واجه الحزب في الشهرين الماضيين تطوّرات خطيرة كانت يمكن أن تؤدّي إلى انهياره وتفكيكه. بدأت هذه التطوّرات بالعدوان الإسرائيلي على قياداته وكوادره، وبالتدمير الذي لحق بمؤسّساته الصحّية والاجتماعية والماليّة، إضافة إلى الضربات الأمنيّة القاسية التي تعرّض لها بتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي واستهداف أمينه العامّ السيّد حسن نصرالله ورئيس المجلس التنفيذي السيّد هاشم صفيّ الدين وغيرهما من القيادات العسكرية والأمنية، وصولاً للسقوط المفاجىء لنظام بشار الأسد وقطع خطوط الإمداد العسكرية والماليّة.
لكن هل أدّت هذه التطوّرات إلى إنهاء الحزب وانكفاء دوره الداخلي والخارجي كما توقّع كثيرون؟ وكيف سيواجه الحزب كلّ هذه التطوّرات الداخلية والخارجية في ظلّ استمرار العدوان الإسرائيلي؟
يؤكّد المسؤولون في الحزب في اللقاءات الخاصّة معهم، وبعيداً عن الإعلام، حجم الضربات القاسية التي تعرّض لها الحزب خلال الشهرين الماضيين، لكنّهم في المقابل يتحدّثون بثقة عن قدرة التنظيم على الصمود والمواجهة والتكيّف مع المتغيّرات الحاصلة في لبنان والمنطقة، بما يجعله قادراً على إعادة تفعيل دوره وموقعه على الرغم من الخسارات الكبيرة التي تعرّض لها.
يسرد المسؤولون في الحزب المعطيات الآتية لتأكيد نجاح الحزب في تجاوز الضربات القاسية وتداعيات سقوط نظام بشار الأسد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1-على صعيد المواجهة مع العدوّ الصهيوني: على الرغم من الضربات القاسية التي تعرّض لها الحزب طوال الحرب، بقي مقاتلوه يواجهون الجيش الإسرائيلي طوال شهرين ومنعوه من احتلال القرى والمدن الجنوبية. ولم يستطع الجيش الإسرائيلي التقدّم داخل بعض المناطق إلّا بعد وقف إطلاق النار، والحزب حالياً يترك أمر مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية للجنة الإشراف الأميركية الفرنسية على قرار وقف إطلاق النار، وللحكومة اللبنانية والجيش اللبناني. وإذا لم تنجح هذه الجهود في وقف العدوان وتحرير الأراضي المحتلّة، فسيكون لكلّ حادث حديث، والمقاومة ستكون جاهزة للمواجهة على الرغم من كلّ شيء.
يتابع الحزب التطوّرات الميدانية والسياسية في سوريا، ولديه شبكة علاقات مع القوى الفاعلة على الأرض
2- بالنسبة للوضع الداخلي للحزب، ومؤسّساته التنظيمية والسياسية والإعلامية والاجتماعية والصحّية والماليّة:
– على الرغم من الضربات القاسية التي تعرّضت لها، عادت كلّ هذه المؤسّسات للعمل بشكل طبيعي. وهي تتولّى الترميم وإحصاء الأضرار والتحضير للإعمار.
– تمّ تعيين مسؤولين جدد في كلّ المواقع، وآخرها تعيين مسؤول إعلامي جديد خلفاً للحاج محمد عفيف، وهو مدير إذاعة النور الدكتور يوسف الزين. وهناك تعيينات أخرى على الطريق.
– عاد المجلس السياسي للتواصل مع مختلف الشخصيات السياسية والأحزاب اللبنانية، وهناك آلاف المهندسين والمتطوّعين الذين يقومون بمتابعة ملفّ الترميم والإعمار.
– وعادت مؤسّسة القرض الحسن للعمل بشكل طبيعي، وكذلك الهيئة الصحّية الإسلامية.
سوريا: الحزب فتح قنوات تواصل
3- حول الوضع في سوريا: يتابع الحزب التطوّرات الميدانية والسياسية في سوريا، ولديه شبكة علاقات مع القوى السورية الفاعلة على الأرض والقوى الإقليمية المؤثّرة في الوضع السوري. وليس الحزب بعيداً عمّا يجري على الأرض، ويسعى إلى فتح صفحة جديدة مع هذه القوى من أجل حماية المقاومة والعمل لدعم استقرار سوريا ومواجهة العدوّ الإسرائيلي. ويبدي الحزب انفتاحه على هذه القوى، وليست لديه أيّ موانع من فتح صفحة جديدة وتجاوز أحداث الماضي. وهو يدرك حجم التحدّيات التي يواجهها النظام الجديد في سوريا داخلياً وخارجياً. وبانتظار وضوح الصورة سيكون مستعدّاً للتعامل مع الواقع الجديد.
إقرأ أيضاً: عن مستقبل الحزب ودوره في المرحلة المقبلة
4- على الصعيد اللبناني الداخلي: يتابع الحزب التحضير لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وعلى الرغم من استمرار دعمه المعلن لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية، إلا أنّه منفتح على كلّ الخيارات الأخرى وينسّق مع الرئيس نبيه برّي وبقيّة الحلفاء. وخطوط التواصل مفتوحة مع معظم القوى السياسية والحزبية والنيابية. كلّ الأنظار متجهة إلى جلسة التاسع من كانون الثاني الجاري لأنها ستكون المعيار لتوزع القوى. والحزب يهمّه إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وقد حسم القرار لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وسيكون مستعدّاً لمرحلة ما بعد الانتخاب وبحث كلّ القضايا الداخلية.
لمتابعة الكاتب على X: