وليد جنبلاط في خطر؟

مدة القراءة 3 د

الأول من كانون الأول 1982، صوت انفجار كبير يهزّ بيروت. كنّا في حينه طلاباً نستمع إلى الشاعر عصام العبد الله ناظر مدرستنا (ثانوية رمل الظريف)، أو كما كانوا يطلقون عليها (جمهورية رمل الظريف)، يشرح لنا الفرق بين القصيدة العامودية وقصيدة النثر. ما هي إلا دقائق، وصلنا الخبر المخيف. عبوة ناسفة انفجرت بموكب الزعيم وليد جنبلاط عند مروره أمام جامعة هايكازيان في شارع كليمنصو على مسافة بضعة مئات من الأمتار من ثانويتنا.

 

خرجنا غاضبين ثائرين، طلاب ومعلمون متجهين إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت. وما إن وصلنا إليها حتى بدأنا برشق الحجارة غضباً وتحطيم كل ما يقابلنا بالمحيط مطالبين بمعرفة مصير “الزعيم”.

ما هي إلا دقائق، خرج علينا وليد جنبلاط وضمادة الأطباء تزيّن جبينه العريض قائلاً لنا رغم جرحه العميق يطمئن أهلنا في الجبل: “اطمئنوا أيها الشباب، الهدوء الهدوء. سأعود إلى المنزل بعد قليل”.

من المستشفى توجهنا إلى منزل الزعيم في المصيطبة، صارخين مهللين ملوحين بقمصاننا في الطرقات: “علّوا علّوا هالرايات معلمنا بعدو ما مات..”. وقفنا عند باب المنزل منتظرين متجمهرين. تحاصرنا دبابة اللواء الثامن في الجيش اللبناني وأعين الجندي تتوعدنا بالاعتقال والمحاسبة وتطالبنا بالرحيل. ما سكتنا وبقينا صامدين حتى جاءت سيارة نزل منها رفيق درب الزعيم. إنه نبيه برّي بقامته الشابة الممشوقة وعينيه الملونتين. وقف بيننا وتشاء اللحظة أن يضع يده على كتفي قائلاً: “اطمئنوا وليد بك بخير، سيأتي بعد قليل. اطمئنوا إنّ الزعيم الذي يحبه الشباب لا يعرف الموت ولا إلى التهديد يستكين”.

بعد 43 عاماً، يقف وليد جنبلاط على حافة المواجهة والتهديد. كالعادة كما قال لنا النبيه، لا يلين ولا يستكين. يقف صارخاً وحيداً، سوريا واحدة موحدة والدروز أبناء سلطان باشا الأطرش جند العروبة لا مكان في صفوفهم لإسرائيل”.

واجب علينا جميعاً عدم السماح باستفراد وليد جنبلاط بالواجهة. وهو أهل لها واعتاد دوماً عليها عندما يدق النفير

يغرّد وليد جنبلاط وحيد اليوم، هنا مكمن التهديد. يغرّد بمواجهة أوركسترا فيها رئيس أميركي يمارس في العالم التشبيح اسمه دونالد ترامب، ورئيس حكومة إسرائيلية متطرّف مجرم يحلم بطريق داوود وبدولة صهيونية حدودها من الفرات إلى النيل.

لم يكن وليد جتبلاط بحاجة لحماية ودعم في يوم من الأيام كما هو بحاجة اليوم عربياً واسلامياً ولبنانياً بوجه هذا العدو اللئيم.

واجب علينا جميعاً عدم السماح باستفراد وليد جنبلاط بالواجهة. وهو أهل لها واعتاد دوماً عليها عندما يدق النفير.

حدّد جنبلاط في مؤتمره الصحافي أمس خطة المواجهة. زعيم المختارة يتألق في زمن الصراع:

1- دمشق عاصمة سوريا الموحدة وفيها القرار اليوم وغداً وفي كل السنين.

2- الدروز ليسوا حراس حدود. هم جند العروبة وحصنها الحصين، ولن يستجيبوا لدعوة نتنياهو للتخريب.

3- مسؤولية العرب كل العرب مواجهة المخطط الإسرائيلي.

حماية ودعم وليد جنبلاط اليوم مسؤولية قومية عربية. لأن الخطر ليس على وحدة سوريا لليوم فقط. بل على كل العرب وأوطانهم فـ”بلاد العُرب أوطاني” كما يقول النشيد.

 

*نقلاً عن موقع “أيوب نيوز”

مواضيع ذات صلة

عامٌ على “البيجر”: كيف نجا سليم عيّاش؟

ماذا في التحقيقات التي يقوم بها “الحزب” في شأن تفجير أجهزة البيجر”؟ كيف نجا عددٌ من قياديّيه من الاغتيال في الحربِ الأخيرة؟ تفاصيلٌ تُكشفُ للمرّة…

وزير الإعلام في دائرة الاتّهام!

أثار اقتراح قانون الإعلام الموجود على طاولة لجنة الإدارة والعدل جدلاً واسعاً بين الإعلاميّين بسبب الملاحظات التي وضعها وزير الإعلام بول مرقص على الاقتراح، والتي…

يزيدنا غير يزيدكم

يزيدنا غير يزيدكم. يزيدكم تحدّد مواصفاته وفقاً لمراجعكم بالحقد والقتل والدماء. أمّا يزيدنا فيستند إلى سرديّة نعيشها اليوم، سرديّة حزم وعزم وإعادة بناء. يزيدنا ينادي…

هل أطلق عون النّداء الأخير؟

من أمر اليوم وهو قائد للجيش في 1 آب  2024 إلى النداء الأخير وهو رئيس للجمهورية في 31 تمّوز 2025، هو ما أراده بالأمس الرئيس…