ماذا تحملُ قمّة الرياض العربيّة المُصغّرة؟ وما هي تفاصيل الخطّة العربيّة لوقف مخطّط الرّئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكّان غزّة؟
تتّجه الأنظار غداً الجمعة إلى العاصمة السعوديّة الرّياض، حيث سيجتمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن للرّدّ على مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير سكّان غزّة. سبب تأجيل الاجتماع من الخميس إلى الجمعة هو توسيعه، بعدما كان مقرّراً أن يكونَ خماسيّاً بين السعودية والإمارات وقطر ومصر والأردن. وبالتالي أصبحت القمّة تضمّ 8 دول بعد دعوة كلّ قادة مجلس التّعاون.
تتجهّز الدّول المعنيّة لعرض خطّة عربيّة لإعمار قطاع غزّة، تكون بديلة عن مقترح دونالد ترامب. وبعد قمّة الرّياض ستُعرض الخطّة على اجتماع القمّة العربيّة المزمع عقدها في العاصمة المصريّة القاهرة لتصبح ورقةً عربيّةً جامعة.
الورقة العربيّة للإعمار
بحسب معلومات “أساس”، فإنّ الورقة التي تتمّ دراستها تتضمّن الآتي:
– أن يتولّى المجتمَعان العربيّ والدّوليّ إعادة إعمار قطاع غزّة من دون نقل سكّانه إلى خارج حدوده.
– تزويد أهالي غزّة بكلّ ما هو مطلوب لبقائهم داخل القطاع أثناء فترة إعادة الإعمار التي ستراوح بين 4 و6 سنوات حدّاً أدنى، مثل البيوت الجاهزة والمشافي الميدانيّة والمدارس المؤقّتة.
– السّماح لذوي الأمراض المزمنة والمستعصية والجرحى بالخروج من القطاع للعلاجِ وإعادة التأهيل في دولٍ عربيّة، على أن يعودوا بعد انتهاء العلاج إلى غزّة.
– تبحث الدّول حجم المساهمة العربيّة في إعادة الإعمار التي تتجاوز قيمتها 55 مليار دولار. حتّى ساعة كتابة هذا التقرير، كانت المشاورات العربيّة تميل نحوَ المساهمة بـ20 مليار دولار لإعادة الإعمار.
– فتح المجال أمام كلّ الشّركات الأميركيّة وغير الأميركيّة للمشاركة في إعادة الإعمار.
– العمل على تكوين إدارة مدنيّة لإدارة قطاع غزّة بقيادة السّلطة الفلسطينيّة، تُبحثُ لاحقاً إعادة تكوينها، وأن لا يكون لحركة حماس أيّ دورٍ مباشر أو غير مباشر في إدارة القطاع.
يُدرِكُ القادة العرب أنّ الرئيس الأميركي يتعاطى مع ملفّ غزّة من زاوية رجل الأعمال والمطوّر العقاريّ
– تشديد الرّقابة على معبر رفح بين مصر وغزّة بمساعدة عربيّة لضمان عدم تدفّق أو تهريب السّلاح إلى القطاع.
– التشديد على حقّ الشّعب الفلسطينيّ بالبقاء في أرضه وتقرير المصير.
ترامب المطوّر العقاريّ
يُدرِكُ القادة العرب أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب يتعاطى مع ملفّ غزّة من زاوية رجل الأعمال والمطوّر العقاريّ. ولذا فتح المجال للشّركات الأميركيّة للاستفادة من إعادة الإعمار وإدارة البنى التحتيّة قد يغيّر من نظرة ترامب نحوَ غزّة.
في معلومات حصلَ عليها “أساس” من مصدر مسؤول في وزارة الخارجيّة الأميركيّة، أنّ وزير الخارجية ماركو روبيو لم يعارض في لقائه الأخير مع وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مبادئ الخطّة العربيّة. وقال إنّ بلاده ستحكم عليها فورَ حصولها على تفاصيل الخطّة.
بالتّوازي كانت السّعوديّة تعمل دبلوماسيّاً وسياسيّاً لحشد معارضة تهجير قطاع غزّة. استطاعت السّعوديّة أن تستحصلَ من السناتور الجمهوريّ البارز ليندسي غراهام على موقفٍ علنيّ من خطّة ترامب للسيطرة على غزّة. إذ قال غراهام إنّه “لا توجد رغبة تذكر في مجلس الشّيوخ في استيلاء الولايات المتحدة على غزة بأيّ حال، والعرب استيقظوا للبحثِ عن بديل في غزّة”.
جديرٌ بالذّكر أنّ السناتور غراهام يتمتّع بنفوذٍ قويّ في أوساط الجمهوريّين في مجلس الشّيوخ، وحليفٌ قديمٌ للرئيس ترامب، وله تأثيرٌ واسع في السّياسة الخارجيّة والأمن القوميّ. وتبنّيه هذا الموقف يعني ضربة سياسيّة كبيرة لمخطّط التهجير.
اللافتُ في كلام غراهام أنّه جاءَ بعد زيارة قامَ بها لتل أبيب والتقى خلالها رئيسَ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
تتجهّز الدّول المعنيّة لعرض خطّة عربيّة لإعمار قطاع غزّة، تكون بديلة عن مقترح دونالد ترامب
الحراك الأردنيّ
بالتّوازي مع الحراك السّعوديّ في أوساط الحزب الجمهوريّ، كان العاهل الأردنيّ عبدالله الثاني يتحرّك على خطّ الحزبِ الدّيمقراطيّ. هذا ما تجلّى في كلام السناتور الدّيمقراطيّ البارز ريتشارد بلومنثال الذي قال إنّ العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أقنعه بأنّ دولاً عربيّة ستقدّم خطّة تشمل تطبيعاً للعلاقات مع إسرائيل ومنح الفلسطينيين الحقّ في تقرير المصير وترتيبات دفاعية في المنطقة وأمن إسرائيل. وأضاف” “إذا كانت هذه الخطوات جزءاً من خطّة واقعيّة، فقد تغيّر قواعد اللعبة في المنطقة”.
محاصرة اقتراح ترامب
هكذا باتَ العربُ يحاصرون مقترح ترامب تحت قبّة الكونغرس، وهذا ما سيعيقُ أيّ نيّة لديهِ للسّيطرة على غزّة وتهجير سكّانها. وبات من الممكن أيضاً تسويق المبادرة العربيّة على حسابِ أحلام اليمين الدّيني في إسرائيل.
تُعدّ مسألة إدارة غزّة واحدةً من أهمّ النّقاط التي ستسحب الذرائع من نتنياهو. ولذلك يصرّ العربُ على أن يقرّرَ الشعب الفلسطيني مصيره بعيداً عن وجود حماس في إدارة القطاع.
إقرأ أيضاً: الشعب الأردني يكبح ترامب: نرفض تهجير الفلسطينيّين
تسبّب هذه المسألة انقساماً داخل قيادة حماس، إذ يعارض الجناح الإيرانيّ أيّ تخلٍّ عن إدارة القطاع. لكنّ مصادر قياديّة رفيعة في حركة حماس أكّدت لـ”أساس” أنّ الحركة لا تمانع أن تكونَ إدارة غزّة تابعة للسّلطة الفلسطينيّة، إلّا أنّ الحركة تريد ضماناتٍ بعدم الاستغناء عن خدمات أفراد الأجهزة الأمنيّة والعاملين في المؤسّسات في القطاع.
لمتابعة الماتب على X: