قدّر الله ولطف بنا أنا وأم زهير وحمّانا (مدري فالوغا) من انفجار الطريق الجديدة قبل أيام، إذ اقتصر الخراب في منزلنا الملاصق للمبنى المتضرّر، على بعض الماديات وعلى نرجيلتين، واحدة معسّل تفاحتين وأخرى عجمي “نكهة”.
إقرأ أيضاً: زهق “المعلم”.. شو بدو يعمل هون
كنت أنا وأم زهير في زيارة خارج المنطقة حينما شاهدنا الخبر العاجل لدى مضيفينا على شاشة التلفزيون، فهرعنا إلى البيت وحصل ما حصل. للوهلة الأولى لم نصدّق أنّ هذا الدمار الكبير الذي حلّ في حيّنا سببه خزّان مازوت. ولا حتى بنزين قادر على إحداث دمار من هذا الصنف، خصوصاً إن كانت الكمية عبارة عن خزّان، لكن يبدو أنّ جارنا العزيز ابن سوبرة إياه، مالك المستودع (سامحه الله)، كان يخطّط لإنشاء محطة وقود من دون علم أحد من سكّان الحيّ، واستباق المقبل من الأيام مع قرب وقف الدعم.
بلا طول سيرة، أكلت أم زهير رعبة “من كعب الدست”، لكنّها فرحت وعزّاها خبر زيارة الشيخ سعد الحريري الحيّ لتفقّد الأضرار والوقوف على خاطر أهله وناسه في قلعة “تيار المستقبل” الطريق الجديدة، فعمّرت منذ الصباح الباكرة نفس أرجيل عجمي أصفهاني أصلي (هذا الشيء الوحيد المفيد في إيران) وتسمّرت على البالكون المنكوب و”المشحبر”، تنتظر إشراق وجه الشيخ سعد من مفرق الحيّ، لكن بعد ساعات ذاع خبر آخر على مواقع التواصل أفاد بإلغاء الزيارة “لدواعٍ أمنية” حسبما تردّد.
أكلت أم زهير رعبة “من كعب الدست”، لكنّها فرحت وعزّاها خبر زيارة الشيخ سعد الحريري الحيّ لتفقّد الأضرار والوقوف على خاطر أهله وناسه في قلعة “تيار المستقبل” الطريق الجديدة
تعكّر مزاج أم زهير و”اشتغل النقّ”: ليش ما بدو يجي الشيخ سعد يا أبا زهير؟ وشفلي شو يعني دواعي أمنية يا أبا زهير؟ ووين في خطر أمني بالطريق الجديدة يا أبا زهير؟ وانا مشتاقطلو للغالي ابن الغالي يا أبا زهير… وكلام عاطفي مماثل يصدر من أيّ مناصر في حبّ زعيمه.
رحت أسرد على مسامعها قصصاً مواسية من صنف: الغايب حجتو معو يا مرا… وفي أمور أهم الشيخ سعد عم يعالجها… وإلى ما هنالك من سوالف مشابهة، علّها تعتقني وتعفيني من النق. فماذا أخبرها؟ هل أقول لها إن من السخرية أن يخاف وليد جنبلاط من زيارة المختارة؟ أو يهزأ الناس من الرئيس نبيه بري حين يتوجّس من زيارة تبنين؟ تخيّلني مثلاً أخبرها أنّ سمير جعجع عاجز عن زيارة بشرّي أو سليمان فرنجية غير قادر على زيارة زغرتا!
خلدت أم زهير إلى فراشها “مسموم بدنها” تريد مشاهدة الشيخ سعد ولم يُكتب لها هذا الفخر، لكن المفاجأة كانت في الصباح حين أخبرتها جارتنا أم زكور أنّ الشيخ سعد حضر أمس الأحد في الصباح الباكر، وعاد أدراجه إلى بيت الوسط. فعدنا مجدداً إلى مسلسل النق حيث اعتصمت أم زهير طوال النهار على البالكون نفسه وراحت تنفخ أرجيلتها متمتمة أغنية شادية: “قولوا لعين الشمس ما تحماشِ… لأحسن حريري ده لي صابح ماشي”.
*هذا المقال من نسج خيال الكاتب