أعدّ دبلوماسيون غربيون في بيروت تقويماً للتطوّرات، التي شهدها لبنان والمنطقة منذ معركة طوفان الأقصى والحرب على قطاع غزة وتداعياتها على مختلف الجبهات، توصّلوا فيه إلى عدّة خلاصات جديدة حول الصراع العربي – الإسرائيلي سيكون لها تأثير على طبيعة المواجهة في المرحلة المقبلة.
أشار هؤلاء الدبلوماسيون في تقويمهم الأوّلي إلى أنّنا اليوم أمام إسرائيل جديدة في الحرب والسياسة والمجتمع ولا أحد يستطيع تحديد السياسات الإسرائيلية المقبلة التي قد تطيح بكلّ الحسابات الدبلوماسية والعسكرية. وفي المقابل نحن أمام عقلانية وبراغماتية كبيرة في أداء الحزب والمحور الذي تديره وتشرف عليه طهران على الرغم من الانخراط الواسع في المعركة.
طرح هؤلاء الدبلوماسيون أسئلة عديدة أمام محاوريهم حول مستقبل الحرب والعلاقات بين الحزب وحركة حماس ودور الجماعات الإسلامية ومستقبل مشاريع التطبيع وآفاق الوضع اللبناني في المرحلة المقبلة، وانعكاس كلّ هذه التطوّرات على البيئة الشيعية ومدى قدرتها على الصمود والتحمّل في حال تطوّرت الحرب أكثر وأكثر.
فماذا في جعبة هؤلاء الدبلوماسيين الغربيين من استنتاجات واحتمالات حول المرحلة المقبلة؟
إنّنا اليوم أمام إسرائيل جديدة في الحرب والسياسة والمجتمع ولا أحد يستطيع تحديد السياسات الإسرائيلية المقبلة التي قد تطيح بكلّ الحسابات الدبلوماسية والعسكرية
في اللقاءات التي يجريها هؤلاء الدبلوماسيون الغربيون مع شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية يقدّمون الخلاصات التالية:
– أوّلاً: حملت هذه الحرب منذ انطلاقتها مفاجآت عديدة، سواء بالعملية الضخمة التي أطلقتها حركة حماس في معركة طوفان الأقصى أو بالردّ الإسرائيلي المستمرّ إلى اليوم والذي يخالف كلّ أشكال الحروب التي خاضتها إسرائيل طوال 76 سنة.
– ثانياً: على الرغم من كلّ المخاوف الغربية من تحوّل المعركة إلى حرب شاملة على كلّ الجبهات فإنّ أداء الحزب وقوى المقاومة الحليفة لطهران كان براغماتياً وعملانياً بحيث فاجأ الجميع لأنّه أدار معركة استنزاف طوال ثمانية أشهر من دون السماح حتى الآن بتحوّلها إلى حرب كبرى على الرغم من العدد الكبير من الشهداء والتدمير الحاصل على ضفّتي الجبهة اللبنانية – الإسرائيلية.
– ثالثاً: لا تملك أيّ من القوى الدولية والإقليمية معطيات حاسمة حول آفاق المعركة والمدى الذي ستطول إليه لأنّ ذلك مرتبط بالتطوّرات الميدانية والقرار الأميركي- الإسرائيلي، ولذا ينبغي التكيّف والاستعداد لكلّ الاحتمالات.
لا بدّ من دراسة قدرة الحزب على حماية بيئته الداخلية والصمود ومواجهة الضغوط اللبنانية وماذا يحضّر للمرحلة المقبلة
– رابعاً: نحن أمام إدارة إسرائيلية جديدة ومجتمع إسرائيلي يتّصف بأعلى درجات التطرّف والوحشية، ولذلك قد يذهب الإسرائيليون إلى أقصى درجات التشدّد، وسيؤدّي هذا إلى تصاعد المعركة وسيقضي على كلّ الحلول السياسية والدبلوماسية.
– خامساً: في مقابل التطرّف الإسرائيلي نحن أمام شعب فلسطيني مقاوم قدّم نموذجاً فريداً من الصمود والتضحية، وهو ما أعاد القضية الفلسطينية إلى أولويّات الهموم العالمية وقد تكون له تداعيات مستقبلية على إسرائيل ودورها وموقعها.
– سادساً: على الصعيد اللبناني ليست هناك حلول آنيّة، والقرار يعود للّبنانيين لأنّ القوى الدولية والإقليمية لا تملك أدوات وقدرة على التأثير الداخلي، وإذا لم يتّجه اللبنانيون إلى الحوار والتفاهم فالأزمة مستمرّة إلى وقت طويل.
– سابعاً: من المهمّ مراقبة تداعيات الحرب على المجتمعات العربية والإسلامية ومدى تفاعلها مع التطوّرات الفلسطينية، إذ ينشأ خوفٌ من عودة الجماعات الإسلامية للتحرّك مجدّداً في ظلّ استمرار الوحشية الإسرائيلية والعجز الدولي عن تقديم الحلول.
إقرأ أيضاً: “اليوم التّالي” بعد لودريان: Catch-22!
– ثامناً: لا بدّ من دراسة قدرة الحزب على حماية بيئته الداخلية والصمود ومواجهة الضغوط اللبنانية وماذا يحضّر للمرحلة المقبلة، لأنّ الحزب لا يفصح عمّا لديه بشكل واسع ويخفي استراتيجيته المستقبلية.
هذه بعض الخلاصات والاستنتاجات التي قدّمها بعض الدبلوماسيين الغربيين في بيروت لمن يلتقيهم ويحاورهم، بحيث خرج المحاور أكثر حيرة لا يمتلك الإجابات الواضحة والحاسمة حول آفاق المرحلة المقبل.