معركة الهيبة مستمرة.. من هو جَبَل ومن نمر السعيد؟

2020-12-11

معركة الهيبة مستمرة.. من هو جَبَل ومن نمر السعيد؟


اختتم أمس الجمعة مسلسل “الهيبة” في جزئه الرابع على شاشة الـMTV بكامل أحداثه وشخصياته التي تابعها اللبنانيون طوال ثلاثين حلقة فكان الملجأ الوحيد لهم في جلساتهم المسائية وتحديداً خلال الاقفال العام ومنع التجول.

وإن كان مسلسل “الهيبة” التلفزيوني قد انتهى فإنّ مسلسل “الهيبة” الواقعي الذي يعيشه اللبنانيون لا تباشير لقرب نهايته بالمدى المنظور.

تفاصيلنا اليوم سياسية كانت أم اجتماعية تشبه تفاصيل مسلسل “الهيبة” حتى قد يتساءل البعض ما إن كان المسلسل يحكي قصتنا أم أننا نحن قد استنسخنا واقعنا من هذا المسلسل. ما يحصل في لبنان من ملف “التدقيق الجنائي” إلى الاشتباكات بالملفات القضائية وصولاً الى أزمة تشكيل الحكومة أشبه بالمواجهة بين جبل شيخ الجبل (تيم حسن) ونمر السعيد (عادل كرم)، الشخصان يعملان بالممنوع إلا أنّ الأول يقدمه المخرج على أنّ الممنوع الذي يعمل فيه هو ممنوع حميد أو يمكن القول اقتضاباً ممنوع شريف (تجارة السلاح). أما الثاني فالممنوع الذي يعمل به  غير حميد وغير شريف (تجارة المخدرات)، هي المفاضلة بين مرتكبين أمام القانون والشرائع كي لا نقول بين مجرمين. ويتواصل هذا الاستنساخ بيننا وبين المسلسل لجهة غياب الدولة وحضور الدويلة في داخلها التي تفرض الأمن وتحاسب وتقيم الحواجز عند المداخل. ويختصرها تيم حسن بالقول للعقيد في الشرطة “لديكم قانونكم ولدي قانوني”، فكل المعارك التي شهدها المسلسل كانت الدولة فيها غائبة عن الصورة حتى ولو بشكل هزيل يحفظ ماء الوجه فلم نرَ سيارة شرطة ولا قوة مداهمة ولا مخفر يتحرك، تماماً كما يحصل لدينا حيث يتناتش السياسيون كل شيء في غياب واضح للدولة ومفاهيمها حيث تتقدم الدويلة التي باتت هي الصانعة للقرار.

إن كان مسلسل “الهيبة” التلفزيوني قد انتهى فإنّ مسلسل “الهيبة” الواقعي الذي يعيشه اللبنانيون لا تباشير لقرب نهايته بالمدى المنظور

هناك في السلطة الظاهر منها والكامن من يدّعي العفة والقيم والاخلاق والشرف رغم ارتكاباته وتجاوزاته وتجاهله للقانون أمام القانون والشرائع وكأنه يتشبه بجبل شيخ الجبل ويقف خلفه شقيقه صخر وابن عمه شاهين وعلي نجل الحارس الأمين وما أكثر النماذج التي  تشبههم عندنا من السياسيين. وهناك من يبرّر أعماله وارتكاباته بحقه المكتسب بالانتقام والثأر مما حصل له في الماضي عبر العهود كلها، إنه يشابه نمر (عادل كرم) الذي قتل آل السعيد والده قبل عشرات السنين. فإذا بالحقد داخله يتحوّل الى مرض نفسي مؤذٍ للجميع حتى لنفسه ولرجاله المساكين فيكابر ويناطح ويفسد وتتقدم مصالحه على مصالح الوطن والمواطنين.

إقرأ أيضاً: سجناء بعبدا هربوا: متى يأتي دورنا في السجن الكبير؟

إنها معركة “الهيبة” التي انتهت في المسلسل لكنها مستمرة على أرض الواقع وعلى شاشة التلفزيون بفارقين وحيدين الأول أن حلقات الواقع سيتابعها اللبنانيون على كافة الشاشات وليس على شاشة واحدة سيتابعونها في “صار الوقت” على الـMTV و”هلق لوين” على الجديد ونهاركم سعيد على الـLBC أما الفارق الثاني في مسلسل “الهيبة” أنّ نمر السعيد قتله جبل أما في الواقع لا منتصر ولا مهزوم فنمر السعيد عندنا سيبقى حياً ويتمدد.

لا بل أكثر من ذلك فنمر السعيد وجبل في واقعنا اللبناني بعد أن يقتلا من الناس الكثير، سيجلسان على طاولة المقهى في ساحة الهيبة أو في وسط الحمرا، أو في ساحة ساسين في الأشرفية أو في “لوبي” أحد الفنادق الفخمة كي يتناولا سوياً القهوة، ويتبادلان الأحاديث وسيسمع الجميع ضحكاتهما ففي هيبتنا لا يموت أيّ ممثل رئيسي بل فقط يموت الغبي والفقير.

مواضيع ذات صلة

عجز القوّة: انتصارات روما وهولاكو لم تعد موجودة

نحن نعيش “عجز القوّة” المفرطة النظامية أو “القوّة البدائية” المقاومة في تحقيق الهدف النهائي لأيّ عمل عسكري. كلّ عمل عسكري، كما قال المحلّل الاستراتيجي العريق…

مكاسب نتنياهو على حساب مصداقيّة واشنطن

كلّ أساليب الدبلوماسية الخلّاقة لا تستطيع أن تخفي حقيقة أنّ الجهود الدبلوماسية الأميركية لاحتواء النزاع في الشرق الأوسط منذ عملية “طوفان الأقصى” فشلت حتى الآن…

“إخوان” الكويت.. زمن تقليم الأظافر

لو عدنا بالتاريخ 5 أشهر فقط إلى الوراء، لكان المشهد كالتالي في الكويت: جماعة “الحركة الدستورية الإسلامية” (حدس)، وهي الفرع الكويتي لجماعة “الإخوان المسلمين”، مُمثّلة…

عمليّة “البيجر” و”اللاسلكي”.. أميركا نصحت وإسرائيل نفّذت

ما يوصف بالخيال العلمي سينمائياً يصبح واقعياً في الكثير من المجالات، ومنها العسكري، فيتسبّب بآلامٍ ومآسٍ. هذا ما شهده لبنان المصدوم، الثلاثاء والأربعاء الماضيين، باستخدام…