يوم الجمعة أنهى الديمقراطيون تصويتهم. حصلت كامالا هاريس على غالبية الأصوات بحسب ما أعلنت اللجنة الوطنيّة للحزب. لم يكن لديها منافس. وسينعقد المؤتمر الحزبيّ في النصف الثاني من الجاري ويعلن ترشيحها رسميّاً.
منذ إعلان جو بايدن انسحابه من السباق الرئاسيّ ودعمه ترشيح كامالا هاريس انطلقت هذه الأخيرة بقوّة في حملتها الانتخابيّة. في الأيّام الأولى قلّصت الفارق في استطلاعات الرأي الذي كان قد وصل إلى 7 نقاط لمصلحة المنافس الجمهوريّ. ومنذ أيام بدأت تشير الاستطلاعات إلى تقدّمها على ترامب بنقطة أو نقطتين. يبدو أنّ لدى المرشّحة الديمقراطية نقاط قوّة سياسيّة وأخرى شخصيّة.
نقاط القوّة السّياسيّة
1- الدعم الكبير داخل الحزب الديمقراطي. فبعد ساعات على إعلان بايدن انسحابه توالت بيانات تأييد الديمقراطيين لهاريس. بدأها صقور الحزب. تبعها تأييد المرشّحين المحتملين ومندوبي الحزب في الولايات الخمسين.
2- دعم المانحين الكبير لها. فقد جمعت حملتها 310 ملايين دولار خلال شهر تموز، بينما جمعت حملة ترامب 138.7 مليون دولار. يعوّل المرشّحون على هذه الأرقام وتبرزها وسائل الإعلام لأنّها تشير إلى الدعم الشعبيّ، كما تقول أوساط أميركيّة متابعة للانتخابات.
3- دعم كبرى المؤسّسات الإعلاميّة التقليديّة للديمقراطيين مثل “سي. إن. إن” و”نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست”. كما تدعمهم كبرى المؤسّسات على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعيّ وفي مقدّمها غوغل وميتا. منذ أيام انتقد الجمهوريون تغييب غوغل لمحاولة اغتيال دونالد ترامب عن موقعه. ومعروف أنّ بين ترامب ومارك زوكربرغ صراعاً قديماً.
أيّ وسائل إعلاميّة تدعم الجمهوريين؟ “نصف شبكة فوكس نيوز، والعديد من الراديوهات، ومنصّة إكس وصاحبها إيلون ماسك”، تجيب مصادر جمهوريّة.
4- تأييد الغالبيّة الساحقة من نجوم هوليوود للمرشّحة الديمقراطيّة. من المعروف تاريخياً أنّ “هوليوود ديمقراطيّة”، تقول مصادر أميركيّة. نجومها يدعمون المرشّح الديمقراطيّ. وهم من كبار المانحين لحملتهم الانتخابيّة. “الصهر” جورج كلوني، وروبرت دي نيرو، وتوم هانكس، وجوليا روبرتس، وبراد بيت وغيرهم، كلّهم أعلنوا تأييدهم لهاريس.
احتمال حصول هاريس على تصويت الأميركيين ذوي الأصول العربيّة والإسلاميّة بسبب موقفها من حرب غزّة
5- احتمال حصول هاريس على تصويت الأميركيين ذوي الأصول العربيّة والإسلاميّة بسبب موقفها من حرب غزّة. وأكّدت موقفها في لقائها مع نتنياهو، كما أنّها لم ترأس جلسة إلقاء خطابه في الكونغرس. بحسب تقرير أعدّه موقع تلفزيون “الحرّة” الأميركيّ، يبلغ عدد الناخبين الأميركيين من أصول عربيّة حوالي مليونَي ناخب. وهم موجودون بشكل أساسي في ولايات: بنسلفانيا، وجورجيا، وأريزونا، وميتشيغان وويسكونسن، وهو ما من شأنه أن يعطي أرجحيّة لكامالا هاريس فيها.
