“الشورى” يَحسِمُها: ترقيات عقيد – عميد للتنفيذ فوراً (1)

مدة القراءة 5 د

في خطوة هي الأولى من نَوعِها في مسار الترقيات في الأسلاك العسكرية وفي دخول القضاء على خط تعطيل “الإمرة السياسية” للحقّ القانوني بالترقية، أصدر مجلس شورى الدولة بالإجماع حكماً نهائياً في المراجعات المقدّمة من ضبّاط في قوى الأمن الداخلي قضى بترقيتهم من رتبة عقيد إلى عميد، متبنّياً من دون أيّ تعديل التقرير الأوّلي للقاضي المُقرّر في “شورى الدولة” كارل عيراني.
تألّفت الهيئة من رئيس مجلس الشورى القاضي فادي الياس والقاضية رانيا بو زين والقاضي عيراني. وقضى قرارها بـ”إبطال قرار الرفض الضمني للترقية وإعلان حقّ الجهة المُستدعية بالترقية من رتبة عقيد إلى عميد اعتباراً من 1-1-2020 مع كامل الحقوق الناتجة عن ذلك وإحالته أمام الإدارة المختصّة وتسوية وضعها على هذا الأساس”.

ثلاثة أحكام
وفق معلومات “أساس” تقدّم نحو 60 ضابطاً من قوى الأمن على دفعات من دورات 2020 و2021 و2022 بمراجعات أمام “الشورى”، وقد أصدر الأخير ثلاثة أحكام شملت جميع هؤلاء الضبّاط وألزمت الجهة المُستدعى ضدّها، أي الدولة، وهي في هذه الحال وزارة الداخلية وقيادة قوى الأمن الداخلي، بتنفيذ القرار.

وفق معلومات “أساس” تقدّم نحو 60 ضابطاً من قوى الأمن على دفعات من دورات 2020 و2021 و2022 بمراجعات أمام “الشورى”، وقد أصدر الأخير ثلاثة أحكام شملت جميع هؤلاء الضبّاط

قرار “مجلس الشورى”، بصفته أعلى سلطة قضائية (قاضي القضاة)، نَقل ملفّ الترقيات العالقة منذ أكثر من ثلاث سنوات بسبب الخلاف السياسي بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري إلى مكان آخر تماماً. لم يُنصِف القرار فقط الضبّاط الذين تقدّموا بمراجعات، بل كلّ الضبّاط في الأسلاك العسكرية والأمنيّة، وألزم الإدارة المعنيّة بالتنفيذ ومنح هؤلاء حقوقهم البديهية بعد وضعهم على جداول القيد.

ما مدى إلزاميّة هذا القرار؟
استناداً إلى المادّة 93 من نظام مجلس شورى الدولة تُعتبر أحكام المجلس “مُلزِمة للإدارة، وعلى السلطات الإدارية أن تتقيّد بالحالات القانونية كما وصفتها هذه الأحكام. على الشخص المعنوي من القانون العام أن يُنفّذ في مهلة معقولة الأحكام المُبرَمة الصادرة عن مجلس شورى الدولة تحت طائلة المسؤولية. وإذا تأخّر عن التنفيذ من دون سبب، يمكن بناءً على طلب المتضرّر الحكم بإلزامه بدفع غرامة إكراهية يقدّرها مجلس شورى الدولة وتبقى سارية لغاية تنفيذ الحكم. كلّ موظّف يستعمل سلطته أو نفوذه مباشرة أو غير مباشرة ليعيق أو يؤخّر تنفيذ القرار القضائي المذكور في الفقرة السابقة يُغرّم أمام ديوان المحاسبة بما لا يقلّ عن راتب ثلاثة أشهر ولا يزيد عن راتب ستّة أشهر”.
وجاء في حيثيّات القرار أنّ الصلاحية الاستنسابية المُعطاة للإدارة للترقية، كما ورد في قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي، تنتهي عند صدور مرسوم الوَضع على جداول الترقية، بحيث تصبح بعدها مقيّدة، ويُعتَبر عدم صدور الترقيات مخالفاً للقانون وإجراءً تعسّفيّاً، ويَدخل في إطار إقحام الخلافات السياسية ضمن السلطات الدستورية وغير قابل للتعويض على الجهات المُستدعية.
وجاء في حكم الشورى النهائي الذي تبنّى قرار القاضي عيراني: “بما أنّ السلطة الاستنسابية الممنوحة للإدارة بموجب قانون الدفاع وقانون قوى الأمن الداخلي في قضايا الترقية يجب أن تُمارس ضمن حدود الترقية ولا يجوز تحت أيّ ذريعة أن تتحوّل هذه السلطة من استنسابية إلى كيفيّة تُمارَس من دون أسباب واقعية أو قانونية أو ماليّة تبرّرها”.

