بعد إعلان حركة حماس فشل المفاوضات حول اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، تبدو المنطقة في أسوأ أحوالها. رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يُفشل أيّ مسعى لوقف النار عن سابق إصرار وتصميم بالاستمرار بهذه الحرب حتى تحقيق النصر الذي يريد.
في المقابل، محور المقاومة مأزوم بالخيار بين أمرين: الأوّل يقود باتّجاه الردّ على قدر العدوان، وهذا ما يمكن أن يتطوّر إلى حرب كبرى، والثاني يقود إلى انتظار قاتل حتى الانتخابات الأميركية، وفي هذا الانتظار مجال ليقوم نتنياهو بتصفيات نوعية سبق أن وضعها في لائحة أهدافه. فأيّ خيار سيتّخذه الحزب في لبنان؟ وكيف سيواجه مخطّط نتنياهو بفرض اتّفاق لوقف إطلاق النار في الجنوب شبيه بمحاولة فرضه الحلّ في قطاع غزة؟
الحزب: فشل المفاوضات حرّرنا
مصادر مقرّبة من الحزب قالت لـ”أساس” إنّ إعلان حركة حماس فشل المفاوضات قد حرّر الحزب من حالة الانتظار. فهو سبق أن علّق ردّه بانتظار معرفة مصير المفاوضات. أما وقد فشلت فقرار الردّ أصبح جاهزاً، والهدف تمّ تحديده، والردّ سيكون واضحاً محدوداً وسريعاً لكي لا يكون ذريعة لنتنياهو لإجراء أيّ عملية كبيرة مقابلة في العمق اللبناني.
تتحدّث المصادر نفسها أنّ الردّ جاهز بانتظار التوقيت فقط. يدرك الحزب حساسية الوضع اللبناني، لذلك حرص على اختيار هدفه بدقّة شديدة حرصاً على الداخل اللبناني.
بالانتظار لا تزال التحقيقات في اغتيال القائد فؤاد شكر مستمرّة لمعرفة كيف اخترقت إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي المعلومات التي جمعها الحزب حتى اليوم أنّ العملية حصلت بتعاون وثيق ونوعيّ مع الاستخبارات الأميركية. ونفت مصادر الحزب ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال من معلومات عن تفاصيل اغتيال شكر، مؤكّدة أنّ شبكة الاتصالات الداخلية للحزب عصيّة على الاختراق، وأنّ شكر لم يكن طوال اليوم في المبنى ولم يتلقّ أيّ اتّصال للانتقال بين طوابقه، ولم يكن برفقة زوجته.
مصادر مقرّبة من الحزب قالت لـ”أساس” إنّ إعلان حركة حماس فشل المفاوضات قد حرّر الحزب من حالة الانتظار
في المقابل، يتحضّر الحزب لخطّة الطوارئ في حال مضى نتنياهو في رحلة جنون التصعيد، ووضع خطوات عملية بالتنسيق مع عدد من الأحزاب، وتحديداً في مناطق الإقليم، لاستيعاب أيّ نزوح ممكن، بخاصة أنّ التصعيد سيّد الموقف وما من أحد قادراً على ردع نتنياهو عن استكمال مخطّطاته، أكان في غزة أو في لبنان.
اتّفاق غزّة في لبنان
بالتزامن مع هذا التصعيد، يتصدّى لبنان لتطويق دبلوماسي آخر، بحيث جاءت محاولة التطويق خلال زحمة الموفدين الدوليين إلى لبنان في رسالة تمّ إيصالها بوجهين، القوّة والدبلوماسية، تطبيقِ الـ1701 ووقفِ القتال وإلّا فلا حدود لأيّ تصعيد مقبل.
ولكنْ ما بينَ هذه الرسائل، قالت مصادرُ دبلوماسيةٌ لـ”أساس” إنَّ خلافاً أميركياً فرنسياً نشأ عن طرحٍ قدَّمه الموفدُ الأميركي آموس هوكستين في بيروت يتحدّث فيه عن تغيير في أحد بنودِ التجديد لليونيفيل واستبدال عبارة وقف الأعمال العِدائية بعبارة تخفيضِ التصعيد العسكري.
قالت مصادرُ دبلوماسية لـ”أساس” إنَّ موقفَ باريس يختلف عن موقف واشنطن بحيث تتمسّكُ فرنسا بالتجديد التِّقني لليونيفيل على أن يبقى نصّ الاتفاق من دون أيِّ تعديلٍ فيه.
أمّا فرنسا حاملة القلمِ في مجلس الأمن في إقرارِ القرار 1701 حول لبنان، فأبلغت الرئيسين بري وميقاتي عبر وزيرِ خارجيّتِها استيفان سيجورنيه وسفيرها في لبنان هيرفي ماغرو بأنّها متمسّكة بالتجديد التِّقني من دون أيّ تغيير، ولم توافق على مطلبِ واشنطن الذي يعكس مطلب نتنياهو في التعديل.
الردّ سيكون واضحاً محدوداً وسريعاً لكي لا يكون ذريعة لنتنياهو لإجراء أيّ عملية كبيرة مقابلة في العمق اللبناني
من جهته لبنان حاضر في مجلس الأمن للتصدّي لأيّ تعديل، وسط معلومات ترجّح أن لا يتمّ التعديل من واشنطن وتل أبيب بسبب معارضة لبنان الجدّية بدعم فرنسي ومع ضيق الوقت بانتظار التاسع والعشرين من آب.
في هذا التعديل فخّ واضح يعطي نتنياهو منفذاً للقيام بأيّ عمليات أمنيّة متى رأى ذلك مناسباً. مصادر دبلوماسية تحدّثت عن محاولة يقوم بها نتنياهو لفرض شروط غزة على لبنان من باب تلازم المصير ما دام الحزب مصرّاً على تلازم الحرب بين الجبهتين.
إقرأ أيضاً: الحركة أبلغت “المحور” فشل المفاوضات: الكلمة للميدان
لا وضوح لنهاية النفق الذي دخله لبنان حتى اليوم، سيما أنّ نتنياهو مستمرّ بحربه في غزة إلى حين القضاء على “القضية الفلسطينية” ومنع الاعتراف بدولة فلسطين لأنّ في ذلك إعلاناً لانتصار حماس في أنّها أعادت القضيّة إلى الاعتراف العالمي.
لمتابعة الكاتب على X: