يعتقد البعض أو يحاول الاعتقاد أنّ الرئيس ميشال عون يبدي ضعفاً متمادياً أمام الوزير السابق جبران باسيل منذ أن بدأ اسم صهره الطموح يظهر في المجال العام.
هذا خطأ فادح في فهم العلاقة بين الرجلين. الحال الواقع أنهما شريكان. الرئيس عون هو أيضاً رئيس التيار العوني، وباسيل هو أيضاً رئيس الجمهورية.
إقرأ أيضاً: عون للسنّة والشّيعة: “قوموا بوسوا تيريز”
عندما يختلف باسيل مع أيّ سياسي، حتّى لو كان مرشحاً لتكليفه برئاسة الحكومة بغالبية نيابية مريحة، كما هي حال الرئيس سعد الحريري، فإنّ هذا السياسي يختلف مع رئيس الجمهورية.
لا يهمّ أن يكون مَن يغضب عليه باسيل الزعيم الأوّل عند اللبنانيين السُنّة أو لا. فبصفته الضمنية رئيساً للجمهورية، والعلنية رئيساً لأكبر تكتل في البرلمان، يرى إلى نفسه في موقع الأعلى والأقدر على توزيع المسؤوليات والمناصب والأحجام في المملكة ذات النظام البرلماني التي وقعت في قبضته. يستحيل تالياً أن يحصل مرشح لرئاسة الحكومة على توقيع رئيس الجمهورية بتكليفه بعد استشارات نيابية ملزمة كما ينصّ الدستور، إلا إذا حصل على موافقة شريك الرئيس في الرئاسة وتأييده.
قد يكون مصطلح الرئيسين مجاوزاً للدقة. الأصحّ: الرئيس الواحد، الذي يريد أن يقول للبنانيين كافة، وإن كانوا يئنّون من الجوع: “هذا هو صهري الحبيب الذي به سُررت”، بينما يتابع باسيل تثبيت فكرة أنّه وعون واحد
هذا ما يبدو أنّ الرئيس الحريري ومن حوله لم يفهموه جيداً بعد. وإن كانوا في ظروف ومناسبات سابقة تصرّفوا بوحيه، وفي ظنهم أنّ إرضاء الصهر يمكّنهم من إرساء علاقة ثابتة ومباشرة بالرئيس.
قبله وقع في سوء الفهم نفسه رئيس “القوات” سمير جعجع. على مدار الأيام كان وزراؤه ونوابه وإعلام حزبه يردّدون أنّ الخلاف مع جبران الذي لم يحترم توقيعه على “اتفاق معراب” الذي يضمن حصة وازنة لـ “القوات” في مواقع الدولة، وليس مع رئيس الجمهورية، إلى أن خرجوا من نعيم سلطة ظلّ على رأسها عملياً الشريك – الحلم جبران بالنسبة إليهم. “صديقي جبران” بالنسبة إلى الحريري الذي تبيّن له أنها صداقة من طرف واحد، خصوصاً عندما يوزّع الرئيس المرشح للعودة إلى السرايا حصصاً في الحكومة العتيدة على الثنائي الشيعي وعلى صديقه اللدود رئيس “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ويستثني باسيل، متكّلاً على حسّ المسؤولية عند الرئيس في بعبدا.
الحريري الذي يوحي بسلوكه أنّه في مواجهة مُربحة له تحت شعار الدستور والطائف وكرامة الطائفة، فإنه يُسقط عملياً المبادرة الرئاسية الفرنسية التي ينادي بتطبيقها مدى ستة أشهر من خلال توافقه مع الثنائي الشيعي على وزارة المال والوزراء الشيعة
كأن الحريري ومَن حوله نسَوا أنّ التعطيل والعرقلة فنّ قائم بذاته، يبعث البهجة عند الرئيسين عندما يمارسانه بلا تردّد لقهر الناس والبلد والخصوم، وكلما ارتأيا أنه يخدم مصلحة الرئيسين الشريكين في بعبدا.
وقد يكون مصطلح الرئيسين مجاوزاً للدقة. الأصحّ: الرئيس الواحد، الذي يريد أن يقول للبنانيين كافة، وإن كانوا يئنّون من الجوع: “هذا هو صهري الحبيب الذي به سُررت”، بينما يتابع باسيل تثبيت فكرة أنّه وعون واحد.
أما الحريري الذي يوحي بسلوكه أنّه في مواجهة مُربحة له تحت شعار الدستور والطائف وكرامة الطائفة، فإنه يُسقط عملياً المبادرة الرئاسية الفرنسية التي ينادي بتطبيقها مدى ستة أشهر من خلال توافقه مع الثنائي الشيعي على وزارة المال والوزراء الشيعة، ومع جنبلاط على الحصة الدرزية. فيترك بذلك لجبران أن يصيح “شو وِقفت عليّي؟”.
وعند ذلك ما جدوى الحكومة العتيدة للبنانيين العالقين في جهنم العهد ذي الرأسين؟