الحزب يستبدل “مار مخايل” بـ”محمد الأمين”

مدة القراءة 3 د


من العام 2005 حتى العام 2020، حُكم لبنان من قبل حزب الله والتيار العوني، عبر اتفاق مار مخايل. وشُكِّلت الحكومات، ووضعت القوانين، وعلى رأسها قانون الانتخاب، وفقاً لهذا الاتفاق الذي فرض هيمنته على كلّ المفاصل في الحياة السياسية النيابية، فأنتج رئيساً للجمهورية، هو العماد ميشال عون، وأكثرية نيابية، استولدت بقانون للانتخابات، سمّاه وزير الداخلية في حينه النائب نهاد المشنوق “قانون قابيل وهابيل، حيث يطعن الأخُ أخاه”، لا بل أكثر من ذلك، فقد صوّت الوزير المشنوق، المعنيّ الأول بالعملية الانتخابية في الحكومة حينها، ضدّه في مجلس الوزراء، ومن ثَمّ في مجلس النواب.

بعد خمس عشرة سنة، يدرك حزب الله، أنّ مدة صلاحية اتفاق مار مخايل وصلت إلى نهايتها. لا بل بدأت دوائر الحزب تتمتم فيما بينها بأنّ الاتفاق المذكور بات يشكّل عبئاً، وتحوّل من غُنْم وإضافة إيجابية للحزب، إلى غُرْمٍ وتهديد جدّي لمصالح الحزب، وتحديداً الاستراتيجية.

بالتوازي مع القناعة التي تتمدّد يوماً بعد يوم في الأوساط القيادية للحزب، هناك قناعة تسير بشكل متوازٍ مع القناعة الأولى وهي أنّ الحزب بحاجة إلى شريك في الداخل لمنع قيام جبهة وطنية لبنانية موحّدة بمواجهته.

بعد خمس عشرة سنة، يدرك حزب الله، أنّ مدة صلاحية اتفاق مار مخايل وصلت إلى نهايتها. لا بل بدأت دوائر الحزب تتمتم فيما بينها بأنّ الاتفاق المذكور بات يشكّل عبئاً

تنقل بعض الأوساط السُنيّة الاجتماعية والدينية، من بينها لجان مساجد وجمعيات، وتحديداً في العاصمة بيروت، أنّ اتصالات حصلت معها من قبل مسؤولين في الحزب طالبة عقد لقاءات وحوارات تحت شعار “التعاون والتنسيق”، مع العلم أنّ هذه الأوساط لم يتواصل معها الحزب على كافة المستويات منذ سنوات طويلة، حتّى بعد احتلال ميليشيا الحزب لبيروت في 7 أيار 2008.

يخرج حزب الله من “اتفاق مار مخايل” مع التيار الوطني الحرّ بهدوء وبصمت ودون استفزاز، ليدخل بشكل سرّي إلى “اتفاق مسجد محمد الأمين”*. ما يميّز الاتفاق الأول عن الاتفاق الثاني أنّ طرفي الاتفاق الأول دخلا من الباب الرئيسي لكنيسة مار مخايل بحضور وسائل الإعلام ووقّعا على التفاهم باحتفالية مشهودة، فيما طرفا الاتفاق الثاني دخلا الى مسجد محمد الأمين بعد انتهاء الصلوات الخمس من الباب الخلفي للمسجد دون ضجيج وبعيداً عن الإعلام…

تنقل بعض الأوساط السُنيّة الاجتماعية والدينية، من بينها لجان مساجد وجمعيات، وتحديداً في العاصمة بيروت، أنّ اتصالات حصلت معها من قبل مسؤولين في الحزب طالبة عقد لقاءات وحوارات تحت شعار “التعاون والتنسيق”

هناك قناعة راسخة عند الرئيس الحريري، والأمر ليس تحليلاً ولا رأياً فردياً، بل معلومة سمعها أكثر من موفد خارجي وداخلي، وتقول هذه القناعة إنّ محور الممانعة الذي تقوده إيران في المنطقة لن يُهزم, وإذا كان هناك من تسوية أميركية – إيرانية فقد تأخذ سنوات لا يستطيع لبنان إنكارها، وهناك قناعة عند حزب الله أنّه لا وجود لشخصية سنية قادرة على تأمين غطاء له في المرحلة المقبلة غير مشاغبة أفضل من الرئيس سعد الحريري.

إقرأ أيضاً: معاوية وأبو العباس على جسر البربير

لقد أنتج تفاهم مار مخايل رئيساً للجمهورية، وأكثرية نيابية، وتنمّراً سياسياً للتيار الوطني الحرّ على كلّ المكوّنات السياسية واللبنانية بمن فيها الرئيس نبيه بري أحد طرفي الثنائية الشيعية. أما تفاهم “مسجد محمد الأمين”، فسينتج حكومة ليست فقط إنقاذية لستة أشهر، بل حكومة تشرف على الانتخابات النيابية، وعلى الانتخابات الرئاسية، والأهم على اتفاق الترسيم مع إسرائيل (الكيان المحتلّ سابقاً).

 

*مصطلح مُتخيل

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…