فتحت الدّعوة، التي أطلقها مؤخراً الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لإعادة النظر بالتفاهم بين الحزب والتيار الوطني الحرّ، الباب واسعاً لإطلاق نقاشات مكثفة بين الأوساط القيادية وكوادر الطرفين حول النقاط التي ينبغي التطرّق إليها في أيّ تفاهم جديد، وكيفية مقاربة مختلف التطوّرات والملفات الداخلية والخارجية.
وبدأ في السنتين الأخيرتين ينتشر الحديث عن الحاجة لإعادة النظر بالتفاهم الثنائي، وذلك في أوساط التيار وفي أوساط الحزب، ولا سيما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وبروز بعض التباينات بين جمهوريهما، والخلافات حول مقاربة ملف الانتخابات، وبعض الملفات الداخلية كالفساد والإصلاح وتشكيل الحكومة.
لكنّ التطوّر المهمّ الأخير، والذي دفع النقاش إلى العلن وبشكل واسع حول ضرورة إعادة النظر بالتفاهم، كان انفجار مرفأ بيروت، وقبل ذلك الحراك الشعبي في السابع عشر من تشرين الأول من العام الماضي. فقد أدّت هذه التطوّرات إلى حصول نقاشات عديدة حول مستقبل العلاقة بين التيار والحزب، وكيفية معالجة الخلافات المستجدّة.
ينتشر الحديث عن الحاجة لإعادة النظر بالتفاهم الثنائي، وذلك في أوساط التيار وفي أوساط الحزب، ولا سيما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وبروز بعض التباينات بين جمهوريهما
تضمّن الخطاب الأخير الذي ألقاه رئيس التيار الوزير جبران باسيل في الثالث عشر من تشرين الأول الماضي (قبل العقوبات الأميركية) إشارات عديدة حول الخلافات مع الحزب، سواء حول مقاربة الملفات الداخلية أو الخارجية، أو بشأن دور الحزب خارج لبنان أو تشكيل الحكومة أو ملف الفساد أو التفاوض مع الكيان الصهيوني.
ومع أنّ فرض العقوبات الأميركية على الوزير باسيل وموقفه الرافض للابتعاد عن الحزب، وفكّ التحالف معه، قد لقي ارتياحاً كبيراً لدى قيادة الحزب وكوادره، عبّر عنه السيد نصر الله وبيانات الحزب وكتلة الوفاء للمقاومة، إلا أنّ ذلك لم يمنع من إعادة إطلاق الدعوة العلنية من أجل مراجعة التفاهم بينهما لمواجهة التحدّيات المختلفة.
وعلى ضوء ذلك، ترى مصادر قيادية في التيار أنّ هناك قضايا عديدة ينبغي النقاش والحوار حولها اليوم، ومنها دور التيار والحزب على المستوى الداخلي، والموقف من قيام مشروع الدولة، وكيفية مقاربة ملفات الفساد والإصلاح، ومستقبل النظام السياسي على ضوء تجربة السنوات الأخيرة. وكذلك الدعوات المختلفة لإقامة عقد سياسي جديد، والموقف من الدعوة لحياد أو تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة مع تغيّر المعطيات خلال السنوات العشرة الأخيرة، وحسم الموقف من التفاوض مع الكيان الصهيوني، ومستقبل العلاقة معه بوجود بعض التباينات بشأن ذلك.
في المقابل، فإنّ قيادات حزب الله ترفض طرح أيّ موضوعات علنية من أجل النقاش حولها مع التيار باستثناء ما أشار إليه الأمين للحزب السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير وبعض مواقفه السابقة بشأن بعض التباينات مع التيار حول مواجهة الفساد والموقف من الملفات الداخلية.
ترى مصادر قيادية في التيار أنّ هناك قضايا عديدة ينبغي النقاش والحوار حولها اليوم، ومنها دور التيار والحزب على المستوى الداخلي، والموقف من قيام مشروع الدولة، وكيفية مقاربة ملفات الفساد والإصلاح، ومستقبل النظام السياسي على ضوء تجربة السنوات الأخيرة
لكن في البيئات القريبة من الحزب، ولدى بعض الأوساط الإسلامية، تجري نقاشات موسّعة حول مستقبل العلاقة مع التيار وجدواها والخلافات القائمة بشأن الموقف من الدولة ودور الطرفين في السلطة وكيفية مقاربة التوزان الطائفي في الإدارات.
خلال لقاء حواري موسّع عقد قبل حوالي العام والنصف في كنيسة مار مخايل ضمّ قيادات التيار والحزب، وعدداً كبيراً من الكوادر الإسلامية وكوادر التيار، حصل نقاش موسّع وصريح بشأن القضايا الخلافية والحاجة لإعادة النظر بالعلاقة.
إقرأ أيضاً: نصر الله حذّر من “الحرب”… وأعاد النظر بـ”مار مخايل”
وعلى هذا، تحتاج كلّ من قيادتي التيار والحزب لوضع مسوّدة جديدة للتفاهم تتضمن عدة قضايا مهمة، ومنها: مستقبل الوضع في لبنان والمنطقة، معركة الفساد وبناء الدولة، الموقف من معركة رئاسة الجمهورية المقبلة، مستقبل التحالفات السياسية، الموقف من التفاوض مع الكيان الصهيوني ومستقبل العلاقة مع هذا الكيان، تقييم تجربة السنوات الأربع عشرة الماضية، وأداء الطرفين في السلطة، الاستراتيجية الدفاعية، ومستقبل سلاح المقاومة.
فهل ستتيح التطوّرات الداخلية والخارجية في الأسابيع المقبلة للطرفين إعادة النظر بالتفاهم بينهم؟ أم أنّ التطوّرات المتسارعة لن تعطي الطرفين الفرصة المناسبة للبحث في تفاهمات جديدة لأنها قد تطيح بكلّ واقع البلد وتضعها على شفير الانهيار التام؟