نقاط القوّة الشّخصيّة
إضافة إلى نقاط القوّة السياسيّة، هناك عوامل شخصيّة لدى المرشّحة الديمقراطيّة تتفوّق فيها على منافسها الجمهوريّ:
1- العامل الجندري. من المتوقّع أن تحصل هاريس على تأييد كبير من النساء الأميركيات اللواتي يشكّلن 51% من الناخبين. في انتخابات 2020 صوّتت 56% من النساء لجو بايدن مقابل 43% منهنّ صوّتن لدونالد ترامب. من المتوقّع أن تزيد هذه النسبة في الانتخابات المقبلة، خاصّة بعد الاتّهامات التي وُجّهت إلى ترامب بالتحرّش والعلاقة مع ممثّلة الأفلام الإباحيّة. كلام جي دي فانس عن “العاقرات” زاد من استياء النساء. فهو انتقد “مجموعة من “نساء القطط” اللواتي يكنّ بلا أطفال يشعرن بالتعاسة في حياتهنّ الخاصّة…”. وانتقد الحزب الديمقراطيّ “الذي يسيطر عليه أشخاص ليس لديهم أطفال” (ويقصد كامالا هاريس). كلام استفزّ النساء. فكتبت الممثّلة جنيفر أنستون على إكس: “فانس، أصلّي أن تكون ابنتك محظوظة بما يكفي لإنجاب أطفال يوماً ما”. مصادر في الجمهوريين تُدرج كلام فانس في إطار تشديده على أهمّية العائلة وأهميّة أن يكون المرشّح أباً أو أمّاً!
2- تأييد كامالا هاريس للإجهاض، وهو إحدى القضايا الأساسيّة في الحملة الانتخابيّة، يساهم في تأييد النساء لها. فهنّ يعتبرن المسألة تتعلّق بحرّيتهنّ بأجسادهنّ.
يوم الجمعة أنهى الديمقراطيون تصويتهم. حصلت كامالا هاريس على غالبية الأصوات بحسب ما أعلنت اللجنة الوطنيّة للحزب
3- أصول هاريس الآسيويّة – الإفريقيّة. فهي من أمّ هنديّة وأب جَامايكيّ. هذا ما يجعلها مؤهّلة لاستقطاب السود والأقلّيات الأخرى في المجتمع الأميركيّ، خاصّة أنّ لترامب خطاباً قوميّاً منفّراً لهؤلاء. كلام ترامب الأخير عن لون هاريس ربّما يزيد من تأييد السود لها، على عكس ما أراد الإشارة إليه من أنّها لم تكن تذكر أصولها الإفريقيّة ولونها الأسود، كما تقول مصادر جمهوريّة.
نقاط ضعف هاريس
في المقابل لدى كامالا هاريس العديد من نقاط الضعف. ربّما ستبرز أكثر فأكثر مع بدء إطلالاتها الإعلاميّة المباشرة ومؤتمراتها الصحافيّة، وخاصّة في المناظرات التلفزيونيّة المرتقبة. ما هي هذه النقاط؟
1- التأخّر في بدء حملتها الانتخابيّة بضعة أشهر عن منافسها الجمهوريّ. ليست المسؤولة عن هذا التأخير. ولكنّها تتحمّل نتائجه.
2- إنّها شريكة جو بايدن في ولايته الرئاسيّة وفي السياسات التي اعتمدها والتي يصوّب عليها ترامب في حملته، وأبرزها التراجع الاقتصادي والتضخّم والحرب في أوكرانيا…
3- إخفاقها في ملفّ الهجرة غير الشرعيّة الذي أوكل إليها وعدم جدّيتها في التعامل معه. فهي لم تزُر الحدود مع المكسيك!
4- طريقة حصولها على منصب مدّعي عام ولاية كاليفورنيا التي يمكن أن تشكّل فضيحة أخلاقيّة إذا ما أثارتها حملة ترامب.
إقرأ أيضاً: هل تكون هاريس أوّل سيّدة للبيت الأبيض؟
5- تراجع دعم اليهود لها بسبب مواقفها من حرب غزّة. ربّما لهذا السبب من المحتمل أن تختار اليهوديّ جوش شابيرو لمنصب نائب الرئيس، إضافة إلى أنّه حاكم ولاية بنسلفانيا، إحدى الولايات الخمس التي تُعرف بـ “ولايات الصدأ”، وبإمكانه منافسة المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس فيها.
نقاط القوّة والضعف هذه لا تعني أنّ المعركة محسومة لكامالا هاريس أو لمنافسها دونالد ترامب. الحملات الانتخابيّة جارية وحامية. حتماً ستتخلّلها مفاجآت، أبرزها “مفاجأة أكتوبر” (October surprise) المعروفة في الانتخابات الأميركيّة التي ستتزامن هذه السنة مع الذكرى الأولى لهجوم “7 أكتوبر”.
لمتابعة الكاتب على X: