لماذا أخفى فيصل سنّو خطاب الإفطار؟

مدة القراءة 5 د

أحقّاً أنّ فيصل سنّو ألقى كلمة في الإفطارالرمضاني، الذي دعا إليه يوم الأحد الفائت باسم جمعية المقاصد في أحد مطاعم منطقة الأشرفية؟

هل يستحي من خطابه فأخفاه عن وسائل الإعلام والعامّة، أم يريد أن يتنازل تحت الطاولة، بعيداً عن الأعين والآذان والجهات الخارجية التي التزم ببرامجها، سواء فرنسا القلقة من نفاياتها في الشوارع، أو تونس المنقلبة على أصالتها، أم تراه يكذب علينا جميعاً؟

يعمد فيصل سنّو وفريقه إلى شنّ هجمة مرتدّة بعد الغضب البيروتي والإسلامي الجارف. والمؤسف أنّ بعض الشخصيات السياسية تسانده وتعينه بشكل فاضح وصريح في هجمته المرتدّة على قاعدة أنّها لا تريد أن تسمح لرجال الدين أن يحكموا الساحة البيروتية

مرّت ثلاثة أيام على إفطار فيصل سنّو. بعد البحث والتمحيص والسؤال، ثلاث روايات حول خطابه الذي ألقاه أو يقال أنّه ألقاه في الحفل:

الرواية الأولى: لم يلقِ فيصل كلمة خلال الإفطار، بل تمّ عرض فيلم يتحدّث عمّا يسمّى بالإنجازات التي حقّقها في الجمعية خلال ولايتين. هذه رواية راجت ليلة الإفطار، أي يوم الأحد، لكن لم تنتشر أيّ صورة لفيصل وهو يلقي كلمته، على عكس ما حصل مع مفتي طرابلس السابق الشيخ مالك الشعّار الذي استُحضر بدلاً عن مقاطعة مشايخ وعلماء بيروت، ومع وزير الصحة فراس الأبيض الذي قال في كلمته إنّ “ما حصل في المقاصد أكبر من خطأ. ما حصل خطيئة”، اللذين تناقل الناشطون صوراً لهما وهما يلقيان كلمتهما.

الرواية الثانية: ألقى فيصل كلمة ترحيبية بالحضور، وفقاً لبيان صدر عن الجمعية يوم الثلاثاء الفائت ونُشر على صفحة الجمعية الرسمية، وجاء فيه: “ألقى الدكتور فيصل سنّو كلمة استهلّها بالترحيب بالحضور والتهنئة بحلول شهر رمضان المبارك”.

الرواية الثالثة: خطاب مطبوع حمله أحد أعضاء مجلس الأمناء وقام بتوزيعه على بعض الشخصيات الدينية والسياسية البيروتية، التي لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، على أنّه خطاب فيصل في حفل الإفطار، لكن كتبه وأعدّه العضو نفسه، كما نُقل عنه، وفيه أنّ فيصل يعتذر من المسلمين في بيروت على ما حصل من خطأ، وأنّه عاقب الموظف الإداري الذي يقف خلف هذا الخطأ! إلخ… من هذه الرواية القديمة التي لم تقنع أحداً.

بالعودة إلى السؤال المركزي: إذا افترضنا وفقاً للرواية الثالثة أنّ هذا خطاب فيصل سنّو في الإفطار، فلماذا التعتيم عليه وإبعاده عن الرأي العام المسلم والبيروتي؟ هل خجل عندما أسقط أسماء أمّهات المؤمنين من السيّدة خديجة بنت خويلد إلى السيّدة عائشة بنت أبي بكر، ليخجل حين قرّر أن يعيدهم إلى ما كانوا عليه؟ أم يحاول الالتفاف على الأزمة التي واجهته على طريقة الرسالة الأخيرة التي أرسلها إلى وزارة التربية موحياً بأنّه أعاد اسم خديجة الكبرى فيما وضع بالحقيقة اسم “ليسيه مقاصد” قبل خديجة الكبرى، وهو ما يجعل اسم خديجة يسقط مع الأيام؟

ليست المشكلة في تغيير اسم مدرسة ولا في إلغاء آية في شعار الجمعية، بل المشكلة أنّ فيصل سنّو أهان وكذب على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وأمين الفتوى الشيخ أمين الكردي

هجمة مرتدّة

التقيت يوم السبت الفائت عضواً بارزاً في مجلس أمناء المقاصد، فسألته: ماذا ستفعلون لحلّ هذا الإشكال الكبير؟ فأجابني: “الأمور مع الأيام ستهدأ، وجماعتنا (قصده أهل بيروت) يتكلّمون ولا يفعلون”.