تفيد معلومات “أساس” بأنّ سبعة عقداء في قوى الأمن الداخلي مُستحقّون للترقية أحيلوا على التقاعد قبل أن يعلّقوا رتبة عميد وقبضوا تعويضاتهم

ولفت القرار إلى أنّ “صدور مرسوم وضع الجِهة المُستدعية على جدول الترقية قد أكسَبها حقّاً بالترقية، بمعنى أنّ سلطة الإدارة الاستنسابية بالترقية أصبحت مقيّدة باعتماد جداول الترقية والترتيب الوارد فيها”.
في هذا السياق تفيد معلومات “أساس” بأنّ سبعة عقداء في قوى الأمن الداخلي مُستحقّون للترقية أحيلوا على التقاعد قبل أن يعلّقوا رتبة عميد وقبضوا تعويضاتهم، الهزيلة أصلاً، على أساس رتبة عقيد، على الرغم من أنّهم وُضعوا على جداول الترقية. وهذا يعتبر من أقسى درجات الظلم التي يتعرّض لها ضابط.
وفق المعلومات، بعد مراسلة “الشورى” الجهة المُستدعى ضدّها (وزارة الداخلية – قيادة قوى الأمن) طلبت ردّ المراجعة شكلاً لعدم القانونية ولانتفاء الخطأ الصادر عن الإدارة المزعوم للضرر، مشيرة في لائحتها الجوابية أنّ المديرية العامة لقوى الأمن وافقت على الترقية، والإدارة المعنيّة قامت بكلّ ما هو مطلوب منها لإصدار مرسوم الترقية، والجهة المستدعية توافرت فيها شروط الترقية.
لكنّ قرار الشورى الذي أشار إلى ردّ المُستدعى ضدّها، أي الدولة، “بأنّه لا يوجد سبب قانوني أو واقعي لعدم توقيع مرسوم الجهة المستدعية”، قال إنّ هذا الأمر يجعل من سلطة المُستدعى ضدّها الاستنسابية “سلطة تحكّمية تَخرج عن إطار مبدأ الشرعية ويكون عملها الرافض لصدور مرسوم الترقية باطلاً بطلاناً لمخالفته القانون ومبدأ الشرعية”.

إقرأ أيضاً: رواتب الفوضى: العسكر يتمرّد!!

يُذكر أنّ وزراء الداخلية والدفاع المتعاقبين وقّعوا جميع مراسيم الترقيات، لكن منذ ثلاث سنوات بقي جزء منها عالقاً عند وزير المال (ضباّط الجيش حصراً من دورة 94). وبدوره رفض رئيس الجمهورية ميشال عون التوقيع على جميع مراسيم الترقية من عقيد إلى عميد في كلّ الأسلاك العسكرية بسبب تمنّع وزير المال عن توقيع مراسيم ضباط دورة 94 وما تلاها.
لذلك يرتّب قرار الشورى مسؤولية مباشرة أيضاً على وزير المال الذي يُصادر توقيع مراسيم ترقية عشرات الضبّاط بحجّة التوازن الطائفي.

 

غداً: من هم المستفيدون من قرار “الشورى” وكيف ينفّذ الحكم؟

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

مواضيع ذات صلة

اختبار اليوم الأوّل: الرّئاسة تضغط!

لم يعد مضمون اتفاق وقف إطلاق النار ببنوده الـ13 و”ألغامه” مُهمّاً بقدر الحاضنة الميدانية – السياسية التي ستواكب تنفيذه منذ دخوله حيّز التطبيق فجر الأربعاء،…

هدنة الـ60 يوماً: الحرب انتهت… لم تنتهِ!

بعد عام ونحو شهرين من حرب إسناد غزة، و66 يوماً من بدء العدوّ الإسرائيلي عدوانه الجوّي على لبنان، واغتياله الأمين العامّ لـ”الحزب” السيّد حسن نصرالله،…

ألغام سياسيّة أمام الجيش في الجنوب!

بعدما أصبح وقف إطلاق النار مسألة ساعات أو أيام، لا بدّ من التوقّف عند العنوان الأوّل الذي سيحضر بقوّة على أجندة “اليوم التالي” في لبنان:…

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…