من يوقف تنمّر زياد شبيب على جمال عيتاني؟

2020-03-25

من يوقف تنمّر زياد شبيب على جمال عيتاني؟


 يروي رئيس بلدية بيروت السابق الدكتور بلال حمد أنه في العام 2014، خاطب المحافظ زياد شبيب بورقة رسمية معتمدة منذ عهد رئيس البلدية شفيق السردوك مطبوع أعلاها: “رئيس بلدية بيروت”، ليتفاجأ بردّ المحافظ بواسطة كتاب رسمي يتهمه بـ”انتحال صفة رئيس بلدية بيروت”، فيما هو، كما يرى شبيب، “رئيس المجلس البلدي لبيروت” وليس “رئيس البلدية”.

حكاية الخلاف والاختلاف بين محافظ بيروت ورئيس بلديتها ليس بالطارئ أو الجديد، بخاصة أنّ الاستثناء في القانون البلدي بالنسبة لبيروت يبدو كما لو أنّه وُضع لأجل صناعة هذا الاختلاف، الذي ما كانت تداعياته يوماً إلاّ على حساب مصالح بيروت وأهلها.

إقرأ أيضاً: جمال عيتاني متى ستكون رئيساً لبلدية بيروت؟!

في زمن الكورونا، حيث ينشغل اللبنانيون بهموم الوباء، وما يُشكّله من خطر على أهلهم وأحبائهم، وعلى قاعدة “الناس بالناس والقطة بالنفاس”، وفي عودة إلى حكاية “إبريق الزيت”، تنشغل البلدية والمحافظة بالتنازع حول الصلاحيات.

المجلس البلدي برئاسة جمال عيتاني تبرّع بـ750 مليون ليرة لصالح مستشفى رفيق الحريري الجامعي من خارج الموازنة ومن دون وجود اعتمادات، وصولاً إلى قرار توزيع حصص غذائية على الفقراء من أبناء العاصمة، وما رافقها من إشكالات  في المناقصة والمحظيين فيها وانتهاءً إلى عدم قانونية الكثير من الإجراءات.

من جهته، المحافظ القاضي زياد شبيب يتحرّك كما لو أنّ المجلس البلدي غير موجود، إن عبر قبول الهبة الإماراتية في تعقيم المرافق العامة في بيروت، والتي لم تمرّ في المجلس البلدي، كما ينصّ القانون، أو عبر البيانات التي تتحدّث عن الإجراءات المتبعة في بيروت لمواجهة الكورونا، والتي تستند على عبارتين: الأولى، “بطلب من وزير الداخلية”، والثانية، “بتوجيه من المحافظ”. فيما المجلس البلدي وكأنّه “نسياً منسيا”؟!

المواجهة بين شبيب وعيتاني تطوّرت لتصل إلى مرحلة المكائد الفضائحية. البداية، جاءت مع هجمة إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي على جمال عيتاني إتّهمته بـ”رفض التبرّع للصليب الأحمر لأسباب طائفية”، مع العلم أنّ جمال عيتاني يُنتقد في طائفته بسبب موافقته على المناصفة بالوظائف، والتقديمات، خلافاً للقانون الذي لا يلحظ المناصفة في وظائف الفئة الرابعة والثالثة. كما أنّ العدالة لا تقول بالمناصفة بالمساعدات بين 75% من سكان العاصمة مقابل 25%، وبالتالي فإنّ هذه التهمة “لا تلبسه”.

العلاقة بين شبيب وعيتاني لم تكن يوماً جيدة. لكنّها كانت مضبوطة نوعاً ما في المرحلة السابقة، إلاّ أنّها تدهورت مع استقالة الرئيس سعد الحريري

الردّ على هذه الحملة جاء سريعاً عبر مقال مجهول المصدر، وُزِع على مواقع التواصل الاجتماعي، يتهم شبيب بمخالفته القانون، ومصادرة صلاحيات المجلس البلدي، وإلغاء منصب رئيس المجلس على خلفية طائفية أيضاً، إذ جاء في البيان: “إستنكرت مصادر البلدية إقدام المحافظ زياد شبيب على تشكيل لجان من أعضاء المجلس البلدي لمتابعة بعض الشؤون المتعلّقة بالحماية من انتشار وباء الكورونا. وهذه سابقة في تاريخ بلدية بيروت لم يُقدم عليها أيّ محافظ ولم يسمح بها أيّ مجلس بلدي سابق. فصلاحية تشكيل لجان من أعضاء المجلس هي حصراً صلاحية المجلس البلدي، وهو السلطة المنتخبة لمتابعة شؤون المدينة، وهو الذي يبلّغ المحافظ بقراره، ويطلب منه تسهيل عمل هذه اللجان. المجلس هو الذي يتّخذ القرارات ويطلب من السلطة التنفيذية التي يرأسها المحافظ التنفيذ”.