يعمد فيصل سنّو وفريقه إلى شنّ هجمة مرتدّة بعد الغضب البيروتي والإسلامي الجارف. والمؤسف أنّ بعض الشخصيات السياسية تسانده وتعينه بشكل فاضح وصريح في هجمته المرتدّة على قاعدة أنّها لا تريد أن تسمح لرجال الدين أن يحكموا الساحة البيروتية.

الهجمة المرتدّة تستند إلى ثلاثة أمور:

1- الإيحاء عبر الخطاب المزعوم بأنّ فيصل سنّو قد اعتذر عمّا ارتكبه بحيث يباع الاعتذار لمفتي الجمهورية وبعض السياسيين فيما عدم نشره يُعفي فيصل من الالتزام بمضمونه أو تحمّل تبعات إقراره واعترافه بأنّ ما فعله كان خطيئة.

2- مصالحة المفتي دريان عبر اللقاء به على رأس وفد من مجلس الأمناء، مع الإشارة إلى أنّ المفتي دريان رفض حتى تاريخ كتابة هذا المقال استقبال فيصل ووفده. والهدف من هذا اللقاء، إضافة إلى مصالحة المفتي إعلامياً، استبعاد أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي والقفز فوق القرارات الشرعية التي أعلن من خلالها أنّ فيصل سنّو مغتصب لرئاسة جمعية المقاصد.

3- تشويه صورة أمين الفتوى الشيخ أمين الكردي من خلال وصفه بأنّه رجل دين متشدّد متطرّف لا يمكن الإنصات إليه أو السماح له بمدّ نفوذه داخل الساحة البيروتية، على العكس ممّا كانت تروّج له عائلة فيصل سنّو قبل الأزمة الأخيرة من أنّ الشيخ أمين الكردي شيخ متنوّر شابّ يتميّز عن طبقة رجال الدين في المجتمع اللبناني.

رواية فيصل وشقيقه بديع

بعيداً عن خطاب فيصل والهجمة المرتدّة التي يقوم بها، يبقى السؤال: ما هو الحلّ لأزمة المقاصد؟

لا حلّ للأزمة إلا بالانطلاق من خطبة الجمعة في 24/3/2023 لأمين الفتوى ورئيس مجلس إدارة الوقف في بيروت الشيخ أمين الكردي. فالأحكام التي صدرت عنه هي بمنزلة قرارات رسمية ولا يمكن تجاوز أحكام كهذه إلا باستئنافها وفقاً للمنطق والقانون أمام الجهة الصالحة، أي مفتي الجمهورية وأمين الفتوى، وذلك عبر إظهار كلّ الوثائق التي تؤكّد أنّ الخطأ قد أُصلح مع تعهّد خطّيّ مكتوب بعدم العودة إلى مثل هذه الخطوات، وإطلاع دار الفتوى على البرامج التعليمية المعتمدة داخل مدارس المقاصد ومدى مواءمتها للتعاليم والثوابت التي أُسّست عليها المقاصد بعرق الأجداد وصدق العمامات البيض في مدينة بيروت.

إقرأ أيضاً: أمناء المقاصد يخرجون عن عمامة المسلمين

ليست المشكلة في تغيير اسم مدرسة ولا في إلغاء آية في شعار الجمعية فقط، بل الأهم أنّ فيصل سنّو أهان وكذب على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وأمين الفتوى الشيخ أمين الكردي.

على فيصل سنّو أن يعتذر عن تلك الإهانة، وأن يثبت أنّه لم يكذب، وبانتظار ذلك تقرأون قريباً جداً في “أساس” القصّة الكاملة لفيصل مع شقيقه بديع.

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

مواضيع ذات صلة

الحروب ليست حلّاً…  

عالم الحروب اليوم أعمق وأخطر، وقد وصل إلى قلب أوروبا بهجمة روسيا على أوكرانيا عام 2022 التي استمرّت حتى اليوم. وكأنّما كانت إسرائيل تنتظر مسوِّغاً…

“الحزب” يتموضع مسبقاً شمال اللّيطاني؟

يتحضّر “الحزب” لـ”اليوم التالي” للحرب. لا يبدو أنّ بقيّة لبنان قد أعدّ عدّة واضحة لهذا اليوم. يصعب التعويل على ما يصدر عن حكومة تصريف الأعمال…

كيف استفاد نتنياهو من تعظيم قدرات الحزب للانقضاض؟

كلّما زار آموس هوكستين بيروت في الأشهر الماضية، كان المسؤولون اللبنانيون وبعض المتّصلين به من السياسيين يسرّبون بأنّها “الفرصة الأخيرة”. لكنّه ما يلبث أن يعود،…

نتنياهو هزم الجنرالات…

ما حكاية الخلاف الشديد بين بنيامين نتنياهو وجنرالات الجيش والأمن في إسرائيل؟ لماذا يبدو أبطال الحرب أقرب إلى التسويات السياسية مع الفلسطينيين، بل مع حلّ…