.. يصف أحد المقرّبين من دوائر القصر الجمهوري ما يحصل حالياً بانّه أشبه بما حصل في 13 تشرين الأول 1990 حين كان قصر بعبدا يتعرّض لقصف مكثّف من قوات الجيش السوري، بغطاء أميركي وعربي. وهو الآن عبر العقوبات بحقّ الوزير جبران باسيل، يتعرّض لقصف أميركي مباشر بدعم عربي.
ربطت رئاسة الجمهورية مصير البلاد والعباد، بما ستؤول إليه المواجهة التي أعلنها جبران باسيل بينه وبين الولايات المتحدة، مع إغفال، أنّ الإدارة الديمقراطية شريكة بهذه العقوبات وبقانون ماغنتسكي، بالنسبة نفسها مع الإدارة الجمهورية. لا بل هناك من يؤكد أنّ الديمقراطيين أشدّ حزماً في تطبيق القوانين دون هوامش للمساومة وإجراء التسويات.
على خلفية هذه المشهدية، تعيش الساحة اللبنانية مرحلة جمود بانتظار انقشاع القصف المستمرّ على قصر بعبدا، ومعرفة ما ستكون عليه نتائجه. لذا، لا حكومة في الوقت المنظور.
ربطت رئاسة الجمهورية مصير البلاد والعباد، بما ستؤول إليه المواجهة التي أعلنها جبران باسيل بينه وبين الولايات المتحدة، مع إغفال، أنّ الإدارة الديمقراطية شريكة بهذه العقوبات وبقانون ماغنتسكي، بالنسبة نفسها مع الإدارة الجمهورية
مرحلة الجمود ووفقاً لكافة المعطيات، ستكون أقسى من الانهيار الذي يعيشه اللبنانيون اقتصادياً ونقدياً واجتماعياً. فطبيعة الأحداث والتحوّلات خلطت ما بين الاستراتيجي واليومي، فباتت كلّ الأمور متداخلة. فتأمين المازوت لقرى البقاع وعكار وجبل لبنان على أبواب الثلج والبرد، مرتبط بإعادة فرز الأصوات الانتخابية في ولاية جورجيا الأميركية. فيما يبدو أنّ سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، يتحدّد وفقاً لحراك موكب سيارات الرئيس المكلّف سعد الحريري ما بين وادي أبو جميل حيث بيت الوسط، وما بين طريق دمشق الدولي حيث المفرق المؤدّي إلى قصر بعبدا.
السلطة اتخذت قرارين بالإقفال. الأول تمّ إعلانه، وهو إقفال البلد لمواجهة تفشّي فيروس كورونا. ومحاولة إراحة الجسم الطبي لتمكينه من التقاط أنفاسه بالمواجهة مع الوباء. أما القرار الثاني، فهو غير معلن وهو إقفال قنوات الاتصال أمام تشكيل الحكومة.
يبدو أنّ سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، يتحدّد وفقاً لحراك موكب سيارات الرئيس المكلّف سعد الحريري ما بين وادي أبو جميل حيث بيت الوسط، وما بين طريق دمشق الدولي حيث المفرق المؤدّي إلى قصر بعبدا
ما يميّز قصف قصر بعبدا في 13 تشرين الأول عام 1990، عن القصف الحالي للقصر وفقاً لتوصيف المقرّبين، أنّه في 1990، كان الداخل والخارج مؤيداً لهذا القصف، وكان العماد ميشال عون وحيداً معزولاً بالمواجهة. أما اليوم، فإنّ القصر وسيّده وصهره ليسوا وحدهم، بل حزب الله مؤيد ومساند لهما. بالمقابل، ولئن كان الرئيس سليم الحص في حينه رئيساً لحكومة تحظى بتأييد داخلي وخارجي ملحوظ، يبدو أنّ الرئيس المكلّف، وفقاً للسلوك الذي خيطت به مسألة تشكيل الحكومة، لا يحظى بتأييد داخلي وخارجي، خصوصاً التأييد الفرنسي المتمسّك بشروط مبادرته التي تلاشت في هذا السلوك.
لقد راهن الرئيس سعد الحريري على الانتخابات الأميركية لتشكيل حكومته، وهو المدرك أنّ التكليف يؤمّنه الفرنسي، لكنّ التشكيل بحاجة وجودية للأميركي. وهنا يرتسم السؤال المفصلي بشقين: متى، وكيف يمكن تأمين الدعم الأميركي للتشكيل؟!
إقرأ أيضاً: حكومة الصقور والريموت كونترول
الإجابة عن متى، سهلة نسبياً. ومن المؤكد أنّه ليس قبل أشهر عديدة، ربما هي ستة. أما الاجابة عن كيف، فالأمر دونه تعقيدات كثيرة، تبدأ من الناقورة حيث طاولة المفاوضات على ترسيم الحدود مع إسرائيل، مروراً بالإصلاحات، ومحاربة الفساد، وانتهاء بدور حزب الله في السلطة المنشودة.
في 13 تشرين الأول عام 1990، انتهت العملية العسكرية بلجوء العماد عون إلى السفارة الفرنسية. وكما يبدو فإنّ دور اللجوء اليوم إلى خارج الحدود هو للشعب اللبناني، الباحث عن تأشيرة دخول يضعها على جواز سفره لعلّه يجد وطناً جديداً لأحلامه وطموحاته.