ويسأل البيان: “متى كانت السلطة التنفيذية تعيّن لجاناً من السلطة التقريرية؟ لقد سها عن البعض في هذا الزمن حجم مسؤولياتهم وطبيعة صلاحياتهم”. وطلبت هذه المصادر من رئيس البلدية المنتخب “دعوة المجلس بشكلٍ طارىء لرفض قرار المحافظ واعتباره اعتداءً غير مسبوق على صلاحية المجلس، وليشكّل المجلس اللجان المطلوبة لمواكبة الأزمة. حمى الله بيروت والبيارتة”.

العلاقة بين شبيب وعيتاني لم تكن يوماً جيدة. لكنّها كانت مضبوطة نوعاً ما في المرحلة السابقة، إلاّ أنّها تدهورت مع استقالة الرئيس سعد الحريري، ما جعل البعض يظن أنّه تحرّر في موقعه.

الدكتور بلال حمد قال لـ”أساس” إنّ “المحافظ في بيروت، ووفقاً للقانون، ليس سلطة وصاية ولا سلطة رقابة، هو سلطة تنفيذية مهمتها تنفيذ قرارات المجلس البلدي، التي هي قرارات نافذة بحدّ ذاتها، إلا ما يحتاج منها إلى تصديق سلطة الوصاية متمثّلة بوزارة الداخلية”.

وأضاف حمد: “المجلس البلدي في بيروت هو سلطة الرقابة على السلطة التنفيذية، ويقدّم تقارير مباشرة إلى وزارة الداخلية، ومحافظ بيروت هو كبير الموظفين في البلدية. أمّا رئيس البلدية وأعضاء المجلس فهم منتخبون من قبل أهل بيروت”.

على خلفية كلّ هذا، من يوقف حالة التنمّر الحاصلة بين المحافظ شبيب وبين رئيس البلدية جمال عيتاني؟ وما هي مسؤولية نواب العاصمة؟ وهل صمتهم مقبول؟ وأين وزير الداخلية محمد فهمي من كلّ ما يحصل؟

بانتظار الفرج، لا يبدو أنّ أهل بيروت والقاطنون فيها مستعدون للتلهّي بصراع الرجلين على “النفاس” طالما المنتظر من هذا النفاس “طحل”.

أذكر هنا أنّ سائق سيارة أجرة “تاكسي” بيروتي، إتصل بي شاكياً: “يا أستاذ، كلّ اللبنانيين بفيروس واحد إلاّ البيارتة بفيروسين”.

 

هامش:

** البلدية لن تكون قادرة على توزيع الحصص الغذائية قبل أسابيع طويلة، بانتظار حصول مناقصة جديدة في سياق روتين إداري يحتاج لوقت طويل. 

** رشّ المبيدات في الطرقات وتصوير الشاحنة وهي تقوم بذلك مع تشبيهها بما يحصل بالصين استعراض إعلامي لا أكثر، إذ يؤكّد أهل الاختصاص أن لا فائدة لها بمواجهة الفيروس.

مواضيع ذات صلة

ماذا أرادَ نتنياهو من عمليّة “البيجر”؟

دخلَت المواجهة المُستمرّة بين الحزب وإسرائيل منعطفاً هو الأخطر في تاريخ المواجهات بين الجانبَيْن بعد ما عُرِفَ بـ”مجزرة البيجر”. فقد جاءَت العمليّة الأمنيّة التي تخطّى…

ما بعد 17 أيلول: المدنيّون في مرمى الحزب؟

دقائق قليلة من التفجيرات المتزامنة في مناطق الضاحية والجنوب والبقاع على مدى يومين شكّلت منعطفاً أساسياً ليس فقط في مسار حرب إسناد غزة بل في تاريخ الصراع…

ألغام تُزَنّر الحكومة: التّمديد في المجلس أم السراي؟

ثلاثة ألغام تُزنّر الحكومة و”تدفشها” أكثر باتّجاه فتح جبهات مع الناقمين على أدائها وسط ورشتها المفتوحة لإقرار الموازنة: 1- ملفّ تعليم السوريين المقيمين بشكل غير…

الكويت والعراق.. “طاح الحطب” شعبيّاً

ليل السبت 7 أيلول الحالي، عبَرَت سيارة عراقية الحدود مع الكويت آتية عبر البصرة في جنوب بلاد الرافدين، لتطوي 34 سنة من المنع منذ قام…