس إبراهيم باعتباره صلة الوصل بحزب الله في هذا الملفّ، وأبلغه تفاصيل العرض الأميركيّ الجديد.

مواضيع ذات صلة

لبنان بالخيار: حرب مفتوحة أم فصل المسارات؟

هو أشبه بفيلم رعب عاشه اللبنانيون منذ يوم الثلاثاء الفائت. في الوقت الذي بدأ الحزب بتحقيقاته الداخلية للوقوف على أسباب الخرق ومن يقف خلفه، تستعدّ…

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…