“بأيار بتغنّي البلابل ع الأشجار”… مثل شعبي ومثله أمثال عدّة، تربط بين شمس أيار وبين عودة الحياة الطبيعية للكائنات الحيّة. غير أنّ أيار هذا العام لا يقتصر انفراجه على البلابل، إذ يعوّل اللبناني على هذا الشهر لمعاودة حياته الطبيعية بعدما لزم قرابة الشهر والنصف في الحجر المنزلي. وذلك بعد تصريح وزير الصحّة حمد حسن المبشّر لـ”الميادين” والذي قال فيه إنّ العاشر من أيار هو التاريخ الأكثر دقة لاتخاذ القرار الأوضح بشأن إنهاء التعبئة العامة أو تمديدها مع تراجع أرقام الإصابات مقابل ارتفاع أعدد الفحوصات.
تفاؤل الوزير حمد قوبل بتحذير مدير عام مستشفى الحريري فراس الأبيض، والذي أشار عبر حسابه الخاص على تطبيق “تويتر” إلى أنّ “العودة الآمنة إلى العمل تتطلّب تخطيطًا دقيقًا من قبل السلطات. كما يتطلّب سلوكًا مسؤولًا فرديًا وجماعيًا”.
إقرأ أيضاً: النداء الأخير: إعلان حالة الطوارئ أو سيناريو إيطاليا..
“الناس لا يمكن أن تتعايش مع إقفال كامل، ولكلّ دولة حساباتها استناداً للفحوصات والترصّد والحالات المسجّلة وإمكانياتها الصحيّة”، يقول وزير الصحة السابق الدكتور محمد جواد خليفة لـ”أساس”، موضحاً أنّ “العودة إلى الحياة الطبيعية يجب أن تكون بشكل متدحرج تدريجي مع تقييم دقيق لكلّ المراحل، فالحذر واجب”.
وفيما يدعو الدكتور خليفة لمراقبة تجارب الدول الأوروبية والإسكندنافية في فتح البلد بشكل تدريجي والتعلّم من نتائجها، يلفت إلى أنّه “بعد التعرّف على المرض، تبيّنت نوعية هذا الفيروس في الشرق الأوسط. ففي هذه المنطقة (لبنان وسوريا والأردن..) لم تسجّل أعداد وفيات مرتفعة كأوروبا وأميركا، وتبيّن أنّ الموضوع مختلف. وهنا علينا أن نراقب وأن نبقى في حال تأهب وترصّد وبائي. وأيّ انفراج مقبل للأمور يجب أن يكون بشكل تدريجي ومع تقرير يومي”.
“حتى وإن رفع الحجر فإنّ نمط الحياة في المرحلة المقبلة يجب أن يكون مختلفاً، وأن يحافظ الإنسان على معايير عدم التمازج في أماكن الازدحام، عادات النظافة والكلام والسلام”، يجيب الدكتور خليفة عند سؤاله عن السلوك الفردي الذي يجب اتباعه بعد إنهاء التعبئة، موضحاً أنّ “ما بعد الكورونا ليس كما قبلها، لذا لا بدّ من الحفاظ على هذا المعايير وعلى أساليب الوقاية، فهذا هو التحدّي الحقيقي الذي نحن أمامه عند السماح للناس بالعودة التدريجية”.
يتوقف الدكتور خليفة عند الرهان على فصل الصيف، وارتفاع درجة الحرارة في شهر أيار “الفيروس في منطقة الشرق الأوسط تصرّف بطريقة مختلفة عن سائر دول العالم، وهذا محطّ دراسات. فهناك من يقول إنّ هناك مناعة مكتسبة، وهناك من يقول إنّ الفيروس كان أقلّ عنفاً. ولكن بطبيعة الحال إذا رفعت التعبئة، هناك رهان كبير على فصل الصيف كي ينخفض نشاط الفيروس وحيويته وتقلّ أعداد الإصابات. ولكن هذا لا يعني إهمال معايير الوقاية التي طبّقت في مرحلة انتشار المرض”.
الرئيس السابق للجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الدكتور زاهي الحلو، أكّد بدوره لـ”أساس” أنّ الحياة لن تعود على الفور وبشكل سريع إلى طبيعتها في لبنان إذ “علينا انتظار كيف ستتطوّر الأمور حتى نصف أيار وما هي الحالات المسجّلة. وفي حينها إذا اتخذ قرار بالعودة وإنهاء التعبئة، فإنّ هذا الأمر يجب أن يتمّ بشكل تدريجي ومع مراقبة يومية والحفاظ على المسافة الاجتماعية وإجراءات الوقاية، فالعودة السريعة قد تؤدّي إلى نتائج عكسية”.
بات واضحاً أنّ أيّار سيشهد انفراجات على مستوى العالم كلّه، وأنّ أياماً قليلة تفصلنا عن العودة التدريجية إلى حياتنا، مع بعض الإجراءات الوقائية
وفيما يعتبر الدكتور الحلو أنّه من المبكر الحديث عن فتح المدارس والجامعات، أو السماح بالتجمعات في أماكن العبادة يوضح أنّ “العودة التدريجية يجب أن تتزامن مع استمرار ضبط حركة المعابر الجوية والبرية والبحرية”.
بات واضحاً أنّ أيّار سيشهد انفراجات على مستوى العالم كلّه، وأنّ أياماً قليلة تفصلنا عن العودة التدريجية إلى حياتنا، مع بعض الإجراءات الوقائية. فأرقام وزارة الصحة سجّلت 4 إصابات جديدة فقط الإثنين، وإصابة واحدة الأحد، و4 إصابات السبت، رغم ارتفاع عدد الفحوصات اليومية.
وكانت ألمانيا سمحت بإعادة فتح المتاجر التي لا تزيد مساحتها عن 800 متر مربع، والنرويج أعلنت أنّ “الفيروس أصبح تحت السيطرة”، وأعادت دور الحضانة فتح أبوابها أمس، وفي مرحلة ثانية تبدأ في 27 نيسان، سيُعاد فتح المدارس والجامعات. فيما أعلنت الصين أنّها ستفتح مدارس مقاطعة هوباي، بؤرة تفشي الفيروس، في 6 أيّار، بعد أربعة أشهر من الإقفال. وأعلنت فرنسا وإسبانيا وإيطاليا تراجع أعداد الإصابات الجديدة للمرّة الأولى.
يبدو أنّنا نشهد الأيام الأخيرة للسجن المنزلي.